2522
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
من صفحة 343- 412
مسير الإفرنج إلى القدس:
ولما قدم صلاح الدين إلى القدس، وكان قد بلغه مهلك تقي الدين عمر ابن أخيه شاهنشاه، وأن إبنه ناصر الدين استولى على أعماله بالجزيرة وهي: حران والرها وسميساط وميافارقين وجان وبعث إلى صلاح الدين يسأل إبقاءها في يده مضافة إلى ما كان لأبيه من الأعمال بالشام فاستقصره صلاح الدين لصغره. وطلب منه إبنه الأفضل أن يعطيها له وينزل عن دمشق فأجابه إلى ذلك، وأمره أن يسير إليها. وكاتب ملوك البلاد الشرقية بالموصل وسنجار والجزيرة واربل وسار لإنجاده بالعساكر. وعلم ناصر الدين أنه لا قبل له بذلك فبعث للملك العادل يستشفع له عند صلاح الدين على أن يبقى بيده له ما كان لأبيه بالشام فقط، وينزل عن بلاد الجزيرة فأقطعها صلاح الدين أخاه الملك العادل وبعثه يتسلمها ويرد إبنه الأفضل فلحق
بالأفضل بحلب وأعاده وعبر الفرات وتسلم البلاد من ناصرالدين بن تقي الدين وأنزل بها عماله. واستصحبه وساير العساكر الجزرية إلى صلاح الدين بالقدس.ولما بلغ الإفرنج أنّ صلاح الدين بعث إبنه الأفضل وأخاه العادل وفرّق العساكر عليهما، ولم يبق معه بالقدس إلا بعض الخاصة فطمعوا فيه وأغاروا على عسكر مصر وهو قاصد إليه ومقدمهم سليمان أخو العادل لأمه فأخذوه بنواحي الخليل وقتلوا وغنموا ونجا ففهم إلى جبل الخليل. وساروا إلى الداروم فخربوه ثم ساروا إلى القدس وانتهوا إلى بيت قوجة على فرسخين من القدس تاسع جمادي الأولى من سنة ثمان وثمانين. واستعدّ صلاح الدين للحصار، وفرّق أبراج السور على أمرائه، وسلط السرايا والبعوث عليهم فرأوا ما لا قبل لهم به فتأخروا عن منازلتهم بيافا. وأصبحت بقولهم وميرتهم غنائم للمسلمين وبلغهم أن العساكر الشرقية التي مع العادل والأفضل عادت إلى دمشق فعادوا إلى عكا وعزموا على محاصرة بيروت فأمر صلاح الدين إبنه الأفضل أن يسير في العساكر الشرقية إليها فسار وانتهى إلى مرج العيون، فلم يبرح الإفرنج من عكا.وإجتمع عند صلاح الدين خلال ذلك العساكر من حلب وغيرها فسار إلى يافا فحاصرها، وملكها عنوة في العاشر من رجب من السنة. ثم حاصر القلعة بقية يومه، وأشرفوا على فتحها. وكانوا ينتظرون المدد من عكا فشغلوا المسلمين بطلب الأمان إلى الغد فأجابوهم إليه وجاءهم ملك إنكلطيرة ليلا وتبعه مدد عكا. وبرز من الغد فلم يتقدّم إليه أحد من المسلمين. ثم نزل بين السماطين وجلس للأكل، وأمر صلاح الدين بالحملة عليهم فتقدم أخ المشطوب، وكان يلقب بالجناح، وقال لصلاح الدين: نحن نتقدّم للقتال ومماليكك للغنيمة فغضب صلاح الدين وعاد عن الإفرنج إلى خيامه حتى جاء إبنه الأفضل وأخوه العادل فرحل إلى الرملة ينتظر مآل أمره مع الإفرنج وأقاموا بيافا والله تعالى أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق