6
اليهود وخرافاتهم حول أنبيائهم والقدس
وكان والدي رحمه الله تاجر أقمشة 5، وقد حصر حكام الانتداب البريطاني استيراد الأقمشة الأوروبية باليهود ولا
سيما يهود القدس القدامى الذين يتكّلمون العربية، وكان أكثر الأقمشة الأوروبية التي كان ملزمًا بشرائها من البفت
الأبيض والياباني البيج والكتان المقّلم المسمى بالدرل والمالطي ذي اللون البيج وهو أثقل من الياباني، وكنت في أثناء
العطلة الجامعية يكّلفني والدي بالمرور حين سفري للقدس على أكثر التجار تعام ً لا معه واسمه روفائيل ستون، وكان
محّله في سو ٍ ق لليهود له ساحة بجانب كنيسة القيامة، فأوصيه على أنواع من الأقمشة لترسل إلى والدي بنابلس،
وكنت أخوض معه في أحاديث متعددة عن اليهود، وما ورد في تلمودهم مما يعلمه، وعن القدس وتطّلعاتهم
المستقبلية كيهود، فكان مما كان يؤكده لي أنه ستقوم لليهود دولة، وستقوى، ولكنها لا تدوم وتزول على أيدي
المسلمين فكنت أستبعد قيام دولة لهم، وأستغرب أن يقول لي إنها لا تبقى أكثر من سبعين سنة، وهي كما يقول من
التنبؤات الصحيحة عندهم في التلمود.
وكان يتردد على والدي حبران من أحبار السامرية في نابلس هما الكاهن عمران وأخوه الكاهن صدقة (ولا يزال
الكثيرون من أهل نابلس يذكروهما) فكنت أطلع على كثير من كتبهم باللغة العربية 6، وأسمع منهم من أخبارهم
الشيء الكثير عن ما يردون به على افتراءات اليهود، وكانوا يؤ ّ كدون اعتقادهم بأن أغلب التوراة من وضع اليهود
. وليست كتابًا مقدسًا 7
ونشْأت وأنا مشغول الذهن بهذه الأقاويل، وفي نفسي شيءٌ يجول عن حقيقة علاقة اليهود بالقدس وفلسطين، وعما
كنت أسمع عنهم، وعما كنت أقرأ في القرآن عن أنبيائهم، حتى أنني مرًة ذهبت مع والدي إلى مدينة الخليل للوفاء
بنذر من ذبح خروف عند سيدنا إبراهيم عليه السلام لفقراء الخليل، فلما زرنا قبر إبراهيم عليه السلام رأيت قبره
وقبر ي ابنيه إسحاق ويعقوب وبجانب كل منهم قبر زوجته، وقال لنا مضيفنا صديق والدي من عائلة أبو عصب من
الخليل: أن سيدنا إبراهيم ومن معه مدفونون في مغارة على عمق سبعين مترًا تحت المسجد، فقلت في نفسي ألم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4 - لما ص رت فيما بعد وزيرًا لوزارة الأوقاف في وزارة دولة السيد زيد الرفاعي، ما بين 1973 إلى 1976 عمرت دائرة الأوقاف في القدس هذا السوق، وقد
رصدت في موازنة الأوقاف تكاليف تعميره، وُأجرت دكاكينه وأصبح عامرًا، وذلك حين كانت الضفة الغربية من فلسطين جزءًا من المملكة الأردنية وهي محتلة
من "إسرائيل" قبل قرار الفصل وجعلها تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
5 - هو المرحوم الحاج محمد عزت الخياط، كان تاجر أقمشة في خان التجار أهم سو ٍ ق تجاري في مدينة نابلس آنذاك وقد ذكرته الكاتبة الأمريكية العربية الأصل
نعومي شهاب ووالدها عزيز شهاب من قرية سنجل إحدى قرى فلسطين التابعة للواء القدس فقالت عنه في كتابها نكهة فلسطين الذي صدر باللغة الإنجليزية
. وترجم إلى العربية (إنه تاجر تقي صادق) ص 53
6 - مما يذكر أنني تعّلمت اللغة العبرية الحديثة على يد خليل السامري أحد مو ّ ظفي الطائفة السامرية في محكمة الصلح التي يرأسها قا ٍ ض إنجليزي في أثناء فترة
الانتداب الإنجليزي على فلسطين.
7 - أكرر أ ّ ن الطائفة السامرية لا تؤمن إلا بالأسفار الأربعة الأولى من التوراة وأنم يعتقون أ ّن الأسفار الباقية من وضع اليهود كما ذكرنا سابقًا
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق