إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 24 فبراير 2015

3404 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) من تاريخ العلامة ابن خلدون المجلد السابع من صفحة 503 تاريخ ابن خلدون ثم إن هذه السبعة الأقاليم المعمورة، تنقسم من شرقيها وغربيها بنصفين:


3404

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
  
من تاريخ العلامة ابن خلدون
   
المجلد السابع

من صفحة 503

تاريخ ابن خلدون


ثم إن هذه السبعة الأقاليم المعمورة، تنقسم من شرقيها وغربيها بنصفين: 

فنصفها الغربي في وسطه البحر الرومي، وفي النصف الشرقي من جانبه الجنوبي البحر الهندي، وكان هذا النصف الغربي أقل عمارة من النصف الشرقي، لأن البحر الرومي المتوسط فيه، انفسح في انسياحه، فغمر الكثير من أرضه. والجانب الجنوبي منه قليل العمارة لشدة الحر؛ فالعمران فيه من جانب الشمال فقط، والنصف الشرقي عمرانه أكثر بكثير، لأنه لا بحر في وسطه يزاحم. وجانبه الجنوبي فيه البحر الهندي، وهو متسع جدا؛ فلطف الهواء فيه بمجاورة الماء، وعذل مزاجه للتكوين؛ فصارت أقاليمه كلها قابلة للعمارة؛ فكثر عمرانه. وكان مبدأ هذا العمران في العالم، من لدن آدم صلوات الله عليه، وتناسل ولده أولا في ذلك النصف الشرقي، وبادت تلك الأمم ما بينه وبين نوح، ولم نعلم شيئا من أخبارها، لأن الكتب الإلهية لم يرد علينا فيها إلا أخبار نوح وبنيه؛ وأما ما قبل نوح فلم نعرف شيئا من أخباره؛ وأقدم الكتب المنزلة المتداولة بين أيدينا التوراة، وليس فيها من أخبار تلك الأجيال شيء، ولا سبيل إلى اتصال الأخبار القديمة إلا بالوحي؛ وأما الأخبار فهي تدرس بدروس أهلها.

واتفق النسابون على أن النسل كله منحصر في بني نوح، وفي ثلاثة من ولده، وهم

سام، وحام، ويافث؛ فمن سام: العرب، والعبرانيون، والسبائيون؛ ومن حام: القبط، والكنعانيون، والبربر، والسودان؛ ومن يافث: الترك، والروم.، والخزر، والفرس، والديلم؛ والجيل.

ولا أدري كيف صح انحصار النسب في هؤلاء الثلاثة عند النسابين؛ أمن النقل؛وهو بعيد كما قدمناه، او هو رأي تفرع لهم من انقسام جماعة المعمور؛ فجعلوا شعوب كل جهة لأهل نسب واحد يشتركون فيه؛ فجعلوا الجنوب لبني لمسام، والمغرب لبني حام، والشمال لبني يافث. إلا أنه المتناقل بين النسابة في العالم، كما قلناه، فلنعتمده ونقول: أول من ملك الأرض من نسل نوح عليه السلام، النمرود بن كنعان بن كوش، بن حام ووقع ذكره في التوراة. وملك بعده عابر بن شالخ الذي ينسب إليه 



العبرانيون، والسريانيون، وهم النبط؛ وكانت لهم الدولة العظيمة، وهم ملوك بابل، من نبيط بن اشور بن سام، وقيل نبيط بن ماش بن إرم؛ وهم ملوك الأرض بعد الطوفان على ما قاله المسعودي. وغلبهم الفرس على بابل، وما كان في أيديهم من الأرض، وكانت يومئذ في العالم دولتان عظيمتان، لملوك بابل هؤلاء، وللقبط بمصر: هذه في المغرب، والأخرى في المشرق؛ وكانوا ينتحلون الأعمال السحرئة، ويعولون عليها في كثير من أعمالهم، وبرابي مصر، وفلاحة ابن وحشية، يشهدان بذلك. فلما غلب الفرس على بابل، استقل لهم ملك المشرق، وجاء موسى- صلوات الله عليه- بالشريعة الأولية، وحرم السحر وطرقه، وغلب الله له القبط بإغراق فرعون وقومه؛ ثم ملك بنو إسرائيل الشام، واختطوا بيت المقدس، وظهر الروم في ناحية الشمال والمغرب، فغلبوا الفرس الأولى على ملكهم. وملك ذو القرنين الإسكندر ما كان بأيديهم، ثم صار ملك الفرس بالمشرق إلى ملوكهم الساسانية، وملك بني يونان بالشام والمغرب إلى القياصرة، كما ذكرنا ذلك كله من قبل. وأصبحت الدولتان عظيمتين، وانتظمتا العالم بما فيه. ونازع الترك ملوك فارس في خراسان، وما وراء النهر، وكانت بينهم حروب مشهورة، واستقر ملكهم في بني افراسياب؛ ثم ظهر خاتم الأنبياء محمد صلوات الله عليه، وجمع العرب على كلمة الإسلام، فاجتمعوا له، (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم )، وقبضه الله إليه، وقد أمر بالجهاد، ووعد عن الله بأن الأرض لأمته، فزحفوا إلى كسرى، وقيصر بعد سنتين من وفاته، فانتزعوا الملك من أيديهما، وتجاوزوا الفرس إلى الترك، والروم إلى البربر والمغرب، وأصبح العالم كله منتظما في دعوة الإسلام. ثم اختلف أهل الدين من بعده في رجوعهم إلى من  ينظم أمرهم، وتشيع قوم من العرب فزعموا أنه 



أوصى بذلك لإبن عمه علي، وامتنع الجماعة من قبول ذلك، وابوا إلا الاجتهاد في تعيينه، فمضى على ذلك السلف في دولة بني أمية التي استفحل الملك والإسلام فيها، وتنافل التشيع بتشعب المذاهب، في استحقاق بني علي، وأيهم يتعين له ذلك، حتى انساق مذهب من مذاهبهم إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس؛ فظهرت شيعته بخراسان، وملكوا تلك الأرض كلها، والعراق بأسره. ثم غلبوا على بنى أمية، وانتزعوا الملك من أيديهم، واستفحل ملكهم، والإسلام باستفحاله، وتعدد خلفاؤهم. ثم خامر الدولة ما يخامر الذول من الترف والراحة؛ ففشلوا. وكثر المنازعون لهم من بني علي وغيرهم؛ فظهرت دولة لبني جعفر الصادق بالمغرب، وهم العبيديون بنو عبيد الله المهدي بن محمد، قام بها كتامة وقبائل البربر، واستولوا على المغرب ومصر؛ ودولة بني العلوي بطبرستان، قام بها الديلم وإخوانهم الجيل؛ ودولة بني أمية النائية بالأندلس، لأن بني العباس لما غلبوهم بالمشرق، وأكثروا القتل فيهم، هرب عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، ونجا إلى المغرب. ثم ركب البحر إلى الأندلس؛ فاجتمع عليه من كان هنالك من العرب وموالي بني أمية، فاستحدث هنالك ملكا آخر لهم، وانقسمت الملة الإسلامية بين هذه الدول الأربع إلى المائة الرابعة. ثم انقرض ملك العلوية من طبرستان، وانتقل إلى الديلم، فاقتسموا خراسان وفارس والعراق، وغلبوا على بغداد، وحجر الخليفة بها بنو بويه منهم. وكان بنو سامان – من اتباع بني طاهر- قد تقلدوا عمالات ما وراء النهر، فلما فشل أمر الخلافة استبدوا بتلك النواحي، وأصاروا لهم فيها ملكاً ضخما، وكان آخرهم محمّود بن سبكتكين من مواليهم، فاستبد عليهم، وملك خراسان، وما وراء النهر إلى الشاش، ثم 



غزنة، وما وراءها جنوبا إلى الهند. وأجاز إلى بلاد الهند؛ فافتتح منها كثيرا، واستخرج من كنوزها ذخائر ليم يعثر عليها أحد قبله. وأقامت الملة على هذا النمط إلى انقضاء المائة الرابعة، وكان الترك منذ تعبدوا للعرب، وأسلموا على ما بأيديهم وراء النهر، من كاشغر والصاغون إلى فرغانة، وولاهم الخلفاء عليها؛ فاستحدثوا بها ملكا، وكانت بوادي الترك في تلك النواحي منتجعة أمطار السماء، وعشب الأرض، وكان الظهور فيهم لقبيلة الغزّ من شعوبهم، وهم الخوز، إلا أن استعمال العرب لها عرب خاءها المعجمة غينا، وأدغمت واوها في الزاي الثانيه؛ فصارت زاياً واحدة مشددة. وكانت رياسة الغزّ هؤلاء شي بني سلجوق بن ميكائيل، وكانوا يستخدمون لملوك الترك بتركستان تارة، ولملوك بني سامان في بخارى أخرى. وتحدث بينهما الفتنة؛ فيتألفون من شاءوا منهما؛ ولما تغلب محمّود بن سبكتكين على بني سامان، وأجاز من خراسان فنزل بخارى، واقتعد كرسيهم، وتقبض على كبار بني سلجوق هؤلاء، وحبسهم بخراسان. ثم مات وقام بالأمر أخوه مسعود، فملك مكانه، وانتقض على بنو سلجوق هؤلاء، وأجاز الغز إلى خراسان فملكوها، وملكوا طبرستان من يد الديلم، ثم  إصبهان



 وفارس، من أيدي بني بويه، وملكهم يومئذ طغرلبك بن ميكائيل من بني سلجوق، وغلب على بغداد من يد بني معز الدولة بن بويه المستبدين على الخليفة يومئذ المطيع، وحجره عن التصرف في أمور الخلافة والملك، ثم تجاوز إلى عراق العرب، فغلب على ملوكه، وأبادهم، ثم بلاد البحرين وعمان، ثم على الشام، وبلاد الروم، واستوعب ممالك الإسلام كفها، فأصارها في ملكه؛ وانقبضت العرب راجعة إلى الحجاز، مسلوبة من الملك، كأن لم يكن لهم  فيه نصيب، وذلك أعوام الأربعين والأربعمائة، وخرج الإفرنج على بقايا بني أمية بالأندلس، فانتزعوا الملك من ايديهم، واستولوا على حواضر الأندلس وأمصارها، وضاق النطاق على العبيديين بالقاهرة بملوك الغز يزاحمّونهم فيها من الشام، بمحمّود بن زنكي وغيره من أبنائهم ومماليكهم، وبملوك المغرب قد اقتطعوا ما وراء الإسكندرية، بملوك صنهاجة في أفريقية، والملثمين المرابطين بعدهم بالمغرب الأقصى والأوسط، والمصامدة الموحدين بعدهم كذلك، وأمام الغز والسلجوقية في ملك المشرق، وبنوهم ومواليهم من بعدهم إلى انقضاء القرن السادس؛ وقد فشل ريح الغز، واختلت دولتهم، فظهر فيهم جنكيزخان أمير المغل من شعوب الطَّطَر، وكانت كاهناً، وجده النجر كاهناً مثله. ويزعمونه أنه ولد من غير أب؛ فغلب الغز في المفازة، واستولى على ملك الطَّطَر، وزحف إلى كرسي 



الملك بخوارزم. وهو علاء الدين خوارزم شاه، سلفه من موالي طغرلبك، فغالبه على ملكه، وفر أمامه، واتبعه إلى بحيرة طبرستان؛ فنجا إلى جزيرة فيها، ومرض هنالك ومات، ورجع جنكيزخان إلى زندران، من أمصار طبرستان فنزلها، وأقام بها، وبعث عساكره من المغل حتى استولوا على جميع ما كان للغز، وأنزل ابنه طولى بكرسي خراسان، وابنه دوشيخان بصراي وبلاد الترك، وابنه جقطاي بكرسي الترك فيما وراء النهر، وهي كاشغر وتركستان، وأقام بما زندران إلى أن مات جنكيزخان ودفن بها؛ ومات ابنه طولي وله ولدان، قبلاي وهولاكو، ثم هلك قبلاي، واستقل هولاكو بملك خراسان، وحدث بينه وبين بركة بن دوشيخان فتنة بالمنازعة في القانية، تحاربوا فيها طويلا، ثم اقصروا، 



وصرف هولاكو وجهه إلى بلاد أصبهان، وفارس، ثم إلى الخلفاء المستبدين ببغداد، وعراق العرب، فاستولى على تلك النواحي، واقتحم بغداد على الخليفة المستعصم، آخر بني العباس وقتله، وأعظم فيها العيث والفساد، وهو يومئذ على دينه من المجوسية؛ ثم تخطاه إلى الشام؛ فملك أمصاره وحواضره إلى القدس، وملوك مصر يومئذ من موالي بني أيوب قد استحاشوا ببركة صاحب صراي؛ فزحف إلى خراسان ليأخذ بحجزة هولاكو عن الشام ومصر. وبلغ خبره إلى هولاكو فحرد لذلك، لما بينهما من المنافسة والعداوة، وكر راجعا إلى العراق، ثم إلى خراسان، لمدافعة بركة. وطالت الفتنة بينهما إلى أن هلك هولاكو. سنة ثلاث وستين من المائة السابعة، وزحف أمراء مصر من موالي بني أيوب، وكبيرهم يومئذ قطز، وهو سلطانهم فاستولى على أمصار الشام التي كان هولاكو انتزعها من أيدي بني أيوب، واحدة واحدة، واستضاف الشام إلى مصر في ملكه. ثم هدى الله أبغا بن هولاكو إلى الإسلام، فأسلم بعد أن كان أسلم بركة ابن عمه صاحب التخت بصراي من بني دوشي خان على يد مريد من اصحاب شمس.. الدين كبرى، فتواطا هو وابغا بن هولاكو علي الإسلام. ثم اسلم بعد ذلك بنو جقطاي وراء النهر؛ فانتظمت ممالك الإسلام في أيدي ولد جنكيزخان من المغل، ثم من الطَّطَر، ولم يخرج عن ملكهم منها إلا المغرب والأندلس ومصر والحجاز، واصبحوا، وكأنهم في تلك الممالك خلص من السلجوقية والغز. واستمر الأمر على ذلك لهذا العهد، وانقرض ملك بني هولاكو بموت أبي سعيد آخرهم سنة أربعين من المائة الثامنة. وافترقت دولتهم بين عمال الدولة وقرابتها من المغل؛ فملك عراق العرب، واذربيجان 



وتوريز، الشيخ حسن سبط هولاكو، واتصل ملكها في بنيه لهذا العهد؛ وملك خراسان وطبرستان شاه ولي من تابعة بني هولاكو؛ وملك إصبهان، وفارس، بنو مظفر البردي من عمالهم أيضا؛ وأقاموا بنو دوشي خان في مملكة صراي وآخرهم بها طقطمش بن بردي بك؛ ثم سما لبني جقطاي وراء النهر، وملوكهم أمل في التغلب على أعمال بني هولاكو، وبني دوشي خان، بما استفحل ملكهم هنالك، لعدم الترف والتنعم، فبقوا على البداوة؛ وكان لهم ملك اسمه ساطلمش هلك لهذا العهد، واجلسوا ابنه على التخت مكانه، وأمراء بني جقطاي جميعا في خدمته، وكبيرهم تيمور المعروف بتمر بن طرغاي فقام بأمر هذا الصبي وكفله، وتزوج أمه، ومد يده إلى ممالك بني دوشي خان التي كاممت على دعوتهم وراء النهر، مثل سمرقند، وبخارى، وخوارزم، وأجاز إلى طبرستان وخراسان فملكها. ثم ملك اصبهان، وزحف إلى بغداد؛ فملكها من يد احمد بن أوشى. وفر احمد مستجيرا بملك مصر، وهو الملك الظاهر برقوق، وقد تقدم ذكره؛ فأجاره، ووعده النصر من عدوه. وبعث الأمير تمر رسلا إلى صاحب مصر، يقررون معه الولاية والاتحاد، وحسن الجوار؛ فوصلوا إلى الرحبة؛ فلقيهم عاملها، ودار بينهم الكلام فأوحشوه. في الخطاب، وانزلهم، فبيت جميعهم، وقتلهم. وخرج الظاهر برقوق من مصر، وجمع العرب والتركمان، واناخ على الفرات، وصرخ بطقطمش من كرسيه بصراي؛ فحشد ووصل إلى الأبواب. ثم زحف تمر إلى الشام سنة ست وتسعين وسبعمائة، وبلغ الرها، والظاهر يومئذ على



الفرات، فخام تمر عن لقائه. وسار إلى محاربة طقطمش؛ فاستولى على أعماله كفها، ورجعت قبائل المغل إلى تمر؛ وساروا تحت رايته. وذهب طقطمش في ناحية الشمال، وراء بلغار، متذمما بقبائل أروس من شعوب الترك في الجبال. وسارت عصائب الترك كلها تحت رايات تمر؛ ثم اضطرات ملوك الهند، واستصرخ خارج منهم بالأمير تمر؛ فسار إليهم في عساكر المغل، وملك دلي، وفر صاحبها إلى كنباية مرسى بحر الهند، وعاثوا في نواحي بلاد الهند. ثم بلغه هنالك مهلك الظاهر برقوق بمصر؛ فرجع إلى البلاد، ومر على العراق، ثم على أرمينية وأرزنكان، حتى وصل سيواس فخربها، وعاث في نواحيها، ورجع عنها أول سنة ثلاث من المائة التاسعة. ونازل قلعة الروم، فامتنعت، وتجاوزها إلى حلب؛ فقابله نائب الشام وعساكره في ساحتها؛ ففضهم، واقتحم المغل المدينة من كل ناحية. ووقع فيها من العيث والنهب والمصادرة واستباحة الحرم، ما لم يعهد الناس مثله؛ ووصل الخبر إلى مصر، فتجهز السلطان فرج ابن الملك الظاهر إلى المدافعة عن الشام، وخرج في عساكره من الترك مسابقا المغل وملكهم تمر أن يصدهم عنها.



يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق