2796
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من البداية - 227
القسم الأولى
المجلد السادس
من تاريخ العلامة ابن خلدون
الثعالبة
وأما الثعالبة إخوتهم من ولد ثعلب بن عليّ بن بكربن صغيرأخي عبيد الله بن صغير، فموطنهم لهذا العهد بمتيجة من بسيط الجزائر، وكانوا قبلها بقطيري موطن حصين لهذا العهد، نزلوها منذ عصور قديمة، وأقاموا بها حياً حلولاً. ويظهر أن نزولهم لها حين كان ذوي عبيد الله في مواطن بني عامر لهذا العهد، وكان بنو عامر في مواطن بني سويد فكانت مواطنهم لذلك العهد متصلة بالتلول الشرقية، فدخلوا من ناحية كزول وتدرّجوا في المواطن إلى ضواحي المدينة، ونزلوا جبل تيطري وهو جبل أشير الذي كانت فيه المدينة الكبيرة. فلما تغلب بنو توجين على التلول وملكوا ونشريش زحف محمد بن عبد القوي إلى المدينة فملكها، وكانت بينه وبينهم حرب وسلم، إلى أن وفدت عليه مشيختهم، فتقبض عليهم وأغزى من وراءهم من بقية الثعالبة واستلحمهم واكتسح أموالهم.
وغلبهم بعدها على تيطري وأزاحهم عنها إلى متيجة، وأنزل قبائل حصين بتيطري، وكانوا معه في عداد الرعايا يؤدون إليه المغارم والوظائف، ويأخذهم بالعسكرة معه. ودخل الثعالبة هؤلاء في إيالة ملكيش من صنهاجة ببسيط متيجة، وأوطنوا تحت ملكتهم. وكان لهم عليهم سلطان كما نذكره. حتى إذا غلب بنو مرين على المغرب الأوسط، وأذهبوا ملك ملكيش منها، استبد الثعالبة هؤلاء بذلك البسيط وملكوه. وكانت رياستهم في ولد سباع بن ثعلب بن علي بن مكر بن صغير. ويزعمون أن سباعا هذا كان إذا وفد على الموحدين يجعلون من فوق عمامته ديناراً يزن عدداً من الدنانير سابقة في تكرمته وترفيعه.
(وسمعت) من بعض مشيختنا أن ذلك لما كان من كرامته للإمام المهدي حين أجاز بهم فإنه مرّ بهم ساعياً فحملوه. واستقرت الرياسة في ولد سباع هذا في بني يعقوب بن سباع أولاً، فكانت لهم مدداً، ثم في عقب حنيش منهم. ثم غلب السلطان أبو
الحسن على ممالك بني عبد الواد ونقلهم إلى المغرب، وصارت الولاية لهم لأبي الحملات بن عائد بن ثابت، وهو ابن عم حنيش. وهلك في الطاعون الجارف أواسط هذه المائة الثامنة لعهد نزول السلطان أبي الحسن بالجزائر من تونس، فولي عليهم إبراهيم بن نصر. ولم تزل رياستهم إليه إلى أن هلك بعد عساكر السلطان أبي عنان على المغربين كما نذكره في أخباره. وقام برياستهم إبنه سالم. وكانوا أهل مغارم ووضيعة لملكش، ومن بعدهم من ولاة الجزائر، حتى إذا هبت ريح العرب أيام خروج أبي زيان وحصين على أبي حمو أعوام ستين وسبعمائة كما ذكرناه. وكان شيخهم لذلك العهد سالم بن ابراهيم بن نصربن حنيش بن أبي حميد بن نابت بن محمد بن سباع فأخب في تلك الفتنة وأوضع، وعاقد أبو حمو وانتقض عليه مراراً. وغلب بنو مرين على تلمسان فتحيز إليهم. وكانت رسله ووفده تقدموا إليهم بالمغرب.
ثم هلك السلطان عبد العزيز ورجع أبو حمو إلى ملكه، ونزلت الغوائل فخشيه سالم. واستدعى أبا زيان ونصبه بالجزائر، وزحف إليه أبو حمو سنة تسع وسبعين [وسبعمائة] ففض جمعه، وراجع سالم خدمته. وفارق أبا زيان كما نذكره في أخباره. ثم زحف إليه أبو حمو وحاصره بجبال متيجة أياماً قلائل واستنزله على عهده. ثم أخفره وتقبض عليه وقاده
إلى تلمسان أسيراً وقتله قعصاً بالرماح. وذهب أثره وما كان له من الرياسة التي لم تكن الثعالبة لها بأهل. ثم تتبع إخوانه وعشيره وقبيله بالقتل والسبي والنهب إلى أن دثروا، والله يخلق ما يشاء.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق