2820
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
القسم الثانى
المجلد السادس
زواوة
فأمّا زواوة فهم من بطونهم، وقد يقال إن زواوة من قبائل كتامة، ذكر ذلك ابن حزم. ونسّابة البربر إنما يعدونهم من ولد سمكان كما قلناه، والصحيح عندي ما ذكره ابن حزم. ويشهد له الموطن ونحلة الشيع مع كتامة لعبيد الله. وعد نسابة البربر لهم بطونا كثيرة: بنو مَجْسطة وبنو مليكش وبنو كوفي ومشدالة وبنو زريقف وبنو كوزيت وكرسفينة ووزلجة وخوجة وزكلاوه وبنو مرانة، ويقال إن بني مليكش من صنهاجة والله أعلم.
ومن قبائلهم المشهورة لهذا العهد: بنو يجرو وبنو مانكلات وبنو يترون وبنو ماني وبنو بوغردان وبنو يتورغ وبنو بو يوسف وبنو عبسي وبنو بو شعيب وبنو صدقة وبنو غبرين وبنو كشطولة. ومواطن زواوة بنواحي بجاية ما بين مواطن كتامة وصنهاجة، أوطنوا منها جبالاً شاهقة متوعّرة تنذعر منها الأبصار ويضلّ في خمرها السالك مثل: بني غبرين بجبل زيري، وفيه شعراء من شجر الزان يشهد بها لهذا العهد. ومثل بني فراسن وبني براثن. وجبلهم ما بين بجاية وتدلس وهو أعظم معاقلهم وأمنع حصونهم، فلهم به الاعتزاز على الدول والخيار عليها في إعطاء المغرم، مع أن كلهم لهذا العهد قد امتنع لساهمه، واعتز على السلطان في أبناء طاعته وقانون مزاجه.
وكانت لهم في دولة صنهاجة مقامات مذكورة في السلم والحرب، بما كانوا أولياء لكتامة. وظهر أولهم على أمرهم من أول الدولة وقتل بادس بن المنصور في إحدى وقائعه بهم، وشيخهم زيري بن أجانا لاتهامه إياه في أمر حماد. ثم اختط بنو حماد بعد ذلك بجاية بساحتهم وتمرسوا بهم فانقادوا وأذعنوا لهم إلى آخر الدولة. واتصل إذعانهم إلى هذا العهد إلا تمريضاً في المغرم يحملهم عليه الموثقون بمنعة جبالهم. وكانت رياسة بني يراتن منهم في بني عبد الصمد من بوتاتهم. وكانت عند تغلب السلطان أبي الحسن على المغرب الأوسط شيخة عليهم من بني عبد الصمد هؤلاء إسمها شمسي، وكان لها عشرة من الولد فاستفحل شأنها بهم وملكت عليهم أمرهم.
ولما تقبّض السلطان أبو الحسن على إبنه يعقوب المكنّى بأبي عبد الرحمن عندما فر من معسكره بمتيجة سنة ثمان أو سبع وثلاثين وسرّح في أثره الخيالة فرجعوه واعتقله. ثم قتله من بعد ذلك حسبما يذكر في أخبارهم. لحق حينئذ بني بزاتن هؤلاء خازن من مطبخة فموه عليهم بإسمه وشبّه بتمثاله، ودعا إلى الخروج على ابنه بزعمه فشمرت شمسي هذه عزائمها في إجازته، وحملت قومها على طاعته. وسرب السلطان أبو الحسن أمواله في قومها وهما على السلامة فأبته. ثم نمي إليها الخبر بمكره وتمويهه فنبذت إليه عهده وخرج عنها إلى بلاد العرب كما نذكر بعض ذلك في أخبارهم.
وقدمت على السلطان أبي الحسن في وفد من قومها وبعض بنيها فأبلغ السلطان في تكريمها وأحسن صلتها وأجاز الوفد ورجعت بهم إلى موطنها ولم تزل الرياسة في هذا البيت.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق