92
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الاول
يوم ساحوق
قال أبو عبيدة: غزت بنو ذبيان بني عامر وهم بساحوق وعلى ذبيان سنان بن أبي حارثة المري وقد جهزهم وأعطاهم الخيل والإبل وزودهم فأصابوا نعمًا كثيرة وعادوا فلحقتهم بنو عامر واقتتلوا قتالًا شديدًا.
ثم انهزمت بنو عامر وأصيب منهم رجالٌ وركبوا الفلاة فهلك أكثرهم عطشًا وكان الحر شديدًا وجعلت ذبيان تدرك الرجل منهم فيقولون له: قف ولك نفسك وضع سلاحك فيفعل.
وكان يومًا عظيمًا على عامر وانهزم عامر ابن الطفيل وأخوه الحكم ثم إن الحكم ضعف وخاف أن يؤسر فجعل في عنقه حبلا وصعد إلى شجرة وشده ودلى نفسه فاختنق وفعل مثله رجلٌ من بني غني فلما ألقى نفسه ندم فاضطرب فأدركوه وخلصوه وعيروه يجزعه وقال عروة بن الورد العبسي في ذلك: ونحن صبحنا عامرًا في ديارها علالة أرماحٍ وضربًا مذكّرا بكلّ رقاق الشفرتين مهنّدٍ ولدنٍ من الخطيّ قد طرّ أسمرا عجبت لهم إذ يخنقون نفوسهم ومقتلهم تحت الوغى كان أجدرا يوم أعيار ويوم النّقيعة كان المثلم بن المشجر العائذي ثم الضبي مجاورًا لبني عبس فتقامر هو وعمارة بن زياد وهو أحد الكملة فقمره عمارة حتى اجتمع عليه عشرة أبكر فطلب منه المثلم أ يخلي عنه حتى يأتي أهله فيرسل إليه بالذي له فأبى ذلك فرهنه ابنه شرحاف بن المثلم وخرج المثلم فأتى فلما انطلق بابنه قال له في الطريق: يا أبتاه من معضالٌ قال: ذلك رجل من بني عمك ذهب فلم يوجد إلى الساعة.
قال شرحاف: فإني قد عرفت قاتله.
قال أبوه: ومن هو قال: عمارة بن زياد سمعته يقول للقوم يومًا وقد أخذ فيه الشراب إنه قتله ولم يلق له طالبًا.
ولبثوا بعد ذلك حينًا وشب شرحاف.
ثم إن عمارة جمع جمعًا عظيمًا من عبس فأغار بهم على بني ضبة فأخذوا إبلهم وركبت بنو ضبة فأدركوهم في المرعى.
فلما نظر شرحاف إلى عمارة قال: يا عمارة أتعرفني قال: من أنت قال: أنا شرحاف أد إلي ابن عمي معضالًا لا مثله يوم قتلته ! وحمل عليه فقتله وقاتتلت ضبة وعبس قتالًا شديدًا واستنقذت ضبة الإبل وقال شرحاف: ألا أبلغ سراة بني بغيض بما لاقت سراة بني زياد وما لاقت جذيمة إذ تحامي وما لاقى الفوارس من بجاد تركنا بالنقيعة آل عبسٍ شعاعًا يقتلون بكلّ واد وما إن فاتنا إلاّ شريد يؤمّ القفر في تيه البلاد فسل عنّا عمارة آل عبسٍ وسل وردًا وما كلٌّ بداد تركتهم بوادي البطن رهنًا لسيدان القرارة والجلاد قال أبو عبيدة: خرجت بنو عامر تريد غطفان لتدرك بثأرها يوم الرق ويوم ساحوق فصادفت بني عبس وليس معهم أحد من غطفان وكانت عبس لم تشهد يوم الرقم ولا يوم ساحوق مع غطفان ولم يعينوهم على بني عامر وقيل: بل شهدها أشجع وفزارة وغيرهما من بني غطفان على ما نذكره.
قال: وأغارت بنو عامر على نعم بني عبس وذبيان وأشجع فأخذوها وعادوا متوجهين إلى بلادهم فضلوا في الطريق فسلكوا وادي النباة فأمعنوا فيه ولا طريق لهم ولا مطلع حتى قاربوا آخره.
وكان الجبلان يلتقيان إذا هم بامرأة من بني عبس تخبط الشجر لهم في قلة الجبل.
فسألوها عن المطلع فقالت لهم: الفوارس المطلع وكانت قد رأت الخيل قد أقبلت وهي على الجبل ولم يرها بنو عامر لأنهم في الوادي فأرسلوا رجلًا إلى قلة الجبل ينظر فقال لهم: أرى قومًا كأنهم الصبيان على متون الخيل أسنة رماحهم عند آذان خيلهم.
قالوا: تلك فزارة.
قال: وأرى قومًا بيضًا جعادًا كأن عليهم ثيابًا حمرًا.
قالوا: تلك أشجع.
قال: وأرى قومًا نسورًا قد قلعوا خيولهم بسوادهم كأنما يحملونها حملًا بأفخاذهم آخذين بعوامل رماحهم يجرونها.
قالوا: تلك عبس أتاكم الموت الزؤام! ولحقهم الطلب بالوادي فكان عامر بن الطفيل أول من سبق على فرسه الورد ففات القوم وأعيا فرسه الورد وهو المربوق أيضًا فعقره لئلا تفتحله فزارة واقتتل الناس ودام القتال بينهم وانهزمت عامر فقتل منهم مقتلة كبيرة قتل فيها من أشرافهم البراء بن عامر بن مالك وبه يكنى أبوه وقتل نهشل وأنس وهزان بنو مرة بن أنس بن خالد بن جعفر وقتلوا عبد الله بن الطفيل أخا عامر قتله الربيع بن زياد العبسي وغيرهم كثير وتمت الهزيمة على بني عامر.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق