إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 8 أبريل 2016

72 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الاول ذكر مقتل حجر أبي امرئ القيس والحروب الحادثة بمقتله إلى أن مات امرؤ القيس


72

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الاول

ذكر مقتل حجر أبي امرئ القيس والحروب الحادثة بمقتله إلى أن مات امرؤ القيس
 

نذكر أولًا سبب ملكهم العرب بنجد ونسوق الحادث إلى قتله وما يتصل به فنقول‏:‏ كان سفهاء بكر قد غلبوا على عقلائها وغلبوهم على الأمر وأكل القوي الضعيف فنظر العقلاء في أمرهم فرأوا أن يملكوا عليهم ملكًا يأخذ للضعيف من القوي‏.‏

فنهاهم العرب وعلموا أن هذا لا يستقيم بأن يكون الملك منهم لأنه يطيعه قوم ويخالفه آخرون فساروا إلى بعض تبايعة اليمن وكانوا للعرب بمنزلة الخلفاء للمسلمين وطبوا منه أن يملك عليهم ملكًا فملك عليهم حجر بن عمرو آكل المرار فقدم عليهم ونزل ببطن عاقل وأغار ببكر فانتزع عامة ما كان بأيدي اللخميين من أرض بكر وبقي كذلك إلى أن مات فدفن ببطن عاقل‏.‏

فلما مات صار عمرو بن حجر آكل المرار وهو المقصور ملكًا بعد أبيه وإنما قيل له المقصور لأنه قصر على ملك أبيه وكان أخوه معاوية وهو الجون على اليمامة فلما مات عمرو ملك بعده ابنه الحارث وكان شديد الملك بعيد الصوت فلما ملك قباذ بن فيروز الفرس خرج في أيامه مزدك فدعا الناس إلى الزندقة كما ذكرناه فأجابه قباذ إلى ذلك وكان المنذر بن ماء السماء عاملًا للأكاسرة على الحيرة ونواحيها فدعاه قباذ إلى الدخول معه فامتنع فدعا الحارث بن عمرو إلى ذلك فأجابه فاستعمله على الحيرة وطرد المنذر عن مملكته‏.‏

وقيل في تمليكه غير ذلك وقد ذكرناه أيام قباذ‏.‏

فبقوا كذلك إلى أن ملك كسرى أنوشروان بن قباذ بعد أبيه فقتل مزدك وأصحابه وأعاد المنذر بن ماء السماء إلى ولاية الحيرة وطلب الحارث بن عمرو وكان بالأنباء وبها منزله فهرب بأولاده وماله وهجانته وتبعه المنذر بالخيل من تغلب وإياد وبهراء فلحق بأرض كلب فنجا وانتهبوا ماله وهجانته وأخذت تغلب ثمانية وأربعين نفسًا من بني آكل المرار فيهم عمرو ومالك ابنا الحارث فقدموا بهم على المنذر فقتلهم في ديار بني مرينا وفيهم يقول عمرو بن كلثوم‏:‏ فآبوا بالنّهاب وبالسبايا وأبنا بالملوك مصفّدينا وفيهم يقول امرؤ القيس‏:‏ ملوكٌ من بني حجر بن عمروٍ يساقون العشيّة يقتلونا فلو في يوم معركة أصيبوا ولكن في ديار بني مرينا ولم تغسل جماجمهم بغسلٍ ولكن في الدماء مرمّلينا وأقام الحارث بديار كلب فتزعم كلب أنهم قتلوه وعلماء كندة تزعم أنه خرج يتصيد فتبع تيسًا من الظباء فأعجزه فأقسم أن لا يأكل شيئًا إلا من كبده فطلبته الخيل فأتى به بعد ثلاثة وقد كاد يهلك جوعًا فشوي له بطنه فأكل فلذةً من كبده حارة فمات‏.‏

ولما كان الحارث بالحيرة أتاه أشراف عدة قبائل من نزار فقالوا‏:‏ إنا في طاعتك وقد وقع بيننا من الشر بالقتل ما تعلم وتخاف الفناء فوجه معنا بنيك ينزلون فينا فيكفون بعضنا عن بعض‏.‏

ففرق أولاده في قبائل العرب فملك ابنه حجرًا على بني أسد بن خزيمة وغطفان ومد لك ابنه شرحبيل وهو الذي قتل يوم الكلاب على بكر بن وائل بأسرها وعلى غيرها وملك ابنه معدي كرب وهو غلفاء وإنما قيل له غلفاء لأنه كان يغلف رأسه بالطيب على قييس عيلان وطوائف غيرهم وملك ابنه سلمة على تغلب والنمر بن قاسط وبني سعد بن زيد مناة من تميم‏.‏

فبقي حجر في بني أسد وله عليهم جائزة وإتاوة كل سنة لما يحتاج إليه فبقي كذلك دهرًا ثم بعثإليهم من يجبي ذلك منهم وكانوا بتهامة وطردوا رسله وضربوهم فبلغ ذلك حجرًا فسار إليهم بجند من ربيعة وجند من جند أخيه من قيس وكنانة فأتاهم فأخذ سرواتهم وخيارهم وجعل يقتلهم بالعصا وأباح الأموال وسيره إلى تهامة وحبس منهم جماعة من أشرافهم منهم عبيد بن الأبرص الشاعر فقال شعرًا يستعطفه لهم فرق لهم وأرسل من يردهم فلما صاروا على يوم منه تكهن كاهنهم وهو عوف بن ربيعة ابن عامر الأسدي فقال لهم‏:‏ من الملك الصلهب الغلاب غير المغلب في الإبل كأنها الربرب هذا دمه يتثعب وهو غدًا أول من يستلب قالوا‏:‏ ومن هو قال‏:‏ لولا تجيش نفسٍ خاشيه لأخبرتكم أنه حجر ضاحيه فركبوا كل صعب وذلول حتى بلغوا إلى عسكر حجر فهجموا عليه في قبته فقتلوه طعنه علياء بن الحارث الكاهلي فقتله وكان حجر قتل أباه فلما قتل قالت بنو أسد‏:‏ يا معشر كنانة وقيس أنتم إخواننا وبنو عمنا والرجل بعيد النسب منا ومنكم وقد رأيتم سيرته وما كان يصنع بكم هو وقومه فانتهبوهم‏.‏

فشدوا على هجانته فانتهبوها ولفوه في ريطة بيضاء وألقوه على الطريق فلما رأته قيس وكنانة انتهبوا أسلابه وأجار عمرو بن مسعود عياله‏.‏

وقيل‏:‏ إن حجرًا لما رأى اجتماع بني أسد عليه خافهم فاستجار عويمر ابن شجنة أحد بني عطارد بن كعب بن زيد مناة بن تميم لبنته هند بنت حجر وعياله وقال لبني أسد‏:‏ إن كان هذا شأنكم فإني مرتحلٍ عنكم ومخليكم وشأنكم‏.‏

فوادعوه على ذلك وسار عنهم وأقام في قومه مدةً ثم جمع لهم جمعًا عظيمًا وأقبل إليهم مدلًا بمن معه فتآمرت بنو أسد وقالوا‏:‏ والله لئن قهركم ليحكمن عليكم حكم الصبي فما خير العيش حينئذ فموتوا كرامًا‏.‏

فاجتمعوا وساروا إلى حجر فلقوه فاقتتلوا قتالًا شديدًا وكان صاحب أمرهم علباء ابن الحارث فحمل على حجر فطعنه فقتله وانهزمت كندة ومن معهم وأسر بنو أسد من أهل بيت حجر وغنموا حتى ملأوا أيديهم من الغنائم وأخذوا جواريه ونساءه وما معهم فاقتسموه بينهم‏.‏

وقيل‏:‏ إن حجرًا أخذ أسيرًا في المعركة وجعل في قبة فوثب عليه ابن أخت علباء فضربه بحديدة كانت معه لأن حجرًا كان قتل أباه فلما جرحه لم يقض عليه فأوصى حجر ودفع كتابه إلى رجل وقال له‏:‏ انطلق إلى ابني نافع وكان أكبر أولاده فإن بكى وجزع فاتركه واستقرهم واحدًا واحدًا حتى تأتي امرأ القيس وكان أصغرهم فأيهم لم يجزع فادفع إليه خيلي وسلاحي ووصيتي‏.‏

وقد كان بين في وصيته من قتله وكيف كان خبره‏.‏

فانطلق الرجل بوصيته إلى ابنه نافع فوضع التراب على رأسه ثم أتاهم كلهم ففعلوا مثله حتى أتى امرأ القيس فوجده مع نديم له يشرب الخمر ويلعب معه بالنرد فقال‏:‏ قتل حجر فلم يلتفت إلى قوله وأمسك نديمه فقال له امرؤ القيس‏:‏ اضرب فضرب حتى إذا فرغ قال‏:‏ ما كنت لأفسد دستك ثم سأل الرسول عن أمر أبيه كله فأخبره فقال له‏:‏ الخمر والنساء علي حرام حتى أقتل من بني أسد مائة وأطلق مائة‏.‏

وكان حجر قد طرد امرأ القيس لقوله الشعر وكان يأنف منه وكانت أم امرئ القيس فاطمة بنت ربيعة بن الحارث أخت كليب بن وائل وكان يسير في أحياء العرب يشرب الخمر على الغدران ويتصيد فأتاه خبر قتل أبيه وهو بدمون من أرض اليمن فلما سمع الخبر قال‏:‏ تطاول الليل علينا دمّون دمّون إنّا معشرٌ يمانون وإنّنا لقومنا محبّون ثم قال‏:‏ ضيعني صغيرًا وحمّلني دمه كبيرًا لا صحو اليوم ولا سكر غدًا اليوم خمرٌ وغدًا أمرٌ‏.‏

فذهبت مثلًا‏.‏ثم ارتحل حتى نزل ببكر وتغلب فسألهم النصر على بني أسد فأجابوه‏.‏

فبعث العيون إلى بني أسد فنذروا به فلجأوا إلى بني كنانة وعيون امرئ القيس معهم فقال لهم علباء بن الحارث‏:‏ اعلموا أن عيون امرئ القيس قد عادوا إليه بخبركم وأنكم عند بني كنانة فارحلوا بليل ولا تعلموا بني كنانة‏.‏ فارتحلوا‏.‏وأقبل امرؤ القيس بمن معه من بكر وتغلب وغيرهم حتى انتهى إلى بني كنانة وهو يظنهم بني أسد فوضع السلاح فيهم وقال‏:‏ يا لثارات الملك يا لثارات الهمام‏!‏ فقيل له‏:‏ أبيت اللعن‏!‏ لسنا لك بثأر نحن بنو كنانة فدونك ثأرك فاطلبهم فإن القوم قد ساروا بالأمس‏.‏

فتبع بني أسد ففاتوه ليلتهم فقال في ذلك‏:‏ ألا يا لهف هندٍ إثر قوم هم كانوا الشفاء فلم يصابوا وقاهم جدّهم ببني أبيهم وبالأشقين ما كان العقاب يعني ببني أبيهم كنانة فإن أسدًا وكنانة ابني خزيمة هما أخوان‏.‏

وقوله‏:‏ ولو أدركته صفر الوطاب قيل‏:‏ كانوا قتلوه واستاقوا إبله فصفرت وطابه من اللبن أي خلت وقيل‏:‏ كانوا قتلوه فخلا جلده وهو وطابه من دمه بقتله‏.‏

فسار امرؤ القيس في آثار بني أسد فأدركهم ظهرًا وقد تقطعت خيله وهلكوا عطشًا وبنو أسد نازلون على الماء فقاتلهم حتى كثرت القتلى بينهم وهربت بنو أسد‏.‏

فلما أصبحت بكر وتغلب أبوا أن يتبعوهم وقالوا‏:‏ قد أصبت ثأرك‏.‏

فقال‏:‏ لا والله‏.‏

فقالوا‏:‏ بلى ولكنك رجل مشؤوم وكرهوا قتلهم بني كنانة فانصرفوا عنه ومضى إلى أزد شنوءة يستنصرهم فأبوا أن ينصروه وقالوا‏:‏ إخواننا وجيراننا‏.‏

فسار عنهم ونزل بقيل يدعى مرثد الخير بن ذي جدن الحميري وكان بينهما قرابة فاستنصره على بني أسد فأمده بخمسمائة رجل من حمير ومات مرثد قبل رحيل امرئ القيس وملك بعده رجل من حمير يقال له قرمل فزود امرأ القيس ثم سير معه ذلك الجيش وتبعه شذاذ من العرب واستأجر غيرهم من قبائل اليمن فسار بهم إلى بني أسد وظفر بهم‏.‏

ثم إن المنذر طلب امرأ القيس ولج في طلبه ووجه الجيوش إليه فلم يكن لامرئ القيس بهم طاقة وتفرق عنهم من كان معه من حمير وغيرهم فنجا في جماعة من أهله ونزل بالحارث بن شهاب اليبروعي وهو أبو عتيبة ابن الحارث فأرسل إليه المنذر يتوعده بالقتال إن لم يسلمهم إليه فسلمهم ونجا امرؤ القيس ومعه يزيد بن معاوية بن الحارث وابنته هند ابنة امرئ القيس وأدراعه وسلاحه وماله فخرج ونزل على سعد بن الضباب الإيادي سيد قومه فأجاره ومدحه امرؤ القيس ثم تحول عنه ونزل على المعلى بن تيم الطائي فأقام عنده واتخذ إبلًا هناك فعدا قوم من جديلة يقال لهم بنو زيد عليها فأخذوها فأعطاه بنو نبهان معزىً يحلبها فقال‏:‏ إذا ما لم يكن إبلٌ فمعزىً كأنّ قرون جلّتها العصيّ الأبيات‏.‏

ثم رحل عنهم ونزل بعامر بن جوين فأراد أن يغلب امرأ القيس على ماله وأهله فعلم امرؤ القيس بذلك فانتقل إلى رجل من بني ثعلٍ يقال له حارثة بن مر فاستجاره فأجاره‏.‏

فوقعت بين عامر بن جوين والثعلي حرب وكانت أمور كبيرة فلما رأى امرؤ القيس أن الحرب قد وقعت بين طيئ بسببه خرج من عندهم فقصد السموأل بن عادياء اليهودي فأكرمه وأنزله فأقام عنده امرؤ القيس ما شاء الله ثم طلب منه أن يكتب له إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ليوصله إلى قيصر ففعل ذلك وسار إلى الحارث وأودع أهله وأدراعه عند السموأل فلما وصل إلى قيصر أكرمه‏.‏فبلغ ذلك بني أسد فأرسلوا رجلًا منهم يقال له الطماح كان امرؤ القيس قتل أخًا له فوصل الأسدي وقد سير قيصر مع امرئ القيس جيشًا كثيفًا فيهم جماعة من أبناء الملوك‏.‏

فلما سار امرؤ القيس قال الطماح لقيصر‏:‏ إن امرأو القيس غوي عاهر وقد ذكر أنه كان يراسل ابنتك ويواصلها وقال فيها أشعارًا أشهرها بها في العرب فبعث إليه قيصر بحلة وشي منسوجة بالذهب مسمومة وكتب إليه‏:‏ إني أرسلت إليك بحلتي التي كنت ألبسها تكرمةً لك فالبسها واكتب إلي بخبرك من منزل منزل‏.‏

فلبسها امرؤ القيس وسر بذلك فأسرع فيه السم وسقط جلده فلذلك سمي ذا القروح فقال امرؤ القيس في ذلك‏:‏ لقد طمح الطمّاح من نحو أرضه ليلبسني ممّا يلبّس ابؤسا فلو أنّها نفس تموت سويّةً ولكنّها نفس تساقط أنفسا فلما وصل إلى موضع من بلاد الروم يقال له أنقرة احتضر بها فقال‏:‏ رب خطبة مسحنفره وطعنة مثعنجره وجفنة متحيره حلت بأرض أنقره‏.‏

ربّ خطبة مسحنفره وطعنةٍ مثعنجره وجفنةٍ متحيّره حلّت بأرض أنقره ورأى قبر أمراةً من بنات ملوك الروم وقد دفنت بجنب عسيب وهو جبل فقال‏:‏ أجارتنا إنّا غريبان ها هنا وكلّ غريبٍ للغريب نسيب ثم مات فدفن إلى جنب المرأة فقبره هناك‏.‏

ولما مات امرؤ القيس سار الحارث بن أبي شمر الغساني إلى السموأل بن عادياء وطالبه بأدراع امرئ القيس وكانت مائة درع وبما له عنده فلم يعطه فأخذ الحارث ابنًا للسموأل فقال‏:‏ إما أن تسلم الأدراع وإما قتلت ابنك‏.‏

فأبى السموأل أن يسلم إليه شيئًا فقتل ابنه فقال السموأل في ذلك‏:‏ وفيت بأدرع الكنديّ إنّي إذا ما ذمّ أقوامٌ وفيت وأوصى عاديا يومًا بأن لا تهدّم يا سموأل ما بنيت بنى لي عاديا حصنًا حصينًا وماءً كلّما شئت استقيت وقد ذكر الأعشى هذه الحادثة فقال‏:‏ كن كالسموأل إذا طاف الهمام به في جحفلٍ كسواد اللّيل جرّار إذ سامه خطّتي خسفٍ فقال له‏:‏ قل ما تشاء فإنّي سامعٌ حار فقال‏:‏ غدرٌ وثكلٌ أنت بينهما فاختر فما فيهما حظّ لمختار فشك غير طويلٍ ثم قال له‏:‏ اقتل أسيرك إني مانعٌ جاري يوم خزاز وكان من حديثه أن ملكًا من ملوك اليمن كان في يديه أسرى من مضر وربيعة وقضاعة فوفد عليه وفدٌ من وجوه بني معدّ منهم‏:‏ سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة وعوف بن محلم بن ذهل بن شيبان وعوف ابن عمرو بن جشم بن ربيعة بن زيد مناة بن عامر اضحيان وجشم بن ذهل بن هلال بن ربيعة بن زيد ابن عامر الضحيان فلقيهم رجل من بهراء يقال له عبيد بن قراد وكان في الأسرى وكان شاعرًا فسألهم أن يدخلوه في عدة من يسألون فيه فكلموا الملك فيه وفي الأسرى فوهبهم لهم فقال عبيد بن قراد البهراوي‏:‏ نفسي الفداء لعوف الفعال وعوف ولاّبن هلالٍ جشم تداركني بعدما قد هوي ت مستمسكًا بعراقي الوذم ولولا سدوسٌ وقد شمّرت بي الحرب زلّت بنعلي القدم وناديت بهراء كي يسمعوا وليس بآذانهم من صمم ومن قبلا عصمت قاسطٌ معدًّا إذا ما عزيزٌ أزم فاحتبس الملك عنده بعض الوفد رهينةً وقال للباقين‏:‏ ايتوني برؤساء قومكم لآخذ عليهم المواثيق بالطاعة لي وإلا قتلت أصحابكم‏.‏

فرجعوا إلى قومهم فأخروهم الخبر فبعث كليب وائلإلى ربيعة فجمعهم واجتمعت عليه معد وهو أحد النفر الذين اجتمعت عليهم معد على ما نذكره في مقتل كليب‏.‏

فلما اجتمعوا عليه سار بهم وجعل على مقدمته السفاح التغلبي وهو سلمة بن خالد بن كعب بن زهير بن تيم بن أسامة بن مالك بن بكر ابن حبيب بن تغلب وأمرهم أن يوقدوا على خزاز نارًا ليهتدوا بها وخزاز جبل بطخفة ما بين البصرة إلى مكة وهو قريب من سالع وهو جبل أيضًا وقال له‏:‏ إن غشيك العدو فأوقد نارين‏.‏

فبلغ مذحجًا اجتماع ربيعة ومسيرها فأقبلوا بجموعهم واستنفروا من يليهم من قبائل اليمن وساروا إليهم فلما سمع أهل تهامة بمسير مذحج انضموا إلى ربيعة ووصلت مذحج إلى خزام ليلًا فرفع السفاح نارين‏.‏

فلما رأى كليب النارين اقبل إليهم بالجموع فصبحهم فالتقوا بخراز فاقتتلوا قتالًا شديدًا أكثروا فيه القتل فانهزمت مذحج وانفضت جموعها فقال السفاح في ذلك‏:‏ وليلة بتّ أقود في خزاز هديت كتائبًا متحيّرات ضللن من السّهاد وكنّ لولا سهاد القوم أحسب هاديات وقال الفرزدق يخاطب جريرًا ويهجوه‏:‏ لولا فوارس تغلب ابنة وائل دخل العدوّ عليك كلّ مكانٍ وقيل‏:‏ إنه لم يعلم أحد من كان الرئي
س يوم خزاز لأن عمرو بن كلثوم وهو ابن ابنة كليب يقول‏:‏ ونحن غداة أوقد في خزاز رفدنا فوق رفد الرافدينا فلو كان جده الرئيس لذكره ولم يفتخر بأنه رفد ثم جعل من شهد خزازًا متساندين فقال‏:‏ فكنّا الأيمنين إذا التقينا وكان الأيسرين بنو أبينا فصالوا صولةً فيمن يليهم وصلنا صولةً فيمن يلينا فقالوا له‏:‏ استأثرت على إخوتك يعني مضر ولما ذكر جده في القصيدة قال‏:‏ ومنّا قبله الساعي كليبٌ فأيّ المجد إلاّ وقد ولينا فلم يدع له الرياسة يوم خزاز وهي أشرف ما كان يفتخر له به‏.‏

حبيب بضم الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء تحتها نقطتان وآخره باء أخرى موحدة‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق