إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 26 أبريل 2016

50 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر الحرب بين شبيب والجزل بن سعيد


50

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر الحرب بين شبيب والجزل بن سعيد
 

وقتل سعيد بن مجالد فلما قدم الفل الكوفة سير الحجاج الجزل بن سعيد بن شر حبيل الكندي وأسمه عثمان نحو شبيب وأوصاه بالاحتياط وترك العجلة فقال له‏:‏ لا تبعث معي من الجند المهزوم أحدًا فإنهم قد دخلهم الرعب ولا ينتفع بهم المسلمون‏.‏

قال‏:‏ قد أحسنت‏.‏

فأخرج معه أربعة آلاف فساروا معه فقدم الجزل بين يديه عياض بن أبي لبنة الكندي فساروا في طلب شبيب وجعل شبيب يريه الهيبة له فيخرج من رستاق إلى رستاق ولا يقيم إرادة أن يفرق الجزل أصحابه فيلقاه وهو على غير تعبية‏.‏

فجعل الجزل لا يسير إلا على تعبية ولا ينزل إلا خندق على نفسه‏.‏

فلما طال ذلك على شبيب دعة أصحابه وكانوا مائة وستين رجلًا ففرقهم أربع فرق على كل أربعين رجل من أصحابه فجعل أخاه مصادًا في أربعين وسويد بن سليم في أربعين والمحلل بن وائل في أربعين وبقي هو في أربعين وأتته عيونه فأخبروه أن الجزل بدير يزدجرد فأمر شبيب أصحابه فعلقوا على دوابهم ثم سار بهم وأمر كل رأس من أصحابه أن يأتي الجزل من جهة ذكرها له وقال‏:‏ إني أريد أن أبيته فحمل عليهم مصاد في أربعين رجلًا فقاتلوه ساعةً ثم اندفعوا بين يديه وقد أدركهم شبيب فقال‏:‏ اركبوا أكتافهم لتدخلوا عليهم عسكرهم إن استطعتم‏.‏

واتبعوهم ملحين فانتهوا إلى عسكرهم فمنعهم أصحابه من دخول خندقهم وكان للجزل مسالح أخرى فرجعت فمنعتهم من دخول الخندق وقال‏:‏ انضحوا عنكم بالنبل‏.‏

وجعل شبيب يحمل على المسالح حتى اضطرهم إلى الخندق ورشقهم أهل العسكر بالنبل‏.‏

فلما رأى شبيب أنه لا يصل إليه قال لأصحابه‏:‏ سيروا ودعوهم‏.‏

فمضى على الطريق ثم نزل هو وأصحابه فاستراحوا ثم أقبل بهم راجعًا إلى الجزل أيضًا على التعبية الأولى وقال‏:‏ أطيفوا بعسكرهم‏.‏

فأقبلوا وقد أدخل أهل العسكر مسالحهم إليهم وقد أمنوا فما شعروا إلا بوقع حوافر الخيل فانتهوا إليهم قبل الصبح وأحاطوا بعسكرهم من جهاته الأربع فقاتلوهم‏.‏

ثم إن شبيبًا أرسل إلى أخيه مصاد وهو يقاتلهم من نحو الكوفة أن أقبل إلينا وخل لهم الطريق ففعل وقاتلوهم من الوجوه الثلاثة حتى أصبحوا فسار شبيب وتركهم ولم يظفر بهم فنزل على ميل ونصف ثم صلى الغداة ثم سار إلى جرجرايا‏.‏

وأقبل الجزل في طلبهم على تعبية ولا ينزل إلا في خندق‏.‏

وسار شبيب في أرض جوخى وغيرها يكسر الخراج فطال ذلك على الحجاج فكتب إلى الجزل ينكر عليه إبطاءه ويأمره بمناهضتهم فجد في طلبهم وبعث الحجاج سعيد بن مجالد على جيش الجزل وأمره بالجد في قتال شبيب وترك المطاولة‏.‏

فوصل سعيد إلى الجزل وهو بالنهروان قد خندق عليه وقام في العسكر ووبخهم وعجزهم ثم خرج وأخرج معه الناس وضم إليه خيول أهل العسكر ليسير بهم جريدةً إلى شبيبٍ ويترك الباقين مكانهم فقال له الجزل‏:‏ ما تريد أن تصنع قال‏:‏ أقدم على شبيب في هذه الخيل‏.‏

فقال له الجزل‏:‏ أقم أنت في جماعة الناس فارسهم وراجلهم وأبرز لهم فوالله ليقدمن عليك ولا تفرق أصحابك‏.‏

فقال‏:‏ قف أنت في الصف‏.‏فقال الجزل‏:‏ يا سعيد ليس لي في ما صنعت رأي أنا بريء منه‏.‏

ووقف الجزل فصف أهل الكوفة وقد أخرجهم من الخندق‏.‏

وتقدم سعيد بن مجالد ومعه الناس وقد أخذ شبيب إلى قطيطيا فدخلها وأمر دهاقًا أن يصلح لهم غداء ففعل وأغلق الباب يفرغ من الغداء حتى أتاه سعيد في ذلك العسكر فأقبل الدهقان فأعلم شبيبًا بهم فقال‏:‏ لا بأس قرب الغداء فقربه فأكل وتوضأ وصلى ركعتين وركب بغلًا له وخرج عليه وسعيد على باب المدينة فحمل عليهم فقال‏:‏ لا حكم إلا للحكم الحكيم أنا أبو مدله اثبتوا إن شئتم‏.‏

وجعل سعيد يقول‏:‏ هؤلاء إنما هم أكلة رأس وجعل يجمع خليه ويرسلها في أثر شبيب فلما رأى شبيب تفرقهم جمع أصحابه وقال‏:‏ استعرضوهم فوالله لأقتلن أميرهم أو ليقتلني‏.‏

وحمل عليهم مستعرضًا فهزمهم وثبت سعيد ونادى أصحابه فحمل عليه شبيب فضربه بالسيف فقتله وانهزم ذلك الجيش وقتلوا حتى انتهوا إلى الجزل فناداهم‏:‏ أيها الناس إلي إلي وقاتل قتالًا شديدًا حتى حمل من بين القتلى جريحا وقدم المنهزمون الكوفة وكتب الجزل إلى الحجاج بالخبر ويخبره بقتل سعيد وأقام بالمدائن وكتب إليه الحجاج يثني عليه ويشكره وأرسل إليه حيان بن أبهر ليداوي جراحه وألفي درهم لينفقها وبعث إليه عبد الله بن أبي عصيفر بألف درهم فكان يعوده ويتعاهده بالهدية‏.‏

وسار سبيب نحو المدائن فعلم أنه لا سبيل له إلى أهلها مع المدينة فأقبل حتى انتهى إلى الكرخ فعبر دجلة إليها فأرسل إلى السوق بغداد فآمنهم وكان يوم سوقهم وبلغه أنهم يخافونه


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق