49
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث
ذكر الوقعة بين شبيب وسفيان الخثعمي
ثم إن شبيبًا ارتحل فخرج معه طائفة وأقامت طائفة وسار في أرض الموصل نحو أذربيجان وكتب الحجاج إلى سفيان بن أبي العالية الخثعي يأمره بالقفول وكان معه ألف فارس يريد أن
يدخل بها طبرستان.
فلما أتاه كتاب الحجاج صالح صاحب طبرستان ورجع فأمره الحجاج بنزول الدسكرة حتى يأتيه جيش الحارث بن عميرة الهمداني وهو الذي قتل صالحًا وحتى تأتيه خيل المناظر ثم يسير إلى شبيب.
فأقام بالدسكرة ونودي في جيش الحارث: الحرب بالكوفة والمدائن فخرجوا حتى أتوا سفيان وأتته خيل المناظر عليهم سورة بن الحر التميمي فكتب إليه سورة بالتوقف حتى يلحقه فعجل سفيان في طلب شبيب فلحقه بخانقين وارتفع شبيب عنهم حتى كأنه يكره قتالهم وأكمن أخاه مصادًا في هزم من الأرض في خمسين رجلًا فارسًا ومضى في سفح الجبل فقالوا: هرب عدو الله فاتبعوه فقال لهم عدي بن عميرة الشيباني: لا تعجلوا حتى نبصر الأرض لئلا يكون قد كمن فيها كمينًا.
فلم يلتفتوا فاتبعوه فلما جازوا الكمين رجع عليهم شبيب وخرج أخوه في الكمين فانهزم الناس بغير قتال وثبت سفيان في نحو من مائتي رجل فقاتلهم قتالًا شديدًا وحمل سويد بن سليم على سفيان فطاعنه ثم تضاربا بالسيوف واعتنق كل واحد منهما صاحبه فوقعا إلى الأرض.
ثم تحاجزوا وحمل عليهم شبيب فانكشفوا وأتى سفيان غلام له فنزل عن دابته وأركبه وقاتل دونه فقتل الغلام ونجا سفيان حتى انتهى إلى بابل مهروذ وكتب إلى الحجاج بالخبر ويعرفه وصول الجند إلا سورة بن الحر فإنه لم يشهد معي القتال فلما قرأ الحجاج الكتاب أثنى عليه.
فلما وصل كتاب سفيان إلى الحجاج كتب إلى سورة بن الحر يلومه ويتهدده ويأمره أن ينتخب من المدائن خمسمائة فارس ويسير بهم وبمن معه إلى شبيب.
ففعل ذلك سورة وسار نحو شبيب وشبيب يجول في جوخى وسورة في طلبه حتى انتهى إلى المدائن فتحصنوا منه وأخذ منها دواب وقتل من ظهر له فأتى فقيل له: هذا سورة قد أقبل فخرج حتى أتى النهروان فصلوا وترحموا على أصحابهم الذين قتلهم علي وتبرأوا من علي وأصحابه.
وأخبرت سورة عيونه بمنزل شبيب فدعا أصحابه فقال: إن شبيبًا لا يزيد على مائة رجل وقد رأيت أن أنتخبكم فأسير في ثلاثمائة رجل من شجعانكم فآتيه وهو آمن بياتكم فإني أرجو من الله أن يصرعهم.
فأجابوه إلى ذلك فانتخب ثلاثمائة وسار بهم نحو النهروان وبات شبيب وقد أذكى الحرس فلما دنا أصحاب سورة علموا بهم فاستووا على خيولهم وتعبوا تعبيتهم للحرب فلما انتهى إليهم سورة رآهم قد حذروا فحمل عليهم فثبتوا له وضاربوهم وصاح شبيب بأصحابه فحملوا عليهم حتى تركوا العرصة وشبيب يقول: من ينك العير ينك نياكا جندلتان اصطكتا اصطكاكا فرجع سورة إلى عسكره وقد هزم الفرسان وأهل القوة فتحمل بهم وأقبل نحو المدائن واتبعه شبيب يرجو أن يدركه فيصيب عسكره.
فوصل إليهم وقد دخل الناس المدائن وخرج ابن أبي العصيفر أمير المدائن في أهل المدائن فرموا أصحاب شبيب بالنبل والحجارة فارتفع شبيب عن المدائن فمر على كلواذى فأصاب بها دواب كثرةً للحجاج فأخذها ومضى إلى تكريت وأرجف الناس بالمدائن بوصول شبيب إليهم فهرب من بها من الجند نحو الكوفة وكان شبيب بتكريت ولام الحجاج سورة وحبسه ثم أطلقه.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق