24
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الاول
ذكر الطبقة الثالثة من ملوك الروم بعد الهجرة
فأولهم هرقل قد ذكر سبب ملكه وكان مدّة ملكه خمسًا وعشرين سنة وقيل: إحدي وثلاثين سنة وفي أيّامه كان النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنه ملك المسلمون الشام.
ثمّ ملك بعده ابنه قسطنطين وقيل: هو ابن أخيه قسطنطين وكان ملكه تسع سنين وستّة أشهر وسيرد خبره عند ذكر غزاة الصواري إن شاء الله.
وفي أيّامه كان السنهودس السادس على لعن رجل يقال له قورس الإسكندري خالف الملكية ووافق المارونية.ثمّ ملك بعده ابنه قسطا خمس عشرة سنة في خلافة عليّ عليه السلام ومعاوية ثمّ ملك هرقل الأصغر بن قسطنطين أربع سنين وثلاثة أشهر ثمّ ملك قسطنطين بن قسطا ثلاث عشرة سنة بعض أيّام معاوية وأيّام يزيد وبانه معاوية ومروان بن الحكم وصدرًا من أيّام عبد الملك ثمّ ملك أسطنان المعروف بالأخرم تسع سنين أيّام عبد الملك ثمّ خلعه الروم وخرموا أنفه وحمل إلى بعض الجزائر فهرب ولحق بملك الخزر واستنجده فلم ينجده فانتقل إلى ملك برجان ثم ملك بعده لونطش ثلاث سنين أيّام عبد الملك ثمّ ترك الملك وترّهب ثم ملك ابسمير المعروف بالطرسوسي سبع سنين فقصده أسطينان ومعه برجان وجرى بينهما حروب كثيرة وظفر به أسطنان وخلعه وعاد إلى ملكه فكان ذلك أيّام الوليد بن عبد الملك واستقرّ أسطينان وكان قد شرط لملك برجان أن يحمل إليه خراجًا كل سنة فعسف الروم وقتل بها خلقًا كثيرًا فاجتمعوا عليه وقتلوه فكان ملكه الثاني سنتين ونصفًا وكان قتله أول دولة سليمان بن عبد الملك ثم ملك نسطاس بن فيلفوس وكان في أيّامه اختلاف بين الروم فخلعوه ونفوه.
ثمّ ملك تيدوس المعروف بالأرمنيّ في أيّام سليمان بن عبد الملك أيضًا وهو الذي حصره مسلمة بن عبد الملك ثمّ ملك بعده اليون بن قسطنطين لضعفه عن الملك وضمن أليون للروم ردّ المسلمين عن القسطنطينية فملّكوه فكان ملكه ستًا وعشرين سنة ومات في السنة التي بويع ثمّ ملك بعده ابنه قسطنطين إحدى وعشرين سنة وفي أيّامه انقرضت الدولة الزموية وتوفي لعشر سنين مضت من أيام المنصور ثم ملك بعده ابنه اليون تسع عشرة سنة وأربعة أشهر بقيّة أيّام المنصور وتوفي في خلافة المهدي ثمّ ملك بعده ريني امرأة اليون بن قسطنطين ومعها ابنها قسطنطين بن اليون وهي تدبّر الزمر بقية أيام المهديّ والهادي وصدرًا من خلافة الرشيد فلما كبر ابنها أفسد ما بينه وبين الرشيد وكانت أمّه مهادنة له فقصده الرشيد وجرى له معه وقعة فانهزم وكاد يؤخذ فكحلته أمّه وانفردت بالملك بعده خمس سنين وهادنت الرشيد.
ثمّ ملك بعدها نقفور أخذ الملك منها وكان ملكه سبع سنين وثلاثة أشهر وهو نقفور أبو استبراق وكنت قد رأيته مضبوطًا بكثير من الكتب بسكون القاف حتى رأيت رجلًا زعم أن اسمه نقفور بفتح القاف.
وعهد نقفور إلى ابنه استبراق بالملك بعده وهو أول من فعل ذلك في الروم ولم يكن يعرف قبله وكانت ملوك الروم قبل نقفور تحلق لحاها وكذلك ملوك الفرس فلم يفعله نقفور وكانت ملوك الروم قبله تكتب: من فلان ملك النصرانيّة فكتب نقفور: من فلان ملك الروم وقال: لست ملك النصرانيّة كلها وكانت الروم تسمّي العرب سارقيوس يعني: عبيد سارة بسبب هاجر أم إسماعيل فنهاهم عن ذلك وجرى بين نقفور وبين برجان حرب سنة ثالث وتسعين ثمّ ملك بعده ابنه استبراق بعهد من أبيه إليه وكان ملكه شهرين ثمّ ملك بعده ميخائيل بن جرجس وهو ابن عمّ نقفور وقيل: ابن استبراق وكان ملكه سنتين في أيّام الأمين وقيل أكثر من ذلك فوثب به اليون المعروف بالبطريق وغلب على الأمر وحبسه ثم ملك بعده اليون البطريق سبع سنين وثلاثة أشهر فوثب به أصحابُ ميخائيل في خلاص صاحبهم وقتل اليون ثم فتح لم ذلك وعاد ميخائيل إلى الملك وقيل: إنه كان قد ترهب أيام اليون وكان لمكه هذه الدفعة الثانية تسع سنين وقيل أكثر من ذلك.
ثمّ ملك بعده ابنه توفيل بن ميخائيل أربع عشرة سنة وهو الذي فتح زبطرة وسار المعتصم بسبب ذلك وفتح عمّورية وكان موته أيّام الواثق.
ثمّ ملك بعده ابنه ميخائيل ثمانيًا وعشرين سنة وكانت أمّه تدبر الملك معه وزراد قتلها فترهبت وخرج عليه رجل من أهل عمّورية من أبناء الملوك السالفة يعرف بابن بقراط فلقيه ميخائيل فيمن عنده من أسارى المسلمين فظفر به ميخائيل فمثل به ثمّ خرج عليه بسيل الصقلبي فاستولى على الملك وقتل ميخائيل سنة ثلاث وخمسين ومائتين.
ثمّ ملك بعده بسيل الصقلبيّ عشرين سنة أيّام المعتزّ والمهتدي وصدرًا من أيام المعتمد وكانت أمّه صقلبية فنسب إليها.وقد غلط حمزة الأصفهاني فيه فقال عند ذكر ميخائيل: ثم انتقل الملك عن الروم وصار في الصقلب فقتله بسيل الصقلبيّ ظنًا منه أنّ أباه كان صقلبيًا.
ثمّ ملك بعده ابنه اليون بن بسيل ستًا وعشرين سنة أيّام المعتمد والمعتضد والمكتفي وصدرًا من أيّام المقتدر وقيل: إنّ وفاته كانت سنة سبع وتسعين ومائتين.
ثمّ ملك أخوه الإسكندروس سنة وشهرين ومات بالدبيلة وقيل: إنه اغتيل لسوء سيرته ثم ملك بعده قسطنطين بن اليون وهو صبيّ وتولى الأمر له بطريق البحر واسمه ارمانوس وشرط على نفسه شروطًا منها أنه لا يطلب الملك ولا يلبس التاج لا هو ولا زحد من أولاده فلم يمض غير سنتين حتى خوطب هو وأولاده بالملوك وجلس مع قسطنطين على السرير وكان له ثلاثة من الولد فخصى أحدهم وجعله بطرقًا ليأمن من المنازعة فإنّ البطرق يحكم على الملك فبقي على حاله إلى سنة ثلاثين وثلاثمائة من الهجرة فاتفق ابناه مع قسطنطين الملك على إزالة أبيهما فدخلا عليه وقبضاه وسيّراه إلى دير له في جزيرة بالقرب من القسطنطينية وأقام ولداه مع قسطنطين نحو أربعين يومًا وأرادا الفتك به فسبقهما إلى ذلك وقبض عليهما وسيرهما إلى جزيرتين في البحر فوثب أحدهما بالموكّل به فقتله وأخذه أهل تلك الجزيرة فقتلوه وأرسلوا رأسه إلى قسطنطين الملك فجزع لقتله.وأمّا ارمانوس فإنه مات بعد أربع سنين من ترهبّه ودام ملك قسطنطين بقيّة أيّام المقتدر والقاهر والراضي والمستكفي وبعض أيّام المطيع ثمّ خرج على قسطنطين هذا قسطنطين بن أندرونقس وكان أبوه قد توجّه إلى المكتفي سنة أربع وتسعين ومائتين وأسلم على يده وتوفّي فهرب ابنه هذا علي طريق أرمينية وأذربيجان إلى بلاد الروم فاجمع عليه خلق كثير وكثر أبتاعه فسار إلى القسطنطينية ونازع الملك قسطنطين في ملكه وذلك سنة إحدى وثلاثمائة فظفر به الملك فقتله.
وخرج عن طاعته أيضًا صاحب رومية وهي كرسيّ ملك الإفرنج وتسمى بالملك ولبس ثياب الملوك وكانوا قبل ذلك يطيعون ملوك الروم أصحاب القسطنطينية ويصدرون عن أمرهم فلمّا كان سنة أربعين وثلاثمائة قوي ملك رومية فخرج عن طاعته فأرسل إليه قسنطين العساكر يقاتلونه ومن معه من الفرنج فالتقوا واقتتلوا فانهزمت الروم وعادت إلى القسطنطينية منكوبة فكفّ حينئذٍ قسطنطين عن معارضته ورضي بالمسالمة وجرى بينهما مصاهرة فزوّج قسنطين ابنه أرمانوس بابنة ملك رومية ولم يزل أمر الإفرنج بعد هذا يقوى ويزداد ويتسع ملكهم كالاستيلاء على بعض بلاد الأندلس على ما نذكره وكأخذهم جزيرة صقلية وبلاد ساحل الشام والبيت المقدس وعلى ما نذكره وفي آخر الأمر ملكوا القسطنطينيّة سنة إحدي ومما ينبغي أن يلحق بهاذ أنّ الطوائف من الترك اجتمعت منهم: البجناك والبختي وغيرهما وقصدوا مدينة للروم قديمة تسمى وليدر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وحصروها فبلغ خبرهم إلى أرمانوس فسيّر إليهم عسكرًا كثيفًا فيهم من المتنصّرة اثنا عشر ألفًا فاتتلوا قتالًا شديدًا فانهزم الروم واستولى الترك على المدينة وخرّبوها بعد أن أكثروا القتل فيها والسبي والنهب ثمّ ساروا إلى القسطنطينية وحصروها أربعين يومًا وأغاروا على بلاد الروم واتّصلت غاراتهم إلى بلاد الإفرنج ثمّ عادوا راجعين.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق