22
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الاول
فالطبقة الأولى
الصابئون ذكر غير واحد من علماء التاريخ أن الروم غلبت الوينان وهم ولد صوفير والإسرائيليون يدعون أن صوفير هو الأصفر بن نفر بن عيص بن إسحاق بن ابراهيم وكانوا ينزلون رومية قبل غلبتهم على اليونان وكانوا يدينون قبل النصرانيّة بمذهب الصابئين ولهم أصنام يعبدونها على عادة الصابئين فكان أول ملوكهم برومية غاليوس وكان ملكه ثماني عشرة سنة وقيل: كان ملك قبله روملس وارمانوس وهما بنياها وإليهما نُسبت وأضيف الروم إليها وإنما غاليوس أوّل من يعدّ في التاريخ لشهرته ثمّ ملك بعده يوليوس أربع سنين وأربعة أشهر ثم ملك أوغسطس ومعناه الصباء وهو أوّل من سمي قيصر وتفسير ذلك أنّه شُقّ عنه بطن أمّه لأنّها ماتت وهي حامل به فزخرج من بطنها ثم صار ذلك لقبًا لملوكهم وكان ملكه ستًّا وخمسين سنة وخمسة أشهر وأكثر المؤرخين يبتدئون باسمه لأنه أول من خرج من رومية وسيّر الجنود برًا وبحرًا وغزا اليونانيين واستولى على ملكهم وقتل قلوبطرة آخر ملوكهم واستولى على الإسكندرية ونقل ما فيها إلى رومية وملك الشام واضمحلّ ملك اليونانيين ودخلوا في الروم واستخلف على البيت المقدس هيرودس بن أنطيقوس ولاثنتين وأربعين سنة من ملكه كانت والدة المسيح وهو الذي ثمّ ملك بعده طيباريوس ثلاثًا وعشرين سنة وهو الذي بنى مدينة طبرية فأضيفت إليه وعرّبها العرب وفي ملكه رفع المسيح عليه السلام وملك بعد رفعه ثلاث سنين.
ثم ملك بعده ابنه غايوس أبرع سنين وهو الذي قتل اصطفنوس رئيس الشمامسة عند النصارى ويعقوب أخا يوحنّا بن زبدي وهما من الحواريّين وقتل خلقًا من النصارى وهو أوّل الملوك من عبّاد الأصنام قتل النصارى.
ثم ملك قلوديوس بن طيباريوس أربع عشرة سنة وفي ملكه حبس شمعون الصفا ثم خلص شمعون من الحبس وسار إلى انطاكية فدعا إلى النصرانية ثم سار إلى رومية فدعا أهلها أيضًا فأجابته زوجة الملك وسارت إلى البيت المقدس وأخرجت الخشبة التي تزعم النصارى أن المسيح صلب عليها وكانت في أيدي اليهود فأخذتها وردتها إلى النصارى.
ثمّ ملك نيرون ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر وفي آخر ملكه قتل بطرس وبولس بمدينة رومية وصلبهما منكّسين وفي أيّامه ظفرت اليهود بيعقوب بن يوسف وهو أول الاساقفة بالبيت المقدس فقتلوه وأخذوا خشبة الصليب فدفنوها وفي أيّامه كان مارينوس الحكيم صاحب كتاب الجغرافيا في صورة الأرض.
ثمّ ملك بعده غلباس سبعة أشهر ثم ملك أوثون ثلاثة أشهر ثم ملك بيطاليس أحد عشر شهرًا ثمّ ملك اسباسيانوس سبع سنين وسبعة أشهر وفي أيامه خالف أهل البيت المقدس قيصر فحصرهم وافتتح المدينة عنوةً وقتل كثيرًا من زهلها من اليهود والنصارى وعمّهم الأذى في أيّامه.
ثمّ ملك بانه طيطوس سنتين وثلاثة أشهر وفي أيّامه أظهر مرقيون مقالته بالاثنين وهما: الخير والشرّ وبعد ثالث بينهما وإليه تنسب المرقونية وهو من أهل حرّان.
ثمّ ملك ذومطيانش بن اسباسيانوس خمس عشرة سنة وعشرة أشهر ولتسع سنين من ملكه بمدينة أفسيس ثمّ ملك إيليا اندريانوس عشرين سنة وقتل من اليهود والنصارى خلقًا كثيرًا لخلاف كان منهم عليه وأخرب البيت المقدس وهو آخر خرابه فلمّا مضى من ملكه ثماني سنين عمره أيضًا وسمّاه إيليا فبقي الاسم عليه فكان قبل ذلك يسمّى أورشلم وأسكن المدينة جماعةً من الروم واليونان وبنى هيكلًا عظيمًا للزّهرة وكان علاي البنيان فهدم من أعلاه كثير وهو باق إلى يومنا هذا وهو سنة ثلاث وستّمائة وقد رأيته وهو محكم البناء ولا أدري كيف نُسب إلى داود وقد بني بعده بدهر طويل على أنني سمعت بالبيت المقدّس من جماعة يذكرون أنّ داود بناه وكان يتفرّغ فيه لعبادته.
وفي أيّام هذا الملك كان ساقيدس الفيلسوف الصامت.ثمّ ملك أنطنينس بيوس اثنتين وعشرين سنة وفي أيّامه كان بطلميوس صاحب المجسطي والجغرفايا وغيرهما وقيل: إنّه من ولد قلوديوس ولهذا قيل له القلوديّ نسبة إليه وهو السادس من ملوك الروم ودليل كونه في هذا الزمان وليس من ملوك اليونان أنّه ذكر في كتاب المجسطي أنه رصد الشمس بالإسكندرية سنة ثمانمائة وثمانين لبخت نصّر وكان من ملك بخت نصّر إلى قتل دارا أربعمائة وتسع وعشرون سنة وثلاثمائة وستّة عشر يومًا ومن قتل دارا إلى زوال ملك قلوبطرة لملكة آخر ملوك اليونان على يد أوغسطس مائتا سنة وستّ وثمانون سنة ومذ غلبة أوغسطس إلى انطنينوس مائة وسبع وستّون سنة فمذ ملك بخت نصّر إلى أدريانوس ثمانمائة وثلاث وثمانون سنة تقريبًا وهذا موافق لما حكاه بطلميوس.
قال: ومن زعم أنّ ابن قلوبطرة آخر ملوك اليونانيهين فقد أبطل ذكر هذا بعض العلماء بالتاريخ وعدّ موك اليونان وذكر مدّة ملكهم على ما قال وأمّا أبو جعفر الطبريّ فإنّه ذكر في مدّة مُلكهم ماذتي سنة وسبعًا وعشرين سنة على ما تقدّم ذكره.
ثمّ ملك بعده مرقس ويسمّي أورليوس تسع عشرة سنة وفي ملكه أظهر ابنُ ديصان مقالته وكان أسقفًا بالرّهاء وهو من القائلين بالاثنين ونسب إلى نهر على باب الرّهاء يسمى ديصان وجد عليه منبوذًا وبنى على هذا النهر كنيسة.ثم ملك فومودوس اثنتي عشرة سنة وفي أيّامه كان جالينوس قد أردك بطلميوس القلودي وكان دين النصرانيّة قد ظهر في أيّامه وذكرهم في كتابه في: جوامع كتاب أفلاطون في السياسة.
ثمّ ملك برطينقش ثلاثة أشهر ثمّ ملك يوليانوس شهرين ثمّ ملك سيوارس سبع شعرة سنة وشمل اليهود في أيّامه القتل والتشريد وبنى بالإسكندرية هيكلًا عظيمًا سمّاه هيكل الآلهة.
ثمّ ملك انطونيوس ستّ سنين ثمّ ملك مقرونيوس سنة وشهرين ثمّ ملك أنطونيوس الثاني زربع سنين ثمّ ملك الاكصندروس ويلقّب مامياس ثلاث عشرة سنة ثم مل مقسميانوس ثلاث سنين ثم ملك مقسموس ثلاثة أشهر ثم ملك غرديانوس ستّ سنين ثم ملك فيلبوس ستّ سنين وتنصّر وترك دين الصابئين وتبعه كثيرٌ من زهل مملكته واختلفوا لذلك وكان فيمن خالفه بطريق يقال له داقيوس قتل فيلبوس واستولى على الملك ثم ملك بعد فيلبوس داقيوس ينتين وتتبّع النصارى فهرب منه أصحاب الكهف إلى غار في جبل شرقيّ مدينة أفسيس وقد خربت المدينة وكان لبثهم فيه مائة وخمسين سنة.
وهذا باطل لأنّه علي هذا السياق من حين رفع المسيح إلى الآن نحو مائتي سنة وخمس عشرة سنة وكان لبث أصحاب الكهف علي ما نطق به القرآن المجيد «ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا» «الكهف: 25» . فذلك خمسمائة سنة وأربع وعشرون سنة فعلى هذا يكون ظهورهم قبل الإسلام بنحو ستّين سنة وقد ذكرنا من لدن ظهورهم إلى الهجرة زيادة على مائتي سنة فهذه الجملة أكثر من الفترة بين المسيح والنبيّ عليهما الصلاة والسلام إلا أنّ هذا الناقل قد ذكر أن غيبتهم كانت ماذة وخمسين سنة على ما نراه مذكورًا وفيه مخالفة للقرآن ولولا نصّ القرآن لكان استقام له ما يريد.
ثمّ ملك بعده غاليوس سنتين وكان شريكه في الملك يوليانوس ملك خمس عشرة سنة ثم ملك قلوديوس ثم ملك ابنه اورليانوس ستّ سنين ثم ملك طافسطوس وأخوه فورس تسعة أشهر ثمّ بروبس تسع سنين ثمّ ملك قاروس سنتين وخمسة أشهر ثمّ ملك دقلطيانوس سبع عشرة سنة ثمّ ملك مقسيمانوس وشاركه مقسنطيوس ثمّ اقتتلا فاقتسما الملك فملك الأب علي الاشم وبلاد الجزيرة وبعض الروم وملك الابن رومية وما اتصل بها من أرض الفرنج وملكا تسع سنين وتملك معهما قسطنس أبو قسطنطين بلاد بورنطيا وما يليها وهي نواحي القسطنطينيّة ولم تكن بنيت حينئذٍ ثمّ مات قسطنس وملك بعده ابنه قسطنطين المعروف بزمّه هيلاني وهو الذي تنصّر.
قال: ومن أول ملوك الروم إلى ها هنا كانوا شبيهًا بملوك الطوائُ لا ينضبط عددهم وقد اختلف الناس فيهم كاختلافهم في ملوك الطوائف وإنّما الذي يعوَّل عليه من قسطنطين إلى هرقل الذي بعث محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أيامه ولقد صدق قائل هذا فإنّ فيه من الاختلاف والتناقض ما ذكرنا بعضه عند ذكر دقيوس وأصحاب الكهف ولهذه العلّة لم يذكر الطبريّ أصحاب الكهف في زمان أيّ الملوك كانوا وإنّما ذكرناه نحن لما في أيّام الملوك من الحوادث.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق