14
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث
ذكر مقتل عمير بن الحباب بن جعدة السلمي
في هذه السنة قتل عمير بن الحباب بن جعدة السلمي ونحن نذكر سبب الحرب بين قيس وتغلب حتى آل الأمر إلى قتل عمير.
وكان سبب ذلك أنه لما اقضى أمر مرج راهط وسار زفر الحارث الكلائي إلى قرقيسيا على ما ذكرناه وبايع عمير مروان بن الحكم وفي نفسه ما فيها بسبب قتل قيس لمارج فلما سير مروان بن الحكم عبيد الله بن زياد إلى الجزيرة والعراق كان عمير معه فلقوا سليمان بن صرد بعين الوردة وسار عبيد الله إلى قرقيسيا لقتال زفر فثبطه عمير وأشار بالخازر فمال عمير معه فانهزم جيش عبيد الله وقتل هو فأتى عمير قرقيسيا وصار مع زفر فجعلا يطلبان كلبًا واليمانية بم قتلوا من قيس وكان معهما قوم من تغلب يقاتلون معهما ويدلونهما.
وشغل عبد الملك عنهما بمصعب وتغلب عمير على نصيبين.
ثم إنه مل المقام بقرقيسيا فاستأمن إلى عبد الملك فأمنه ثم غدر به فحبسه عند مولاه الريان فسقاه عمير ومن معه من الحرس خمرًا حتى أسكرهم وتسلق في سلم من حبال وخرج من الحبس وعاد إلى الجزيرة ونزل على نهر البليخ بين حران والرقة فاجتمعت إليه قيس فكان يغير بهم على كلب واليمانية وكان من معه يستأوون جواري تغلب وسخرون مشايخهم من النصارى فهاج ذلك بينهم شرًا لم يبلغ الحرب وذلك قبل مسير عبد الملك إلى مصعب وزفر.
ثم إن عميرًا أغار على كلب ثم رجع فنزل على الخابور وكانت منازل تغلب بين الخابور والفرات ودجلة.
وكانت بحيث نزل عمير امرأة من تميم ناكح في تغلب يقال لها أم دويل فأخذ غلام من بيني الحريش أصحاب عمير عددًا من غنمها فشكت إلى عمير فلم يمنع عنها فأخذوا الباقي فمانعهم قوم من تغلب فقتل رجل منهم يقال له مجاشع التغلبي وجاء دويل فشكت أمه إليه وكان فارسًا من فرسان تغلب فسار في قومه وجعل يذكرهم ما تصنع بهم قيس ويشكو إليهم ما أخذ من غنم أمه فاجتمع منهم جماعة وأمروا عليهم شعيث بن مليك التغلبي وأغاروا على بني الحريش ومعهم قوم من نمير فقتل فيهم التغلبيون واستاقوا ذودًا لامرأة منهم يقال لها أم الهيثم فمانعهم القيسيون فلم يقدروا على منعهم فقال الأخطل: فإن نسألون بالحريش فإننا منينا بنوكٍ منهم وفجور غداة تحامتنا الحريش كأنها كلاب بدت أنيابها لهرير يوم مساكين ولما استحكم الشر بين قيس وتغلب وعلى قيس عمير وعلى تغلب شعيث غزا عمير بني تغلب وجماعتهم بماكسين من الخابور فاقتتلوا قتالًا شديدًا وهي أول وقعة لهم فقتل من بني تغلب خمسمائة وقتل شعيث وكانت رجله قطعت فقاتل حتى قتل وهو يقول: قد علمت قيس ونحن نعلم أن الفتى يقتل وهو أجذم يوم الثرثار الأول والثرثار نهر أصل منبعه شرقي مدينة سنجار وبالقرب من قرية يقال لها سرق وفرغ في دجلة بين الكحيل ورأس الأويل من عمل الفرج.
لما قتل بماكسين من ذكرنا استمدت تغلب وحشدت واجتمعت إليها النمر بن قاسط وأتاها المشجر بن الحارث الشيباني وكان من ساداتهم بالجزيرة وأتاها عبيد الله بن زياد بن ظبيان منجدًا لهم على قيس فلذلك حقد عليه مصعب بن الزبير حتى قتل أخاه النابئ بن زياد واستنجد عمير تميمًا واسدًا فلم ينجده منهم أحد.
فالتقول على الثرثار وقد جعلت تغلب عليها بعد شعيث زياد بن هوبر ويقال: يزيد بن هوير التغلبي فاقتتلوا قتالًا شديدًا فانهزمت قيس وقتلت تغلب ومن معها منهم مقتلهً عظيمةً وبقروا بطون ثلاثين امرأة من بني سليم وقالت ليلى بنت الحارس التغلبيه وقيل هي للأخطل: لما رأونا والصليب طالعا ومارس جيش وسمًا ناقعا والخيل لا تحمل إلا دارعا والبيض في أيماننا قواطعا خلوا لنا الثرثار والزارعا وحنةً طيسًا وكرمًا يانعا يوم الثرثار الثاني ثم إن قيسًا تجمعت واستمدت واستعدت وعليها عمير بن الحباب وأتاهم زفر بن الحارث من قرقيسيا وكان رئيس بني تغلب والنمر ومن معهما ابن هرير فالتقوا بالثرثار واقتتلوا أشد قتال اقتتله الناس وانهزمت بنو عامر وكانت على مجنبة قيس وصبرت سليم وأعصرت حتى انهزمت تغلب ومن معها وقتل ابنا عبد يشوع وغيرهما من أشراف تغلب فقال عمير بن الحباب: فدًا لفوارس الثرثار نفسي وما جمعت من أهل ومال وولت عامر عنا فأجلت وحولي من ربيعة كالجبال
وقال زفر بن الحارث: ألا من مبلع عني عميرًا رسالة ناصحٍ وعليه زاري أنترك حي ذي يمنٍ وكلبًا ونجعل جدنا بك في نزار كمعتمدٍ على إحدى يديه فخانته بوهنٍ وانكسار يوم الفدين وأغار عمير بن الحباب على الفدين وهي قرية على الخابور وقتل من بها من بني تغلب فهزمهم فقال نفيع بن صفار المحاربي: لو تسأل الأرض الفضاء عليكم شهد الفدين بهلككم والصور والصور: قرية من الفدين.
يوم السكير وهو على الخابور يسمى سكير العباس.
ثم اجتمعوا والتقوا بالسكير وعلى قيس عمير بن الحباب وعلى تغلب والنمر يزيد بن هوبر فاقتتلوا قتالًا شديدًا فانهزمت تغلب والنمر وهرب عمير بن جندل وهو من فرسان تغلب
وأفلتنا يوم السكير ابن جندلٍ على سابحٍ عوج اللبان مثابر ونحن كررنا الخيل قدمًا شواذبًا دقاق الهوادي داميات الدوائر وقال ابن صفار: صبحناكم بهن على سكيرٍ ولا قيتم هناك الأقورينا يوم المعارك والمعارك بين الحضر والعتيق من أرض الموصل اجتمعت تغلب بهذا المكان فالتقوا هم وقيس فاقتتلوا به فاشتد قتالهم فانهزمت تغلب وقال ابن صفار: ولقد تركنا بالمعارك منكم والحضر والثرثار أجسادًا جثا فيقال: إن يوم المعارك والحضر واحد هزموهم إلى الحضر وقتلوا منهم بشرًا كثيرًا.
وقال بعضهم: هما يومان كانا لقيس والله أعلم.
والتقوا أيضًا بلبى فوق تكريت من أرض الموصل فتناصفوا فقيس تقول: كان الفضل لنا وتغلب تقول: كان الفضل لنا.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق