102
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الاول
حرب حاطب ثم كانت الوقعة المعروفة بحاطب
وهو حاطب بن قيس من بني أمية ابن زيد بن مالك بن عوف الأوسي وبينها وبين حرب سمير نحو مائة سنة.
وكان بينهما أيام ذكرنا المشهور منها وتركنا ما ليس بمشهور.
وحرب حاطب آخر وقعة كانت بينهم إلا يوم بعاث حتى جاء الله بالإسلام.
وكان سبب هذه الحرب أن حاطبًا كان رجلًا شريفًا سيدًا فأتاه رجل من بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان فنزل عليه ثم إنه غدا يومًا إلى سوق بني قينقاع فرآه يزيد بن الحارث المعروف بابن فسحم وهي أمه.
وهو من بني الحارث بن الخزرج.
فقال يزيد لرجل يهودي: لك ردائي إن كسعت هذا الثعلبي.
فأخذ رداءه وكسعه كسعةً سمعها من بالسوق.
فنادى الثعلبي: يا آل حاطب كسع ضيفك وفضح! وأخبر حاطب بذلك فجاء إليه فسأله من كسعه فأشار إلى اليهودي فضربه حاطب بالسيف فلق هامته فأخبر ابن فسحم الخبر وقيل له: قتل اليهودي قتله حاطب فأسرع خلف حاطب فأدركه وقد دخل بيوت أهله فلقي رجلًا من بني معاوية فقتله.
فثارت الحرب بين الأوس والخزرج واحتشدوا واجتمعوا والتقوا على جسر ردم بني الحارث بن الخزرج.
وكان على الخزرج يومئذ عمرو بن النعمان البياضي وعلى الأوس حضير بن سماك الأشهلي.
وقد كان ذهب ذكر ما وقع بينهم من الحروب فيمن حولهم من العرب فسار إليهم عببنه بنى حصن ابن حذيفة بن بدر الفزاري وخيار بنى مالك بن حماد الفزاري فقدما المدينة وتحدثا مع الأوس والخزرج في الصلح وضمنا أن يتحملا كل ما يدعي بعضهم على بعض فأبوا ووقعت الحرب عند الجسر وشهدها عيينة وخيار.
فشاهدا من قتالهم وشدتها ما أيسا معه من الإصلاح بينهم فكان الظفر يومئذ للخزرج.
وهذا اليوم من أشهر أيامهم وكان بعده عدة وقائع كلها من حرب حاطب فمنها: يوم الربيع ثم التقت الأنصار بعد يوم الجسر بالربيع وهو حائط في ناحية السفح فاقتتلوا قتالًا شديدًا حتى كاد يفني بعضهم بعضًا فانهزمت الأوس وتبعها الخزرج حتى بلغوا دورهم وكانوا قبل ذلك إذا انهزمت إحدى الطائفتين فدخلت دورهم كفت الأخرى عن اتباعهم.
فلما تبع الخزرج الأوس إلى دورهم طلبت الأوس الصلح فامتنعت بنو التجار من الخزرج عن إجابتهم.
فحصنت الأوس النساء والذراري في الآطام وهي الحصون ثم كفت عنهم الخزرج فقال صخر بن سلمان البياضي: ألا أبلغا عنّي سويد بن صامتٍ ورهط سويدٍ بلّغا وابن الاسلت بأنّا قتلن بالربيع سراتكم وأفلت مجروحًا به كلّ مفلت فلولا حقوق في العشيرة إنّها أدلّت بحقٍ واجب إن أدلّت فأجابه سويد بن الصامت: ألا أبلغا عنّي صخيرًا رسالةً فقد ذقت حرب الأوس فيها ابن الاسلت قتلنا سراياكم بقتلى سراتنا وليس الذي ينجو إليكم بمفلت ومنها: يوم البقيع ثم التقت الأوس والخزرج ببقيع الغرقد فاقتتلوا قتالًا شديدًا فكان الظفر يومئذ للأوس فقال عبيد بن ناقد الأوسي: لّما رأيت بني عوفٍ وجمعهم جاءوا وجمع بني النجّار قد حفلوا دعوت قومي وسهّلت الطريق لهم إلى المكان الذي أصحابه حللوا جادت بأنفسها من مالك عصبٌ يوم اللقاء فما خافوا ولا فشلوا وعاوروكم كؤوس الموت إذ برزوا شطر النهار وحتّى أدبر الأصل تكشّف البيض عن قتلى أولى رحمٍ لولا المسالم والأرحام ما نقولا تقول كلّ فتاةٍ غاب قيّمها: أكلّ من خلفنا من قومنا قتلوا لقد قتلتم كريمًا ذا محافظة قد كان حالفه القينات والحلل جزلٌ نوافله حلوٌ شمائله ريّان واغله تشقى به الإبل الواغل: الذي يدخل على القوم وهم يشربون.
فأجابه عبد الله بن رواحة الحارثي الخزرجي: لّما رأيت بني عوفٍ وإخوتهم كعبًا وجمع بني النجّار قد حفلوا قدماّ أباحوا حماكم بالسيوف ولم يفعل بكم أحدٌ مثل الذي فعلوا وكان رئيس الأوس يومئذ في حرب حاطب أبو قيس بن الأسلت الوائلي فقام في حربهم وهجر الراحة فشحب وتغير.
وجاء يومًا إلى امرأته فأنكرته حتى عرفته بكلامه فقالت له: لقد أنكرتك حتى تكلمت! فقال: قالت ولم تقصد لقيل الخنا: مهلًا فقد أبلغت أسماعي واستنكرت لونًا له شاحبًا والحرب غولٌ ذات أوجاع من يذق الحرب يجد طعمها مرًّا وتتركه بجعجاع أسعى على جلّ بني مالك كلّ امرئ في شأنه ساعي أعددت للأعداء موضونةً فضفاضةً كالنّهي بالقاع أحفزها عنّي بذي رونق مهنّدٍ كاللمع قطّاع صدقٍ حسامٍ وادقٍ حدّه ومنحنٍ أسمر قرّاع وهي طويلة ثم إن أبا قيس بن الأسلت جمع الأوس وقال لهم: ما كنت رئيس قوم قط إلا هزموا فرئسوا عليكم من أحببتم فرأسوا عليهم حضير الكتائب بن السماك الأشهلي وهو والد أسيد بن حضير لولده صحبةٌ وهو بدريّ فصار حضير يلي أمورهم في حروبهم.
فالتقى الأوس والخزرج بمكان يقال له الغرس فكان الظفر للأوس ثم تراسلوا في الصلح فاصطلحوا على أن يحسبوا القتلى فمن كان عليه الفضل أعطى الدية فأفضلت الأوس على الخزرج ثلاثة نفر فدفعت الخزرج ثلاثة غلمة منهم رهنًا بالديات فغدرت الأوس فقتلت الغلمان.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق