إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 1 مايو 2014

1352 قصة الحضارة ( ول ديورانت ) قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلت -> إنجلترة المرحة -> العدالة والقانون 4- العدالة والقانون





1352


قصة الحضارة ( ول ديورانت )

 قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلت -> إنجلترة المرحة -> العدالة والقانون

4- العدالة والقانون


مازالت طبيعة الإنسان تنفر من المدنية، على رغم القرون العديدة التي سادت فيها الديانات وقامت الحكومات، وظلت تعبر عن الاستياء والاعتراض في سلسلة طويلة من الخطايا والجرائم، لم تفلح القوانين والأساطير والعقوبات في وقف سيلها. وكان في قلب لندن أربع مدارس للقانون هي The Inner Temple, The Middle Temple Gray's Inn Lincoln's Inn تعرف في جملتها باسم دور القضاء وأقام الطلبة فيها كما كانوا يقيمون في قاعات كليات أكسفورد وكمبردج. ولم يسمح بالالتحاق بها إلا لذوي المحتد الكريم، وكان كل المتخرجين فيها يقسمون اليمين على خدمة التاج. وكان البارزون منهم أو الذين يسهل قيادهم يصبحون قضاة في


محاكم الملكة. وارتدى القضاة والمحامون في أثناء تأدية عملهم أردية تدل على الهيبة والوقار، وكأن عظمة القانون وجلاله يكمنان في خياطة الثياب.
وكانت المحاكم، بالإجماع، فاسدة. وعرف أحد أعضاء البرلمان قاضي صالح بأنه: "حيوان يمكنه أن يستغني بست دجاجات عن اثنا عشر قانوناً(32)". وطلب فرنسيس بيكون مغريات أكبر. وفي رواية شكسبير قال الملك لير الذي روعه الحزن : "اكسوا الخطيئة بالذهب، يتكسر سيف العدالة القاطع دون أن يؤذي أحداً(33)"، ولما كان القضاة يعزلون وفق مشيئة الملكة فانهم حسبوا لهذا حسابه في أحكامهم، وقبض ذوو الحظوة لديها الرشوة ليغروها بالتدخل في قرارات الحاكم(34)، وظل نظام المحلفين معمولاً به، إلا في تهمة الخيانة العظمى، ولكن غالباً ما كان القضاة أو موظفو التاج يخوفون المحلفين ويكرهونهم على قضاء مآربهم بالتهديد(35)، وكان هناك توسع في تعريف تهمة الخيانة العظمى لتشمل كل عمل يهدد حياة صاحب العرش أو جلاله. وكان نظر مثل هذه القضايا أمام محكمة قاعة النجم (The Star Chamber)-وهو مجلس شورى الملكة منعقداً على هيئة محكمة ليمارس سلطاته القضائية، وهناك كان المتهم محروماً من تحقيق المحلفين لقضيته أو المعارضة في أمر حبسه، أو من محام للدفاع عنه، بل كان عرضة للاستجواب المرهق أو التعذيب، وكان يحكم عليه عادة بالسجن أو الإعدام.
وقام قانون العقوبات على العوائق أكثر منه على المراقبة والكشف عن الحقيقة. ولما كانت القوانين ضعيفة فقد باتت العقوبات صارمة. وكان الإعدام هو العقوبة القانونية لأية واحدة من مائتي جريمة. منها الابتزاز بالتهديد، وقطع الأشجار الصغيرة، وسرقة أكثر من شلن واحد. وبلغ متوسط من شنقوا بسبب الجريمة، سنوياً، في إنجلترا المبتهجة، في عهد إليزابث، 800 شخص(36). أما الجرائم الصغرى فكان عقابها التعذيب بالمشهرة والمخلعة والجلد بالسياط، وإحراق ثقب في الأذن أو اللسان أو إحدى الأذنين أو اليدين(37). ولما كتب جون ستبز، وهو محام بيوريتاني، نشرة يستنكر فيها اقتراح زواج إليزابث من ألنسون،



باعتبار هذه الزواج خضوعاً أو استسلاماً للكاثوليكية، قطعت يده اليمنى بأمر القاضي، فرفع جون الجدعة الدامية، ورفع بيده اليسرى قبعته، ثم هتف "لتحي الملكة(38)" وقدم فيليب سدني إلى الملكة احتجاجاً على هذه الوحشية. واستشعر سيسل العار والخجل فعينه في منصب حكومي ذي راتب كبير وجهد يسير. وكان التعذيب غير مشروع، لكن محكمة قاعة النجم استخدمته، وإنا لنلاحظ أنه برغم أن آداب العصر كانت عميقة قوية، فإن المستوى العام لمدنية العصر لم يبلغ مستوى المدنية في إيطاليا أو أفنيون في عهد بترارك، وأقل كثيراً منه في روما على عهد أغسطس.


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق