157
تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها
المطران بورفيريوس الثاني مطران الدير الحالي
أما المطران بورفيريوس الثاني مطران سيناء الحالي فإنه من أفضل المطارنة الذين تولوا رئاسة الدير وأغزرهم علما وأعظمهم شأنا . وهو يتقن اللغات اليونانية والفرنساوية والألمانية كتابة وتكلما ويتكلم اللغات العربية والانكليزية والروسية . وله أصدقاء ومريدون كثيرون من كبار الأقوام في مصر وغيرها من الأقطار . لذلك نأتي علىطرف من تاريخ حياته كما أخذناها عنه وعن أصدقائه الأخصاء فنقول :
" ولد في جزيرة القديس افستراتيوس قرب جزيرة لمنوس سنة 1859م .
وحضر إلى مصر وهو في الثانية عشرة من العمر لمشاهدة شقيق له في السويس فأدخله شقيقه في المدرسة العبيدية بالجوانية بالقاهرة لتلقي مبادئ العلوم فيها تحت رعاية رهبان دير سيناء فرأى الرهبان منه فتى ذكي الفؤاد رضي الخلق متوقد الذهن فأحبوه وحببوا إليه الرهبنة . وبعد درس سنتين في المدرسة العبيدية أنهى فيهما دروس القسم الابتدائي أرسلوه إلى جامعة أثينا فدرس فيها اللغة اليونانية سنتين . ثم عاد إلى مصر فأتم دروس القسم التجهيزي الفصل الأول بسنة . وكان قد بلغ الثامنة عشرة من عمره فأرسله رهبان الدير إلى كلية خالكي اللاهوتية الشهيرة في الآستانة فدرس فيها سبع سنوات ونال شهادتها . وقد كرس راهبا وشماسا في يوم واحد في كلية خالكي وسنه إذ ذاك 23 سنة . ثم عالد إلى مصر فعين سكرتيرا للدير ومدرسا للعلوم الدينية في المدرسة العبيدية . وكان على دير سيناء في ذلك العهد المطران كالستراتس توفي سنة 1885 وسمي على الدير المطران بورفيريوس الأول . وكان من قبل أرشمندرينا في الآستانة وقد عرف المترجم هناك وأحبه محبة شديدة حتى كان يدعوه ابنه . فلما تولى رئاسة الدير عني به عناية خاصة فأرسله إلى أكادمية كيف في روسيا فدرس فيها اللغة الروسية سنة . ثم أرسله إلى كلية لبسك الشهيرة بألمانيا فدرس فيها الفلسفة ص 234
واللغة الألمانية أربع سنين . وعاد إلى مصر سكرتيرا للدير ومدرسا للعلوم الدينية في المدرسة العبيدية كما كان قبلا . وبقى إلى سنة 1895 فسمي أرشمندريتا للجالية اليونانية في باريز فأقام فيها 9 سنين . واعترى المطران بورفيروس الأول مطران سيناء مرض أقعده عن العمل فاستعفى من رئاسة الدير وأشار بتعيين المترجم في مكانه فسمي مطرانا على سيناء بإجماع الأراء وذلك في 23 ابريل سنة 1904 . وتوفي المطران بورفيريوس الأول في 15 يوليو سنة 1909 في جزيرة صاقس ودفن فيها. فذهب المطران الحالي في صيف سنة 1913 وحمل عظامه إلى مصر في صندوق . وفي نوفمبر من السنة المذكورة حملها إلى الدير ووضعها في معرض الجماجم المار ذكره لتحفظ فيه , وقد فعل ذلك جريا على عادة الرهبان من حفظ رفاتهم وتكريما لروح صديق محب غيور .
وأشهر صفات المطران الحالي الإخلاص والوفاء والشمم ومحبة الحق والعدل والحرية وله غيرة مرة على قومه وبلاده . وهو يدأب الليل والنهار لترقية دير سيناء والمدرسة العبيدية اللذين تحت رئاسته . ويحب عربان سيناء ويسعى لراحتهم كما يسعى لراحة الرهبان . وهو محبوب جدا من الجميع . ومما أتاه من الإصلاح في الدير ومراكزه :
1- تنظيم مكتبة الدير . وتأسيس مكتبة نفيسة في مركز القاهرة
2- ترميم بعض المنازل داخل سور الدير
3- بناء منزل طبقة ثالثة في مركز الدير بالقاهرة
4- بناء منزل للإيجار ثلاث طبقات قرب مركز الدير بالقاهرة
5- بناء منزل للإيجار في السويس قرب مركز الدير فيها
6- تعديل الشروط بين العربان والرهبان وزوار الدير بشأن تأجير الإبل
7- إنشاء مدرسة للصبيان في مدينة الطور سنة 1897
8- الحصول على مساعدة سنوية للدير من الحكومة قدرها 100 جنيه ووعد بزيادتها إلى 400 جنيه
9- ضبط مالية الدير والمدرسة العبيدية وتحسين موارد دخلهما . ص235
وهو الآن شارع في إتمام الاصلاحات الآتية :
تأسيس مدرسة للبنات و ومطبعة لطبع كتب الدير , ومكتبة , ومدرسة لاهوتية للرهبان في مركز الدير بمدينة الطور , وبناء منازل له وللرهبان وكنائس داخل سور الدير في القسم الجنوبي منه . وبناء فندق كبير للزوار في عرصة الدير . وبناء كنيسة جميلة على قمة جبل موسى بدل الكنيسة الحالية . وكنيسة على تل المحرد في وادي فيران .
ولعل أفضل ما يستطيع الرهبان إجراءه من الاصلاح في الدير أن يحولوه تدريجيا إلى مدرسة لاهوتية راقية ليكون مصدرا تنبعث منه أنوار العلم والحكمة والعرفان إلى جميع البلدان كما هو الآن مصدر عون وأسعاف لمن هم حوله من العربان .
" أسباب بقاء الدير " ولقد قوي الدير على البقاء في تلك البادية النائية عن العالم المتمدن كل هذه الأجيال مع اختلاف أهلها عن رهبانه دينا وجنسا وعادات :
1- لأنه معقل حصين بالنسبة لاستعداد البدو القاطنين حوله
2- لأنه قائم على جبل يقدسه اليهود والنصارى والمسلمون على السواء
3- لأنه أظهر عهدا من النبي صدقه سلاطين المسلمين من قديم العهد إلى اليوم
4- لأن رهبانه بنوا جامعا داخل سوره وأظهروا من التسامح الديني ما لم يعد معه محل للإضطهاد
5- لأنه يعول فقراء البدو ويحسن معاملة الزائرين من كل جنس ودين
6- لأنه مصدر رزق كبير للبدو لانتفاعهم من تأجير إبلهم للسياح والحجاج الذين يزورونه والرهبان الذين يسكنونه .
" طرق الدير " وللدير عدة طرق من مصر والشام والحجاز وأشهرها :
" طريق من السويس تمر بفيران طولها ثمانية أيام . وطريق من السويس تمر بالرملة طولها ستعة أيام . وطريق من الطور تمر بوادي حبران وهي يومان طويلان . وطريق من الطور تمر بوادي اسلا طولها يومان , وطريق من نخل تمر بنقب الراكنة ستة أيام . وطريق من العقبة تمر بالنويبع ووادي العين 7 أيام . وطريق من غزة تمر بالمويلح والثمد ووادي شعيرة الدبس . وسيأتي الكلام عليها كلها في باب الطرق . 236
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق