169
تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها
درب الحج المصري
الحج في الإسلام زيارة البيت الحرام مفروضا مرة في العمر والزيادة تطوع . ويشترط لفرضه الحرية والبلوغ والعقل والصحة والقدرة على الزاد والراحلة ونفقة ذهابه وإيابه وعياله إلى حين عوده مع أمن الطريق . وأشهره شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة ويكره الإحرام له قبلها . وقد اعتاد الحجاج بعد زيارة الكعبة في مكة أن يزوروا قبر النبي في المدينة تبركا لا لإداء فرض .
ويذهب المسلمون إلى الحج أفرادا وجماهير . أما جماهير الركبان فلا تخرج إلا من أربع جهات : مصر ودمشق وبغداد وتعز . وأما الحج المصري فيجمع أهل المغرب والسودان ومصر في مدينة القاهرة عاصمة مصر .
وأول طريق اتخذها الحج المصري إلى مكة المشرفة هي طريق عيذاب .
وكان يركب الحجاج النيل من ساحل الفسطاط إلى قوص بمصر العليا ثم يركبون الإبل من قوص فيقطعون صحراء عيذاب إلى البحر الأحمر حيث ينزلون إلى جدة وهكذا يعودون إلى مصر . وكانت قوافل التجار من اليمن والحبشة والهند تأتي مصر بهذه الطريق أيضا .
وبقيت طريق الحج على " عيذاب " حتى زار السلطان الملك الظاهر مكة المشرفة وكساها وعمل لها مفتاحا وكان قد استرجع أيلة من الصليبيين سنة 665هـ 1367م فذهب بطريق السويس وأيلة فصارت أيلة طريق الحج من ذلك الحين إلى سنة 1884 م فاتخذت طريق البحر على السويس وجدة ومازالت كذلك إلى الآن .
وممن حج قديما من الملوك بهذه الدرب الملك الناصر بن قلاوون . قال أبو الفداء في حوادث سنة 719هـ 1319م عند ذكر هذه الملك : " وسار على درب الحج المصري على السيس وأيلة . وسرت في صدقاته حتى وصلنا رابغ " اه .
وقد اعتاد ملوك مصر منذ القديم أن يرسلوا مع ركب الحج الكساء للكعبة ويرسلوا أميرا ومعه العساكر لحماية الحجاج في الطريق . قال أبو الفدا في حوادث ص 262
718هـ 1318م : " عند توجه الحاج من مصر أرسل السلطان الأمير بدر الدين بن التركماني ... مع الحجاج إلى مكة بعسكر " اه . قيل وكان أول من نظم المحمل مع الحج المصري وأرسل الكسوة للكعبة وحماها بالعساكر : شجرة الدر التي حكمت مصر سنة 648هـ 1250م بعد انتهاء الدولة الأيوبية . وما زالت هذه العادة متبعة إلى اليوم .
وقد عني ملوك مصر من القديم بإصلاح طريق الحج هذه العادة متبعة إلى اليوم .
وقد عني ملوك مصر من القديم بإصلاح طريق الحج هذه وتمثيد عقباتها وأنشأوا فيها الخانات والقلاع وحصنوها بالعساكر تأمينا للطريق وحفروا الآبار وبنوا البرك لسقي الحجاج وركائبهم . وأهم آثارهم على هذه الدرب في بر مصر : بركة الحاج غربي القاهرة . وقلعة عجرود غربي السويس . وفي بر سيناء : " النواطير . وقلعة نخل وآبارها وبركها . وبئر القريص وبركها . وتمهيد دبة البغلة ونقب العقبة . وقلعة أيلة " وقد مر ذكرها جميعا . وفي بر الحجاز على شاطئ البحر الأحمر الشرقي : " قلعة المويلح . فبرج ضبا . فقلعة الوجه . كفقلعة ينبع " .وفي داخل بر الحجاز : قلعة رابغ .
وكان خفر المحمل يؤلف من 300 إلى 400 عسكري من المدفعية والشاة وعليهم ضابط برتبة لواء معه سلطة القتل والسجن . وكانت حكومة مصر ترسل إلى القلاع التي في الطريق نجارين لترميم الساقي وملء البرك قبل وصول الركب . وترسل الزاد للعساكر والعلف لركائبهم . وكان عرب العائذ المار ذكرهم لتزمون تقديم الإبل للمحمل المصري . فلما تحضروا التزمها سائر عرب الشرقية والقليوبية على التناوب . فسنة يلتزمها عرب القليوبية وهم الحويطات وبلي والصوالحة وجهينة والعليقات والعيايدة . وسنة يلتزمها عرب الشرقية وهم : النفيعات . والسماعنة , والطميلات والسعديين والعقايلة والمساعيد والبياضيين . وأولاد على . والأخارسة . وكان كل فريق يقدم في السنة من 400 : 500 جمل وكانوا يلتزمون حفظ المحمل إلى العقبة ولكن جمالهم تسير مع المحمل إلى مكة . وقد خصصت الحكومة مرتبات سنوية لمشايخ القبائل القاطنة في هذه الدرب للمحافظة على الأمن .
وكان يقام في كل من نخل والعقبة في زمن الحج سوق تباع فيها الأقمشة والمأكولات والحبوب كالدقيق والعدس والفول والأرز والشعير والبن وقمر الدين . ص 263
وكان للحويطات جعل يدعى " الفرش " وهو رطل من كل ما يباع في سوقي نخل والعقبة . وللتياها رطلان من كل ما يباع من المأكولات وربع كيلة من كل صنف من الغلال في سوق نخل . وكان دليل الحج المصري من الحويطات .
أما درب الحج المصري فتنشأ من مصر القاهرة وتخترق صحراء السويس الجرداء إلى أن تقطع ترعة السويس في سهل رملي فياح مارا بالنواطير الثلاثة إلى أن تدخل وادي الحاج فتصعد معه إلى مفرق وادي الحاج حيث تلتقي درب الحج المصري الدرب الآتية من شط السويس ببئر المرة أو ببئر مبعوق كما سيجئ .
ومن هنا يعرف وادي الحاج بوادي الحيطان كما مر . تستمر السير بهذا الوادي إلى رأسه اللمعروف بشرفة الحاج ساعة ونصف من المفرق . ثم تهبط وادي صدر الحيطان فتنحدر معه إلى سهل التيه العظيم نصف ساعة فجبيل حسن ساعة . ومن هنا يسير الوادي شمالا بشرق إلى مصبه بالبروك وتبقى في اتجاهك نحو الشرق فتأتي مقطع وادي الأغيدرة بساعة إلا ربع . فوادي السحيمي بساعة إلا عشرة . فوادي النتيلة بساعة وربع ... فوادي أبو جذل بساعتين إلا عشرة . فالنهدان بنصف ساعة . فقلعة نخل بنصف ساعة . ومن نخل تستمر باتجاهك نحو الشرق فتقطع فروع وادي العريش الشرقية ودبة البغلة ثم فروع وادي الجرافي إلى نقب العقبة . فالعقبة . فمكة .
وقد سرت في هذه الدرب من العقبة إلى شط السويس وفارقتها من مفرق وادي الحاج . وطولها في بر سيناء أي من ترعة السويس إلى العقبة نحو 150 ميلا .
كان ركب الحج المصري يقطعها بستة أيام منها ستون ساعة سفرا هكذا : من كوبرى السويس إلى دبة وادي الحاج 6 ساعات . فجبيل حسن 12 ساعة . فقلعة نخل 2 ساعة . فبئر القريص 12 ساعة . فمفرق العقبة 12 ساعة . فقلعة العقبة 6 ساعات .
وقد أصبحت هذه الطريق الآن طريق تجار الإبل والأغنام من الحجاز إلى مصر . وما زال بعض الحجاج المغاربة وغيرهم يعودون بها إلى اليوم . ص 264
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق