إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

93 فتوح الشام ( للواقدي )


93

فتوح الشام ( للواقدي )



ثم دعا أبو عبيدة رضي الله عنه بسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعقد له راية وأمره على خمسمائة فارس وثلاثمائة راجل وأمرهم أن يهبطوا إلى الوادي وأن يقاتلوا القوم على الأبواب وأن يشغلوهم عن المسلمين ثم دعا ضرار بن الأزور وعقد له راية وأمره على خمسمائة فارس ومائة راجل وسرحه إلى باب الشام وقال‏:‏ يا ابن الأزور أظهر شجاعتك على بني الأصفر فقاتل من هناك من الروم فقال‏:‏ حبًا وكرامة‏.‏

قال ومضت كل فرقة إلى جهة من الجهات فلما أصبح الصباح فتحت الروم الأبواب وخرجوا في خلق كثير إلى أن تكاملوا حول بطريقهم هربيس‏.‏

فقال لهم البطريق‏:‏ اعلموا يا معاشر النصرانية أن أهل هذا الدين من قبلكم قد فشلوا عن قتال هؤلاء العرب وعجزوا عن قتالهم ونزالهم‏.‏

فقالوا‏:‏ أيها السيد طب نفسًا وقر عينًا فإنا كنا نخاف من العرب قبل أن نختبرهم ونعلم قتالهم وقد علمنا أنهم إذا لاقوا حربنا لم يكونوا أصبر منا على الحرب لأن أحدهم يلقي الحرب وعليه ثوب خلق خام أو فروة خلقة ونحن علينا الدروع والزرد وقد وهبنا أنفسنا للمسيح‏.‏

قال الواقدي‏:‏ فلما نظر أبو عبيدة إلى كثرتهم نادى برفيع صوته‏:‏ يا معاشر المسلمين لا تفشلوا فتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين‏.‏

قال وإن الروم داخلهم الخوف لما كانوا قد نالوه من غرة المسلمين بالأمس فحملوا حملة عظيمة‏.‏

قال سهل بن صباح العبسي‏:‏ شهدت قتال أهل بعلبك وقد خرج إلينا أهلها في اليوم الثاني وهم أطمع مما كانوا في اليوم الأول وقد حملوا علينا حملة عظيمة شديدة منكرة وكنت في ذاك اليوم أصابني جرح في عضدي الأيمن وما أطيق أن أحرك يدي ولا أحمل سيفًا فترجلت عن جوادي وجريت بين أصحابي وقلت في نفسي‏:‏ إذا قصدني أحد من هؤلاء الأعلاج لم يكن لي أن أدفع عن نفسي فطلعت إلى فروة الجبل فعلوته وأشرفت على العسكرين وجعلت أنظر إلى حربهم وقتالهم وقد طمعت الروم في العرب والمسلمون ينادون بالنصر وأبو عبيدة يدعو لهم بالنصر والتحمت القبائل وافتخرت العشائر قال سهل بن صباح‏:‏ وأنا على الجبل من وراء حجر أنظر إلى ضرب السيوف على البيض والحجف والشرر يطير من شعاعها وقد التقى الفريقان واختلط الجمعان فقلت في نفسي‏:‏ ويحي وما عسى أن ينفع المسلمين مقام سعيد بن زيد وضرار بن الأزور على الأبواب والأمير أبو عبيدة في مثل هذا الحرب وإنهم والله على وجل أن ينكشفوا من عظم شدتهم وحربهم وهول ما يلقونه قال‏:‏ فأسرع إلى جراثيم الشجر فجعلت أكسرها وأعبي الحطب بعضه على بعض وعمدت إلى زناد كان معي فأوقدت النار وأضرمتها فيه وعبيت عليه حطبًا أخضر ويابسًا حتى علا منه دخان عظيم وكانت علامتنا إذا أردنا أن يجتمع بعضنا إلى بعض بأرض الشام في الليل وقود النار وإثارة الدخان قال فما هو إلا أن علا الدخان وتصاعد إلى الأفق حتى نظر إليه سعيد بن زيد وأصحابه وضرار بن الأزور وأصحابه فنادى بعضهم بعضًا الحقوا الأمير أبا عبيدة رحمكم الله فإن هذا الدخان ما هو إلا من شيء عظيم والصواب أن نكون بخيلنا في موضع واحد فأسرعوا بخيلهم وساروا حتى أشرفوا على المسلمين وهم في شدة الحرب وأعظم الكرب وقد بلغت القلوب الحناجر وعملت السيوف البواتر وإذا بمناد هتف بهم‏:‏ يا حملة القرآن جاءكم النصر من الرحمن ونصرتم على عبدة الصلبان وإذا قد أشرف عليهم سعيد بن زيد وضرار بن الأزور في أوائل خيلهم وقد شرعا سنانهما وحملا في الروم وقد أيقن الروم أنهم الغالبون إذ ظهرت عليهم رايات المسلمين وكتائب الموحدين فالتفتوا ينظرون ما الخبر وإذا بالمسلمين من ورائهم وقد حالوا بينهم وبين مدينتهم فنادوا بالويل والخراب وظنوا أنه قد أتى للمسلمين نجدة ومدد وقد غرر بهم البطريق فلما نظر البطريق إلى تبلدهم زعق فيهم وقال‏:‏ يا ويلكم لا ترجعوا إلى المدينة قد حيل بينكم وبينها وهذه مكيدة من مكايد العرب فلما سمعت الروم ذلك أحاطوا ببطريقهم كالحلقة المستديرة يحمي بعضهم بعضًا فعدل بهم البطريق نحو الجبل ذات الشمال وكان سعيد بن زيد وضرار بن الأزور قد أقبلا بجيشهما عن يمين الحصن وشماله فحملوا عليهم واتبعوا آثارهم حتى طلعوا إلى الجبل والتجأت الروم إلى ضيعة في الجبل حصينة خالية من أهلها فاستند الروم إليها وتحصنوا فيها وتبعهم سعيد بن زيد في الخمسمائة فارس الذين كانوا معه وذلك أن الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه لما نظر بلى هزيمة الروم نادى في المسلمين‏:‏ معاشر الناس لا يتبعهم أحد ولا يفترق جمعكم لأني أخشى أن تكون هزيمة القوم مكيدة لكم حتى إذا تفرق جمعكم زحفوا عليكم قال وإن سعيد بن زيد لم يكن يسمع النداء ولو سمع النداء ما تبع القوم‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق