إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 11 يوليو 2014

345 فتوح الشام ( للواقدي )



345


فتوح الشام ( للواقدي )


فلما رأوا منهم صدق القول أسلموا إلا قليلًا منهم وعملوا البيعة الكبيرة جامعًا وأقاموا ثلاثة أيام وتركوا عندهم الحكم بن هشام ومعه عشرة من أصحابه ليعلموهم شرائع الدين وأتى ضبة ومن معه إلى عياض وأخبره بما جرى ففرح بذلك وقال‏:‏ وان أهل آمد لم يفتحوا بابًا ولا باشروا قتالًا وضاق صدر عياض ومن معه من ذلك‏.‏

قال الواقدي‏:‏ ومكثوا خمسة أشهر وكان خالد بن الوليد كما ذكرنا على باب الماء وكان في يوم يركب بجيش الزحف ويدور حول المدينة فإذا أتى الليل نزل في منزله وكان غلامه همام يخبز له في كل ليلة أقراص شعير ويتركها له في قبته‏.‏

فإذا صلى المغرب كل تلك الأقراص عند الإفطار وأنه استمر ثلاث ليال لم يجد شيئًا يفطر عليه فقال لغلامه همام‏:‏ أنت يا ولدي ما عندك ما تفطرني عليه ولك بهذه الليلة ثلاث ليال لم تصنع لي شيئًا‏.‏

فقال‏:‏ والله يا مولاي إنني في كل ليلة أصنعها وأضعها لك ولم يكن عندي منها علم وما ظننت إلا أنك تأكلها فلما كانت الليلة الرابعة وضع همام الأقراص على عادته وأخفى نفسه وجلس لينظر من يأخذها فإذا هو بكلب قد أقبل من نحو المدينة ودخل القبة وأخذ الزاد وخرج فتبعه همام وإذا به قد دخل من مسرب الماء في جانب السور‏.‏

قال فتركه همام وعاد فلما أتى خالد من صلاته أقبل وطلب الفطور فقال له همام‏:‏ يا مولاي كان من الأمر ما هو كذا وكذا قال خالد‏:‏ يا همام أرني الموضع فمضى همام أمام خالد وأراه الموضع الذي دخل منه الكلب فلما رآه قال‏:‏ الله أكبر فتح الله ونصر وعاد وطلب أصحابه وأعلمهم بالقصة‏.‏

وقال لهم‏:‏ قد عولت أن أدخل المدينة من مسرب الماء وأريد منكم مائة رجل يهبون نفوسهم لله تعالى وتعلمون أن الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار وفاء لمن أخذ منها بحقها ودار رجاء لمن تزود منها ودار نجاة لمن فهم عنها الدنيا مهبط وحي الله ومصلى ملائكته ومسجد أحبابه وأوليائه اتخذوها مزرعة فرحمنا الله وإياكم وكان لنا ولكم فمن أراد الزاد من هذه الدنيا الفانية إلى يوم حشره فليبادر إلى التجارة الرابحة ولا يغزه طول الأجل فيطمئن إلى التقصير في العمل ألا وإني در وهبت نفسي لله وقد اشترى‏.‏

ثم قرأ ‏{‏إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة‏}‏ ‏(‏التوبة‏:‏ 111‏)‏‏.‏ فمن باع فليبادر ولا يجزع مما يحاذر فالموعد بيننا في عرصات القيامة وموقف الحسرة والندامة فاتبعوا سلفكم الطاهر والدين الباهر فعولوا على بركة الله وعونه واختار من أصحابه مائة وأمرهم بلبس السلاح وركب إلى عياض وأعلمه بما عزم عليه من دخوله المدينة من المسرب وقال له‏:‏ كن على أهبة إذا سمعت التكبير والتهليل‏.‏

فقال‏:‏ علمت ذلك وأنا على أهبة بحمد الله امض أعانك الله ونصرك وسر على بركة الله وعونه‏.‏

قال‏:‏ فودعه خالد ورجع إلى أصحابه فوجدهم قد استعدوا فسار أمامهم وهم رجالة إلى أن أتى إلى باب المسرب وكان نصف الليل وأمر الله سلطان النوم فاستولى على من كان على السور والحرس لأنه جل شأنه إذا أراد أمرًا بلغه وهيأ أسبابه‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق