إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 3 يوليو 2014

124 فتوح الشام ( للواقدي )


124

فتوح الشام ( للواقدي )


قال الواقدي‏:‏ فخرج أصحاب رسعول الله قسيز إلى العرب المتنضرة فوجدوا جبلة بن الأيهم قد نزل بإزاء المسلمين يريد حربهم وقتالهم فلما قربوا من بني غسان نادى جابر بن عبد الله وقال‏:‏ يا معاشر العرب من لخم وغسان وجذام إننا بنو عمكم ونريد الدنو إليكم‏.‏

قال‏:‏ فأذن لهم جبلة بالدنو إليه فدخلوا عليه‏.‏

فإذا هو في مضرب من الديباج وقد فرش بالحرير الأصفر وهو جالس وحوله ملوكه وملوك جفنة فحيوه بتحية ملوك العرب فرفع جبلة أقدارهم وأدنى مزارهم وقال‏:‏ يا بنى العم أنتم من الرحم من القرابة داني خرجت إليكم من جهة هذا الجيش الذي يرهقكم فخرج الرب رجل منكم فأفرط علي في المقال فما الذي أتى بكم إلي فكان أول من كلمه جابر بن عبد الله وقال‏:‏ يا ابن العم لا تؤاخذنا فيما تكلم به صاحبنا فإن ديننا لا يقوم إلا بالحق والنصيحة وإن النصيحة لك منا واجبة لأنك ذو قرابة ورحم وقد أتينا إليك ندعوك إلى دين الإسلام وتكون من أهل مقتنا ويكون لك ما لنا وعليك ما علينا فإن ديننا شريف ونبينا ظريف فقال‏:‏ ما أحب ذلك ولا غيره إنني ضنين بديني وأنتم يا معاشر الأوس والخزرج رضيتم لأنفسكم أمرًا ونحن رضينا لأنفسنا أمرًا لكم دينكم ولنا ديننا‏.‏

فقال له الأنصاري‏:‏ إن كنت لا تحب أن تفارق دينك الذي أنت عليه فاعتزل عن قتالنا لتنظر لمن تكون العاقبة والغلبة فإن كانت لنا وأردت الدخول في ديننا قبلناك وكنت منا وأخانا وإن أقمت على دينك قنعنا منك بالجزية وأقررناك على بلدك وعلى مواطن كثيرة لآبائك وأجدادك‏.‏

فقال جبلة‏:‏ أخشى إن تركت حربكم وقتالكم وكانت الدائرة للقوم لا آمن أن يتقووا على بلدي لأن الروم لا ترضى مني إلا أن أكون مقاتلًا لكم وقد رأسوني على جميع العرب وأنا لو دخلت دينكم كنت دنيئًا ولا أتبع فقال الأنصاري‏:‏ فإن أبيت ما عرضناه عليك فإن ظفرنا بك قتلناك فاعتزل عنا وعن سيوفنا فإنها تفلق الهام وتبري العظام فتكون الوقعة بغيرك أحب إلينا من الوقعة بك وبمن معك قال‏:‏ وكانت الأنصار يريدون بهذا الكلام تخويفه وترغيبه كي ينصرف عنهم وجبلة يأبى ذلك‏.‏

فقال‏:‏ وحق المسيح والصليب لا بد أن أقاتل عن الروم ولو كان لجميع الأهل والقرابة‏.‏

فقال له قيس بن صعد‏:‏ يا جبلة أبيت إلا أن يحتوي الشيطان على قلبك فيهوي بك في النار فتكون من الهالكين وإنما أتينا لندعوك إلى دين الإسلام لأن رحمك متصلة برحمنا فإن أبيت فستعاين منا حربًا شديدًا يشيب فيه الطفل الصغير ثم وثب قيس بن سعد وقال لقومه‏:‏ انهضوا على بركة الله تعالى وعونه وحسن طاعته فبعدا له وسحقًا فقام جبلة فاستعد للقتال بعدته قال فركب الأنصار خيولهم ورجعوا إلى الأمير أبي عبيدة وخالد بن الوليد رضي الله عنهما وأعلموهما بمقالة جبلة وأنه ما يريد إلا القتال‏.‏

فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه‏:‏ أبعده الله تعالى فوعيش عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين لينظرن منا جبلة ما ينظر‏.‏

ثم قال خالد بن الوليد رضي الله عنه‏:‏ اعلموا معاشر المسلمين أن القوم في ستين ألف فارس من العرب المتنصرة وهم حزب الشيطان ونحن ثلاثون ألف فارس من حزب الرحمن ونريد أن نلقي هذا الجمع الكبير فإن قاتلنا جبلة بجمعنا كله كان ذلك وهنا منا ولكن ينتدب منا أبطال ورجال إلى قتال هؤلاء العرب المتنصرة فقال أبو سفيان صخر بن حرب‏:‏ لله درك يا أبا سليمان فلقد أصبت الرأي فاصنع ما تريد وخذ من الجيش ما أحببت‏.‏

فقال‏:‏ إني قد رأيت من الرأي أن نندب من جيشنا ثلاثين فارسًا فيلقى كل واحد ألفي فارس من العرب المتنصرة‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق