123
فتوح الشام ( للواقدي )
غير أنه ثنى رأس جواده وأتى إلى ماهان فزعًا مرعوبًا وقد امتلأ قلبه رعبًا من كلام عبادة بن الصامت فلما وقف بين يدي ماهان تبين في وجهه الجزع والفزع.
فقال لجبلة: ما وراءك.
فقال: أيها الملك إني خوفت وأرعبت ومنيت فكان ذلك كله عندهم بالسواء وقالوا: ما بيننا إلا الحرب والقتال.
فقال له ماهان: فما هذا الفزع الذي أراه في وجهك وهم عرب مثلكم وأنتم عرب مثلهم وقد بلغني أنهم ثلاثون ألف فارس وأنتم ستون ألف فارس أما يقاتل الرجلان منكم الرجل الواحد منهم دونك يا جبلة فسر أنت وأبناء عمك من العرب المتنصرة إلى قتالهم وأنا وراءكم فإن ظفرتم بهم كان الملك مشتركًا بيننا وبينكم وتكون أقرب الناس إلينا ويسلم إليكم ما فتحه العرب من بلاد الشام.
قال الواقدي: وجعل ماهان يرغب جبلة في العطاء ويلينه ويحرضه على القتال في المسلمين حتى أجاب إلى ذلك وأخبر قومه وبني عمه من بني غسان ولخم وجذام وغيرهم من العرب المتنصرة وأمرهم بأخذ الأهبة للحرب والقتال ففعل القوم ذلك وركبوا في سابغ الحديد والزرد النضيد وهم ستون ألف فارس ما يخالطهم من غير العرب أحد يقدمهم جبلة بن الأيهم وعليه درع من الذهب الأحمر متقلد بسيف من عمل التبابعة وعلى رأسه الراية التي عقدها له الملك هرقل فسار جبلة نحو الصحابة في ستين ألف فارس حتى أشرف على عساكر المسلمين وأبو عبيدة يتحدث مع عبادة بن الصامت بما جرى بينه وبين جبلة بن الأيهم إذ أشرفت عليهم العرب المتنصرة فلما رآهم المسلمون صاح بعضهم على بعض: يا معاشر المسلمين قد أقبلت عليكم العرب المتنصرة لقتالكم فما أنتم قائلون قالوا: نقاتلهم ونرجو من الله تعالى الظهور عليهم والمعونة وعلى غيرهم وهموا بالحملة فصاح عليهم خالد بن الوليد رضي الله عنه وقال: اصبروا رحمكم الله ولا تعجلوا حتى أكيدهم بمكيدة يهلكون بها وقال لأبي عبيدة رضي الله عنه: أيها الأمير إن القوم قد استعانوا علينا بالعرب المتنصرة وهم أضعاف عددنا وإن نحن نقاتلهم بجمعنا كله كان ذلك وهنا منا وضعفًا وأريد أن أبعث لهم رسولًا من بني عمهم يكلمهم في شأن ردهم عنا فإن فعلوا كان ذلك كسرًا لهم وللمشركين ووهنًا عظيمًا وإن أبوا إلا الحرب والقتال خرج منا نفر يسير يردونهم على أعقابهم بعزة الله عز وجل قال: فتعجب أبو عبيدة رضي الله عنه وقال: يا أبا سليمان افعل ما تريد.
فعند ذلك دعا خالد بن الوليد بقيس بن سعد وعبادة بن الصامت الخزرجي وجابر بن عبد الله وأبي أيوب بن خالد بن يزيد رضي الله عليهم أجمعين فلما وقفوا بين يديه قال لهم: يا أنصار الله تعالى ورسوله هؤلاء العرب المتنصرة يريدون قتالكم وهم غسان ولخم وجذام وهم بنو عمكم في النسب فاخرجوا إليهم وخاطبوهم واجتهدوا في ردهم عن حربكم وقتالكم فإن فعلوا ذلك وإلا أخذهم السيف منا ومنكم وكنا لقتالهم كفؤًا.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق