120
فتوح الشام ( للواقدي )
قال الواقدي: فلما نزل ماهان بعساكره بإزاء المسلمين على نهر اليرموك أقام أيامًا لا يقاتل ولا يثير حربًا.
جبلة بن الأيهم قال الواقدي: وكان تأخير ماهان لأمر وذلك أن رسولًا ورد عليه من الملك هرقل يقول له: لا تنجز الحرب بينك وبين المسلمين حتى نبعث إليهم رسولًا ونعدهم منا كل سنة بمال كثير وهدايا لصاحبهم عمر بن الخطاب ولكل أمير منهم ويكون لهم من الجابية إلى الحجاز فلما وصل الرسول إلى ماهان قال: هيهات هيهات إن كانوا يجيبون إلى ذلك أبدًا.
فقال له جرجير وهو من بعض ملوك الجيش: وما عليك في هذا الذي ذكره الملك هرقل من المشقة.
فقال ماهان: اخرج أنت إليهم وادع منهم رجلًا عاقلًا وخاطبه بالذي سمعت واجتهد في ذلك.
قال فلبس جرجير ثياب الديباج وتعصب بعصابة من الجوهر وركب شهباء عالية بسرج من الذهب الأحمر المرصع بالدر والجوهر وخرج معه ألف فارس من المدبجة وسار حتى أشرف على عساكر المسلمين ووقف جرجير أصحابه وقرب من المسلمين ووقف بإزائهم وقال: يا معاشر العرب أنا رسول من الملك ماهان فليخرج إلي أميركم والمقدم عليكم حتى نعرض عليه مقالنا ولعلنا نصطلح ولا نسفك دم بعضنا.
قال فسمعه المسلمون فأعلموا الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه بذلك فخرج بنفسه إليه وعليه ثوب من كرابيس العراق وعلى رأسه عمامة سوداء وهو متقلد بسيفه وسار إلى أن وصل إلى جرجير ورفس فرسه حين التقت عنق فرسيهما والناس ينظرون إليهما.
فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: يا أخا الكفر قل ما أنت قائل واسأل عما تريد.
فقال جرجير: يا معاشر العرب لا يغرنكم ان تقولوا هزمنا عساكر الروم في مواطن كثيرة وفتحنا بلادهم وعلونا أكثر أرضهم فانظروا الآن ما قد أتاكم من العساكر فإن معنا من سائر الأجناس المختلفة وقد تحالف الروم أن لا يفروا ولا ينهزموا وأن يموتوا عن آخرهم وليس لكم على ما ترون من طاقة فانصرفوا إلى بلادكم وقد نلتم ما نلتم من بلاد الملك هرقل وقد عول الملك أن يتعود الإحسان إليكم وهو يهب لكم ما أخذتم من بلادهم منذ ثلاث سنين وقد أخذتم السلاح والذهب والفضة وقد كنتم حين قدمتم الشام منكم على رحيله ومنكم عريان فأجيبوا إلى ما دعوتكم إليه وإلا كنتم من الهالكين.
فقال الأمير أبو عبيدة: أما ما ذكرت من عساكر الروم وأنهم لا يفرون ولا ينهزمون فلو رأت الروم شفار سيوفنا هربت ناكصة على أعقابها وأما تهويلك لنا بكثرة علاكم فقد رأيت قلتنا وضعف أجسامنا وكيف لقينا جموعكم وكثرتها وعظم عددها وسلاحها وأحب الأشياء إلينا يوم مشاجرتكم بالحرب والقتال حتى يعرف من الذي يثبت للحرب فلما سمع جرجير كلام الأمير أبو عبيدة التفت إلى رجل من أصحابه يقال له بهيل.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق