119
فتوح الشام ( للواقدي )
فقال خالد بن الوليد: والله يا ابن حرب لقد نطقت عن ضميري وهكذا الرأي عندي.
فعند ذلك أمر أبو عبيدة الناس بالرحيل من الجابية فرحلوا ودعا أبو عبيدة بجيش خالد بن الوليد الذي أقبل به من أرض العراق وهو جيش الزحف وهو يومئذ أربعة آلاف فارس وأمر خالد بن الوليد رضي الله عنه أن يسير بهم ويكون على طلائع المسلمين وحرسهم من وراء ظهورهم.
قال: ووقعت الضجة للمسلمين عند رحيلهم حتى سمع ضجيجهم من مسيرة فرسخين وطلبوا اليرموك وسمع الروم المجتمعة بالأردن ضجة المسلمين عند رحيلهم فظنوا أنهم هاربون إلى الحجاز لما بلغهم من جيش هرقل فطمعوا فيهم وهموا بالغارة على أطرافهم فلقيهم خالد بن الوليد رضي الله عنه فصاح في رب له وقال: دونكم والقوم فهذه علامة النصر قال: فانتضى المسلمون السيوف ومدوا الرماح وحمل خالد بن الوليد رضي الله عنه وحمل ضرار بن الأزور رضي الله عنه والمرقال وطلحة بن نوفل العامري وزاهد بن الأسد وعامر بن الطفيل وابن أكال الدم وغير هؤلاء من الفرسان المعدودين للبراز فلم يكن للروم طاقة بهم فولوا منهزمين والمسلمون يقتلون ويأسرون حتى وصلوا إلى الأردن فغرق منهم خلق كثير ورجع خالد بن الوليد رضي الله عنه وأما الأمير أبو عبيدة فإنه نزل باليرموك وجعل أذرعات من خلفه وكان هناك تل عظيم فعمد أبو عبيدة رضي الله عنه إلى نساء المسلمين وأولادهم فأصعدهم على ذلك الجبل وأقام الحراس والطلائع على سائر الطرقات فلما وصل خالد بن الوليد رضي الله عنه بالأسارى والغنائم فرح أبو عبيدة رضي الله عنه فرحًا شديدًا وقال: أبشروا رحمكم الله تعالى هذه علامة النصر والظفر وأقام المسلمون باليرموك وهم مستعدون لقتال عدوهم كأنهم ينتظرون وعدًا وعدوا به وبلغ الخبر إلى قسطنطين ابن الملك هرقل بأن المسلمين قد نزلوا باليرموك وأن ملوك الروم سائرون لقتالهم فبعث رسولًا إلى الملوك يستضعف رأيهم في إبطاء أمرهم ويحثهم على قتال المسلمين فلما ورد رسوله إلى ماهان دعا بالملوك والبطارقة وقرأ عليهم كتاب قسطنطين ابن الملك هرقل وأمرهم بالمسير فسارت جيوش الروم يتلو بعضها بعضًا لا يمرون ببلد من مدائن الشام التي فتحها المسلمون إلا ويعنفون أهلها ويقولون لهم: يا ويلكم تركتم أهل دينكم وملتكم وملتم إلى العرب.
فيقولون لهم: أنتم أحق بالملامة منا لأنكم هربتم منهم وتركتمونا للبلاء فصالحنا عن أنفسنا فيعرفون الحق فيسكتون ولم يزالوا سائرين حتى وصلوا إلى اليرموك فنزلوا بدير يقال له دير الجبل وهو بالقرب من الرمادة والجولان وجعلوا بينهم وبين عسكر المسلمين ثلاثة فراسخ طولًا وعرضًا فلما تكاملت الجيوش باليرموك أشرفت سوابق الخيل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان جبلة بن الأيهم في المقدمة في ستين ألف فارس من العرب المتنصرة من غسان ولخم وجذام وهم على مقدمة ماهان فلما نظر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كثرة جيوش الروم قالوا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال عطية بن عامر: فوالله ما شبهت عساكر اليرموك إلا كالجراد المنتشر إذا سد بكثرته الوادي.
قال: ونظرت إلى المسلمين قد ظهر منهم القلق وهم لا يفترون عن قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وأبو عبيدة رضي الله عنه يقول: {ربنا أفرغ علينا صبرًا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين} [البقرة: 250]. قال وأخذ المسلمون أهبتهم ودعا الأمير أبو عبيدة بجواسيسه من المعاهدين وأمرهم أن يدخلوا عساكر الروم يجسون له خبر القوم وعددهم وعديدهم وسلاحهم وقال أبو عبيدة رضي الله عنه: أنا أرجو من الله تعالى أن يجعلهم غنيمة لنا.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق