112
فتوح الشام ( للواقدي )
معركة حمص
قال الواقدي: فلم يكن يوم حمص أشد حربًا ولا أقوى جلدًا من بني مخزوم غير أن عكرمة بن أبي جهل كان أشدهم بأسًا وإقدامًا وهو يقصد الأسنة بنفسه فقيل له: اتق الله وارفق بنفسك فقال: يا قوم أنا كنت أقاتل عن الأصنام فكيف اليوم وأنا أقاتل في طاعة الملك العلام وإني أرى الحور متشوقات إلي ولو بدت واحدة منهن لأهل الدنيا لأغنتهم عن الشمس والقمر ولقد صدقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما وعدنا ثم سل سيفه وغاص في الروم ولم يزدد إلا إقدامًا وقد عجبت الروم من حسن صبره وقتاله.
فبينما هو كذلك إذ حمل عليه البطريق هربيس صاحب حمص وبيده حربة عظيمة تضيء وتلتهب وهزها في كفه وضربه بها فوقعت في قلبه ومرقت من ظهره فانجدل صريعًا وعجل الله تعالى بروحه إلى الجنة فلما نظر خالد بن الوليد إلى ابن عمه وقد وقع صريعًا أقبل حتى وقف عليه وبكى وقال: يا ليت عمر بن الخطاب نظر إلى ابن عمي صريعًا حتى يعلم إنا إذا لاقينا العدو ركبنا الأسنة ركوبًا.
قاما ولم يزالوا في الأهوال الشديدة حتى هجم الليل عليهم وتراجعت الروم إلى مدينتهم وغلقوا الأبواب وطلعوا على الأسوار ورجعت المسلمون إلى رحالهم وخيامهم وباتوا ليلتهم يتحارسون فلما أصبح الصباح قال الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه: يا معاشر المسلمين ما بالكم قد صدكم هؤلاء القوم وبعد الطمع فيهم ما بالكم هزمتم وجزعتم منهم والله ألبسكم عافية مجللة وسلامة سابغة وأظفركم على بطارقة الروم وفتح لكم الحصون والقلاع فما هذا التقصير والله تعالى مطلع عليكم فقال خالد بن الوليد رضى الله عنه: هؤلاء فرسان الروم أشد الرجال ليس فيهم سوقة ولا جبان وقد تعلم أنهم يكونون أشد في الحرب لأنهم يمنعون عن الذراري والنسوان.
فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: فما الرأي عندك يا أبا سليمان يرحمك الله.
فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: أيها الأمير قد رأيت من الرأي أننا ننكشف للقوم غدًا وندع لهم سوائمنا وإبلنا فإذا تباعدنا عن مدينتهم وتبعتنا خيلهم وتباعدوا عن مدينتهم وصاروا معنا عطفنًا عليهم ومرقناهم بالأسنة ونقطع ظهورهم لبعدهم عن مدينتهم.
فقال أبو عبيدة: نعم الرأي ما رأيت يا أبا سليمان ولقد أشرت وأحسنت.
قال وتواعد المسلمون على أن ينكشفوا بين أيدي الروم وأن يتركوا لهم سوائمهم فلما أصبح الصباح فتحت أبواب حمص وخرجت الروم من جميع الأبواب وزحفوا يريدون القتال فسألهم العرب كفوا القتال وأروهم التقصير والخوف وأطمعوهم في أنفسهم وجعلوا ينحرفون عن قتالهم حتى تضاحى النهار وانبسطت الشمس وطاب الحرب وطمعت الروم في المسلمين لما بان لهم من تقصيرهم فشد الروم بالحملة عليهم فانهزمت العرب من بين أيديهم وتركوا سواثمها.
قال نومل بن عامر: حدثنا عرفجة بن ماجد التميمي عن سراقة النخعي وكان ممن حضر يوم حمص.
قال لما انهزمت العرب أمام الروم وتبعنا هربيس البطريق في خمسة آلاف شهب وكانوا أشد الروم.
قال سراقة بن عامر: وانهزمنا أمام القوم كأننا نطلب الزراعة وجوسية وأدركتنا البطارقة وبعضهم مال إلى السواد طمعًا في الزاد والطعام.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق