إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 3 يوليو 2014

106 فتوح الشام ( للواقدي )


106

فتوح الشام ( للواقدي )


وقد علمت أن عسكرنا كثير وخيلنا وإبلنا كثير فإن أردتم أن نرتحل عنكم فابعثوا لنا ميرة خمسة أيام وأنتم تعلمون أن الطريق الذي أمامنا بعيد وما نلقي بعدكم إلا كل حصن منيع وأبواب حديد فإذا مرتمونا رحلنا عنكم إلى بعض مدائن الشام فإذا فتح الله علينا بعض مدائن الشام رجعنا عنكم كما زعمتم فإن فعلتم ذلك كان صلاحًا لكم‏.‏

وطوى الكتاب وسلمه إلى الرسول وسار إلى حمص فلما قرأ هربيس الكتاب فرح بذلك وجمع الرؤساء والرهابين وقال لهم‏:‏ اعلموا أن العرب قد بعثوا يطلبون منكم الزاد والميرة حتى يرحلوا عنكم فإن العرب مثلهم كمثل السبع إذا وجد فريسته لم يرجع إلى غيرها وهم قد لحقهم الجوع في مدينتكم وإذا أشبعناهم انصرفوا عنا‏.‏

فقالوا‏:‏ أيها الأمير نخاف من العرب أن يأخذوا الزاد والعلوفة ولا يرحلوا عنا‏.‏

فقال‏:‏ إنا نأخذ لكم عليهم العهود والمواثيق أنكم إذا أمرتموهم يرحلون عنكم‏.‏

فقالوا‏:‏ افعل ما بدا لك واستوثق لنا ولك‏.‏

قال فبعث هربيس وأحضر القسوس والرهبان وأمرهم أن يخرجوا إلى الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه ويأخذوا عليهم العهود والمواثيق إذا مرناهم يرحلون عنا‏.‏

قال فخرجوا وقد فتح لهم باب الرستق فساروا حتى وصلوا إلى الأمير أبي عبيدة وأخذوا عليهم ميثاقًا وعهدًا أن يرحلوا عنهم إذا هم ماروهم ولا يرجع عليهم حتى يفتح الله على يديه مدينة من مدائن الشام شرقًا أو غربًا سهلًا كان أو جبلًا فقال الأمير أبو عبيده رضي الله عنه‏:‏ قد رضيت بذلك وتم الصلح على ذلك وأخرج لهم أهل حمص مما كانوا قد ادخروه من الزاد والعلوفة شيئًا عظيمًا له ولعسكره ما يكفيهم مدة خمسة أيام فأقبل أبو عبيدة عليهم وقال‏:‏ يا أهل حمص قبلنا ما حملتموه لنا من الزاد والعلوفة فإذا رأتهم الآن أن تبيعوا من الزاد والعلوفة فقالوا‏:‏ نحن نفعل ذلك فعندها نادى الأمير أبو عبيدة بشراء الزاد والعلوفة ولتكثروا من ذلك فإن قدامكم طريقًا واسعًا قليل الزاد والعلوفة فقالوا‏:‏ أيها الأمير بماذا نشترى الزاد وعلى أي شيء نحمله فقال أبو عبيدة‏:‏ من كان معه شيء من الذي غنمتموه من الروم فليشتر به الزاد والعلوفة‏.‏

قال حسان بن عدي الغطفاني خفف الله عن أبي عبيدة الحساب كما خفف عنا ما كنا نحمله من البسط والطنافس مما كان قد أثقلنا وأثقل دوابنا فأخذنا به الزاد والعلوفة من القوم وكانت العرب تسمح لهم في البيع والشراء ويشتري منهم أهل حمص ما يساوي عشرين دينارًا بدينارين ورغب أهل حمص في شراء الرخيص ولم يزل أهل حمص كذلك ثلاثة أيام وأهل حمص فرحون برحيل العرب عنهم‏.‏

قال وكان للروم في عسكر العرب جواسيس وعيون يأخذون لهم الأخبار فلما نظرت الجواسيس إلى أهل حمص وقد فتحوا مدينتهم وهم يميرون العرب ظنوا أنهم دخلوا في طاعتهم فسارت الجواسيس إلى أنطاكية طالبين وجعلوا كلما اجتازوا ببلد من البلد أو حصن من الحصون يقولون‏:‏ إن أهل حمص قد دخلوا في طاعة العرب وفتحوا مدينتهم صلحًا فكان يعظم ذلك على الروم ويزيدهم خوفًا ورعبًا وكان ذلك توفيقًا من الله عر وجل للمسلمين وكانت الجواسيس أربعين رجلًا فدخل ثلاثة رجال منهم إلى شيزر فأشاعوا ذلك وأشيع فيها ذلك‏.‏


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق