إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 3 يوليو 2014

105 فتوح الشام ( للواقدي )


105

فتوح الشام ( للواقدي )


  قال الواقدي

‏:‏ ولقد بلغني أن العبيد قاتلوا يومهم قتالًا شديدًا وهجموا على الأبواب مرارًا ولم يزالوا بقية يومهم حتى أقبل الليل ورجعت الموالي إلى عسكر المسلمين وبعث هربيس من ليلته رسولًا إلى الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه فأقبل الرسول والظلام معتكر فأحس جيوش المسلمين به فهموا به فقال‏:‏ أنا رسول من البطريق هربيس صاحب حمص وأريد الجواب عن هذا الكتاب فسلم إليهم كتاب هربيس فأخذه أبو عبيدة رضي الله عنه وقرأه فإذا فيه‏:‏ يا معاشر العرب أنا ظننا أن عندكم عقلًا تدبرون به الحرب وتستعينون به على الأمور وإذا أنتم بخلاف ذلك لأنكم في أول حربكم لنا تفرقتم على الأبواب فقلنا‏:‏ هذا أشد ما يكون من الحصار وأعظم ما يقدرون عليه من الإضرار‏.‏
‏.‏
فلما كان الغد تأخرتم عن حربنا وبعثتم هؤلاء المساكين إلى حربنا يقطعون أسيافهم ويكسرون سلاحهم فيا ليت شعري هل تصبر سيوفهم على فساد سورنا وقد بان لنا عجز رأيكم وتدبيركم في القتال وملاقاة الرجال والآن فأنا أشير عليكم بأمر فيه الصلاح لنا ولكم وهو أن تسيروا إلى الملك هرقل وتفتحوا ما بين أيديكم كما فتحتم ما وراءكم وإياكم واللجاج والبغي فإنهما قاتلان لمن اتبعهما وراجعان على من بدأ بهما أو نحن نخرج إليكم صبيحة هذه الليلة والله ينصر من يشاء منا ومنكم ممن على الحق‏.‏

قال فلما قرأ الأمير أبو عبيدة كتاب هربيس صاحب حمص استشار المسلمين فيما يصنع وكان قد حضر عنده رجل كبير من أكابر خثعم وسيد من ساداتهم اسمه عطاء بن عمرو الخثعمي وكان كبير السن قديم الهجرة سديد الرأي قد قاد الرجال وولى أمر الجيش وحزم العساكر فلما سمع كتاب هربيس وثب قائمًا على قدميه وقال للأمير أبي عبيدة رضي الله عنه‏:‏ أقسمت عليك أيها الأمير برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما سمعت مقالي فإن فيه صلاحًا للمسلمين فالله وفقني لمقالة وأيد المسلمين بها قال أبو عبيدة رضي الله عنه‏:‏ قل يا أبا عمرو فأنت عندنا ناصح للمسلمين‏.‏

قال فدنا من الأمير أبي عبيدة وسارره وقال له‏:‏ أصلح الله الأمير اعلم أن خبرك عند هؤلاء منذ نزلت على هؤلاء اللئام وهذا البطريق أشد منعة وأعظم جولة ممن كان قبله وقد علم بفتوح بعلبك وأنك لا بد أن تنزل على حصارها وقد استدعى بالطعام والعلوفة وآلة الحصار وقد شحنها بالرجال وما ترك في رساتيقها وقراها طعامًا إلا وقد خزنوه عندهم ما يكفيهم أعوامًا وإن نحن حاصرناهم يطول الأمر كما طال أمرنا على دمشق والرأي عندي أن تخدعهم بخديعة ولحتال عليهم بحيلة‏.‏

فان تمت لنا عليهم الحيلة فتحنا المدينة عن قريب إن شاء الله تعالى‏.‏

قال أبو عبيدة رضي الله عنه‏:‏ وما الحيلة عندك يا ابن عمرو‏.‏

فقال‏:‏ الرأي عندي أن نكتب إلى هؤلاء القوم أن يجبرونا بالزاد والعلوفة ونضمن لهم أن نرتحل عنهم إلى أن يفتح الله تعالى عليك غير مدينتهم ونرجع إليهم وقد قل زادهم وانتشروا في سوادهم وتفرقوا في أمصارهم وتجاراتهم ونشن عليهم غارة فنملك ما ظهر منهم ويهون عليك أمر من بقي في حمص مع قلة الزاد والعلوفة فقال أبو عبيدة‏:‏ أصبت الرأي يا ابن عمرو إني سوف أفعل ما ذكرته ونرجو من الله التوفيق والعون‏.‏

ثم دعا أبو عبيدة رضي الله عنه بدواة وبياض وكتب جواب الكتاب يقول فيه‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏:‏ أما بعد فإني رأيت في قولك صلاحًا لنا ولكم ولسنا نريد البغي على أحد من عباد الله عز وجل‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق