101
فتوح الشام ( للواقدي )
حديث نزول المسلمين على حمص قال الواقدي: ثم هتم أبو عبيدة رضي الله عنه بالرحيل إلى حمص وإذ قد ورد عليه صاحب عين الجوز يطلب منه الصلح فصالحه على نصف ما صالحه عليه أهل بعلبك وولى عليهم سالم بن ذؤيب السلمي وأوصاه بمثل ما أوصى به رافع بن عبد الله ورحل الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه يطلب حمص فلما وصل إلى بين الرأس والكفيلة لاقاه صاحب الجوسية ومعه هدية كثيرة فقبلها منه وجدد معه صلحًا وسار الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه حتى نزل على حمص.
قال الواقدي: حدثنا حبان بن تميم الثقفي.
قال: كنت فيمن أقام مع رافع بن عبد الله السهمي في جملة أصحابه وذلك أننا نصبنا بيوت الشعر على العمد وأقمنا خارج المدينة لا يدخل إليها أحد منا ونحن مع ذلك نشن الغارة على سواحل الروم ونكبس على العرب التي لم تكن في صلحنا وكنا إذا خرجنا في سرية نبيع الغنائم في بعلبك ففرح أهلها ببيعنا وشرائنا ووجدونا قومًا ليس فينا كذب ولا خيانة ولا نريد ظلم أحد وطابت قلوبهم وربحوا في تلك المرة اليسيرة مالًا عظيمًا فلما نظر البطريق هربيس إلى ما ربح أهل بعلبك منا في تجارتهم ورخص ما يشترونه منا جمعهم إليه في كنيسة المدينة وهي الجامع اليوم وكان ذلك بميعاد وعدهم فيه الاجتماع فلما اجتمعوا عنده أقبل عليهم وقال للتجار والباعة والسوقة: لقد علمتم أني قد اجتهدت في أموركم وحرصت على سلامة نفوسكم وأهاليكم وأولادكم وأنتم تعملون ما ذهب مني من المال وأنا اليوم واحد منكم وقد سلمت مالي وسلاحي وقتل أكثر غلماني ورجالي وبنو عمي وأنتم قوم قد أصبتم مع هؤلاء العرب خيرًا كثيرا في هذه التجارات وقد أديت وحدي ربع المال فقالوا: صدقت أيها البطريق وقد عرفنا كل ما وصفت فما الذي تريد الآن.
فقال: يا قوم إنما كنت قبل هذا اليوم بطريقكم وأنا اليوم واحد منكم وأريد أن تردوا علي بعض ما بذلت من المال للعرب.
فقالوا: أيها البطريق وأتى لك بذلك فقال البطريق: يا قوم لست أكلفكم أن تخرجوا من أموالكم ولا مما حوته منازلكم شيئًا وإنما أريد أن تجعلوا في هذه البيوع والأشربة العشر مما تأخذون وتعطون.
قال فاضطرب القوم ضطرابًا شديدًا لذلك وعظم عليهم وأقبل بعضهم على بعض وقالوا: يا قوم هذا رجل منا وصاحب ملكنا وقد اجتهد في أمورنا وحامى بماله ونفسه عنا وما عسى يصيب منا في مالنا.
قال فأجابوه إلى ذلك وجعلوا له عليهم العشر فنصب عليهم من قبله عشارًا فأخذ منهم أعشارهم ويجمعها ويحملها إليه فأقام على ذلك أربعين يومًا فلما نظر هربيس إلى كثرة ما قد اجتمع له من المال العشر قال: أنا أعلم أن هذه المدينة في كسب عظيم وتجارة رابحة ما رأى أهل بعلبك مثل هذا أبدًا ثم جمعهم في الكنيسة مرة ثانية وقال لهم: يا قوم قد علمتم ما بذلت من المال على صلحكم وهذا الذي تعطوني إياه من العشر ليس يجزيني فإن أردتم أن تردوا علي مالي وتجعلوني كأحدكم اجعلوا لي الربع في أموالكم حتى يرجع إلي مالي سريعًا وإلا فمتى أخلف من هذا العشر مالي وسلاحي وغلماني.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق