إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 8 أبريل 2016

54 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الاول ذكر ملك كسرى بلاد الروم ذكر ملك كسرى أنوشروان بن قباذ ابن فيروز


54

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الاول

ذكر ملك كسرى بلاد الروم

ذكر ملك كسرى أنوشروان بن قباذ ابن فيروز


بن يزدجرد بن بهرام بن يزدجرد الأثيم لما لبس التاج خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وذكر ما ابتلوا به من فساد أمورهم ودينهم وأولادهم وأعلمهم أنه يصلح ذلك ثم أمر برؤوس المزدكية فقتلوا وقسمت أموالهم في أهل الحاجة‏.‏ وكان سبب قتلهم أن قباذ كان كما ذكرنا قد اتبع مزدك على دينه وما دعاه إليه وأطاعه في كل ما يأمره به من الزندقة وغيرها مما ذكرنا أيام قباذ وكان المنذر بن ماء السماء يومئذٍ عاملًا على الحيرة ونواحيها فدعاه قباذ إلى ذلك فأبى فدعا الحارث بن عمرو الكندي فأجابه فسدد له ملكه وطرد المنذر عن مملكته وكانت أم أنوشروان يومًا بين يدي قباذ فدخل عليه مزدك‏.‏

فلما رأى أم أنوشروان قال لقباذ‏:‏ ادفعها إلي لأقضي حاجتي منها‏.‏

فقال‏:‏ دونكها‏.‏

فوثب إليه أنوشروان ولم يزل يسأله ويتضرع إليه أن يهب له أمه حتى قبل رجله فتركها فحاك ذلك في نفسه‏.‏

فهلك قباذ على تلك الحال وملك أنوشروان فجلس للملك ولما بلغ المنذر هلاك قباذ أقبل إلى أنوشروان وقد علم خلافه على أبيه في مذهبه واتباع مزدك فإن أنوشروان كان منكرًا لهذا المذهب كارهًا له ثم إن أنوشروان أذن للناس إذنًا عامًا ودخل عليه مزدك ثم دخل عليه المنذر فقال أنوشروان‏:‏ إني كنت تمنيت أمنيتين أرجو أن يكون الله عز وجل قد جمعهما إلي‏.‏

فقال مزدك‏:‏ وما هما أيها الملك قال‏:‏ تمنيت أن أملك وأستعمل هذا الرجل الشريف يعني المنذر وأن أقتل هذه الزنادقة‏.‏

فقال مزدك‏:‏ أوتستطيع أن تقتل الناس كلهم فقال‏:‏ وإنك ها هنا يا ابن الزانية‏!‏ والله ما ذهب نتن ريح جوربك من أنفي منذ قبلت رجلك إلى يومي هذا‏.‏

وأمر به فقتل وصلب‏.‏

وقتل منهم ما بين جازر إلى النهروان وإلى المدائن في ضحوة واحدة مائة ألف زنديق وصلبهم وسمي يومئذٍ أنوشروان‏.‏وطلب أنوشروان الحارث بن عمرو فبلغه ذلك وهو بالأنبار فخرج هاربًا في صحابته وماله وولده فمر بالثوية فتبعه المنذر بالخيل من تغلب وإياد وبهراء فلحق بأرض كلب ونجا وانتهبوا ماله وهجائنه وأخذت بنو تغلب ثمانية وأربعين نفسًا من بني آكل المرار فقدموا بهم على المنذر فضرب رقابهم بحفر الأميال في ديار بني مرين العباديين بين دير بني هند والكوفة فذلك قول عمرو بن كلثوم‏:‏ فآبوا بالنّهاب وبالسبّايا وأبنا بالملوك مصفّدينا وفيهم يقول امرؤ القيس‏:‏ ملوكٌ من بني حجر بن عمرو يساقون العشيّة يقتلونا فلو في يوم معركةٍ أصيبوا ولكن في ديار بني مرينا ولم تغسل جماجمهم بغسلٍ ولكن في الدماء ومرمّلينا تظلّ الطّير عاطفةً عليهم وتنتزع الحواجب والعيونا ولما قتل أنوشروان مزدك وأصحابه أمر بقتل جماعة ممن دخل على الناس في أموالهم ورد الأموال إلى أهلها وأمر بكل مولود اختلفوا فيه أن يلحق بمن هو منهم إذا لم يعرف أبوه وأن يعطى نصيبًا من ملك الرجل الذي يسند إليه إذا قبله الرجل وبكل امرأة غلبت على نفسها أن يؤخذ مهرها وأمر بعيال ذوي الأحساب الذين مات قيمهم فأنكح بناتهم الأكفاء وجهزهن من بيت المال وأنكح نساءهم من الأشراف واستعان بأبنائهم في أعماله وعمر الجسور والقناطر وأصلح الخراب وتفقد الأساورة وأعطاهم وبنى في الطرق القصور والحصون وتخير الولاة والعمال والحكام واقتدى بسيرة أردشير وارتجع بلادًا كانت مملكة الفرس منها‏:‏ السند وسندوست والرخج وزابلستان وطخارستان وأعظم القتل في النازور وأجلى بقيتهم عن بلاده‏.‏

واجتمع أبخز وبنجر وبلنجر واللان على قصد بلاده فقصدوا أرمينية للغارة على أهلها وكان الطريق سهلًا فأمهلهم كسرى حتى توغلوا في البلاد وأرسل إليهم جنودًا فقاتلوهم فأهلكوهم ما خلا عشرة آلاف رجل أسروا فأسكنوا أذربيجان‏.‏

وكان لكسرى أنوشروان ولد هو أكبر أولاده اسمه أنوشزاد فبلغه عنه أنه زنديق فسيره إلى جنديسابور وجعله معه جماعة يثق بدينهم ليصلحوا دينه وأدبه‏.‏

فبينما هم عنده غذ بلغه خبر مرض والده لما دخل بلاد الروم فوثب بمن عنده فقتلهم وأخرج أهل السجون فاستعان بهم وجمع عنده جموعًا من الأشرار فأرسل إليهم نائب أبيه بالمدائن عسكرًا فحصروه بجنديسابور وأرسل الخبر إلى كسرى فكتب إليه يأمره بالجد في أمره وأخذه أسيرًا فاشتد الحصار حينئذٍ عليه ودخل العساكر المدينة عنوةً فقتلوا بها خلقًا كثيرًا وأسروا أنوشزاد فبلغه خبر جده لأمه الداور الرازي فوثب بعامل سجستان وقاتله فهزمه العامل فالتجأ إلى مدينة الرخج وامتنع بها ثم كتب إلى كسرى يعتذر ويسأله أن ينفذ إليه من يسلم له البلد ففعل وآمنه‏.‏

وكان الملك فيروز قد بنى بناحية صول واللان بناء يحصن به بلاده وبنى عليه ابنه قباذ زيادة فلما ملك كسرى أنوشروان بنى في ناحية صول وجرجان بناء كثيرًا وحصونًا حصن بها بلاده جميعها‏.‏

وإن سيجيور خاقان قصد بلاده وكان أعظم الترك واستمال الخزر وأبخز وبلنجر فأطاعوه فأقبل في عدد كثير وكتب إلى كسرى يطلب منه الإتاوة ويتهدده إن لم يفعل فلم يجبه كسرى إلى شيء مما طلب لتحصينه بلاده وإن ثغر أرمينية قد حصنه فصار يكتفي بالعدد اليسير فقصده خاقان فلم يقدر على شيء منه وعاد خائبًا وهذا خاقان هو الذي قتل ورد ملك الهياطلة وأخذ كثيرًا من بلادهم‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق