108
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الاول
عدنا إلى ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
توفي عبد المطلب بعد الفيل بثماني سنين وأوصى أبا طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم.
فكان أبو طالب هو الذي قام بأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد جده ثم إن أبا طالب خرج إلى الشام فلما أراد المسير لزمه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرق له وأخذه معه ولرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسع سنين.
فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام وبها راهب يقال له بحيرا في صومعة له وكان ذا علم في النصرانية ولم يزل بتلك الصومعة راهب يصير إليه علمهم وبها كتاب يتوارثونه.
فلما رآهم بحيرا صنع لهم طعامًا كثيرًا وذلك لأنه رأى على رسول الله غمامةً تظلله من بين القوم ثم أقبلوا حتى نزلوا في ظل شجرة قريبًا منه فنظر إلى الشجرة وقد هصرت أغصانها حتى استظل بها فنزل إليهم من صومعته ودعاهم.
فلما رأى بحيرا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جعل يلحظه لحظًا شديدًا وينظر إلى أشياء من جسده كان يجدها من صفته.فلما فرغ القوم من الطعام وتفرقوا سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أشياء من حاله في يقظته ونومه فوجدها بحيرا موافقة لما عنده من صفته ثم نظر إلى خاتم النبوة بين كتفيه ثم قال بحيرا لعمه أبي طالب: ما هذا الغلام منك قال: ابني.
قال: ما ينبغي أن يكون أبوه حيًا.
قال: فإنه ابن أخي مات أبوه وأمه حبلى به.
قال: صدقت ارجع به إلى بلدك واحذر عليه يهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرًا فإنه كائن له شأن عظيم.
فخرج به عمه حتى أقدمه مكة.
وقيل: بينما هو يقول لعمه في إعادته إلى مكة وتخوفهم عليه من الروم إذ أقبل سبعة نفر من الروم فقال لهم بحيرا: ما جاء بكم قالوا: جاءنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليها ناس وإنا بعثنا إلى طريقك.
قال: أرأيتم أمرًا أراده الله هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا: لا.
وتابعوا بحيرا وأقاموا عنده.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هممت بشيء مما كان الجاهلية يعملونه غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبينه ثم ما هممت به حتى أكرمني برسالته قلت ليلة لغلام يرعى معي بأعلى مكة: لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة وأسمر بها كما يسمر الشباب.
فقال: أفعل.
فخرجت حتى إذ كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفًا فقلت: ما هذا فقالوا: عرس فلان بفلانة فجلست أسمع فضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا حر الشمس فعدت إلى صاحبي فسألني فأخبرته.
ثم قتل له ليلة أخرى مثل ذلك ودخلت مكة فأصابني مثل أول ليلة ثم ما هممت بعده بسوء.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق