إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

88 فتوح الشام ( للواقدي )


88

فتوح الشام ( للواقدي )


قال الواقدي‏:‏ وقد عظم عليهم الأمر وعز منهم الصبر وأخذهم الانبهار ورأوا من المشركين الدمار والأرض قد ملئت من قتلى المشركين وهم بين الروم كأنهم أسرى وإذ قد نادى بهم مناد وهتف بهم هاتف وهو يقول‏:‏ خذل الآمن ونصر الخائف أبشروا يا حملة القرآن جاءكم الفرج من الرحمن ونصرتم على عبدة الأوثان هذا وقد بلغت القلوب الحناجر وعملت السيوف البواتر ودارت عليهم الحوافر‏.‏

قال الواقدي‏:‏ حدثنا بسرة عن إسحاق بن عبد الله قال‏:‏ كنت مع أبي عبيدة رضي الله عنه فبينما نحن في شيزر وأبو عبيدة في مضربه وإذا به قد خرج في بعض الليل من مضربه وهو ينادي‏:‏ النفير النفير يا معشر المسلمين لقد أحيط بفرسان الموحدين قال فأسرعنا إليه من كل جانب ومكان وقلنا له‏:‏ ما نزل بك أيها الأمير فقال‏:‏ الساعة كنت نائمًا إذ طرقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرني وقال لي معنفًا‏:‏ يا ابن الجراح أتنام عن نصرة القوم الكرام فقم والحق بخالد بن الوليد رضي الله عنه فقد أحاط به القوم اللئام وإنك تلحق به إن شاء الله تعالى رب العالمين‏.‏

قال الواقدي رحمه الله تعالى‏:‏ فلما سمع المسلمون قول أبي عبيدة رضي الله عنه تبادروا إلى لبس السلاح والزرد وركبوا خيولهم وساروا يريدون خالدًا ومن معه قال‏:‏ فبينما الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه على المقدمة في أوائل الخيل إذ نظر إلى فارس يسرع به جواده وهو أمام الخيل ويكر في سيره كرًا فأمر أبو عبيدة رضي الله عنه رجالًا من المسلمين أن الحقوا به فلم يقدروا على ذلك لسرعة جواده قال فلما كلت الخيل عن إدراكه نظر أبو عبيدة إليه وظن أنه من الملائكة قد أرسله الله أمامهم غير أنه نادى به الأمير أبو عبيدة‏:‏ على رسلك أيها الفارس المجد والبطل المكد ارفق بنفسك يرحمك الله فوقف الفارس حين سمع النداء فلما قرب أبو عبيدة من الفارس إذا هي أم تميم زوجة خالد بن الوليد رضي الله عنه‏.‏

فقال لها أبو عبيدة‏:‏ ما حملك على المسير أمامنا فقالت‏:‏ أيها الأمير إني سمعتك وأنت تصيح وتضج بالنداء وتقول إن خالدًا أحاطت به الأعداء فقلت إن خالدًا ما يخذل أبدًا ومعه ذؤابة المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ حانت مني التفاتة إلى القلنسوة المباركة وقد نسيها فأخذتها وأسرعت إليه كما ترى‏.‏

فقال أبو عبيدة‏:‏ لله درك يا أم تميم سيري على بركة الله وعونه قالت أم تميم‏:‏ كنت في جماعة نسوة من مذحج وغيرهم من نساء العرب والخيل تطير بنا طيرًا حتى أشرفنا على الغبرة والقتال ونظرنا الأسنة والصوارم تلوح في القتال كأنها الكواكب وما للمسلمين حس يسمع قالت فأنكرنا ذلك وقلنا‏:‏ إن القوم قد وقع بهم عدوهم فعند ذلك كبر الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه وحمل وحملت المسلمون قال رافع بن عميرة‏:‏ فبينما نحن قد أيسنا من أنفسنا إذ سمعنا التهليل والتكبير فلم تكن إلا ساعة حتى أحاط جيش المسلمين بعسكر الكافرين ووضعوا السيوف من كل جانب وعلت الأصوات وارتفعت الزعقات قال مصعب بن محارب اليشكري فرأيت عبدة الصلبان وهم هاربون ورأيت خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو ثابت في سرجه متشوف إلى الأصوات من أين هي وإذا بفارس قد خرج من الغبار وهو يسوق فرسان الروم بين يديه ويهربون منه حتى أزاح من حوت الكتائب والرجال فأسرع خالد بن الوليد إليه وقال‏:‏ من أنت أيها الفارس الهمام والبطل الضرغام‏.‏

فقالت‏:‏ أنا زوجتك أم تميم يا أبا سليمان وقد أتيتك بالقلنسوة المباركة التي تنصر بها على أعدائك فخذها إليك فوالله ما نسيتها إلا لهذا الأمر المقدر ثم سلمتها إليه فلمع من ذؤابه رسول الله صلى الله عليه وسلم نور كالبرق الخاطف‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق