427
فتوح الشام ( للواقدي )
قال الراوي: حدثنا أبو محمد البدوي حدثنا أبو العلاء المحاربي قال شداد بن أوس وكان في خيل مياس: لما التقى الجمعان وأحاطت بنا أعداء الله وظننا أن المحشر من ذلك المكان ووطنا أنفسنا على الموت وقاتل الأمير مياس بعد أن سلم الراية لولده منيع فقاتل حتى قتل ثم قاتل من بعده مازلت حتى قتل ولم تكن غير ساعة حتى قتل من المسلمين نحو مائة فارس وأسروا الباقين.
قال وكان في القوم عبد الله بن أنيس الجهني رضي الله عنه أحد سعاة النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى ذلك خرج كالريح الهبوب وقام يجري وكان قد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وعمرو بن أمية الضمري بالقوة والبركة في المشي وكانا لا تدركهما الخيل العتاق ولا النجب السوابق فسار حتى أشرف على العسكر وصاح: النفير النفير اركبوا يا مسلمون.
قال: فتواثبت الفرسان إليه وسألوه فقص عليهم القصة فتواثب المسلمون إلى خيولهم فركبوها وكل يقول أنا أمضي فعندها استدعى الأمير عياض بعبد الله بن جعفر الطيار أخي علي بن أبي طالب وضم إليه ألف فارس من الصحابة رضي الله عنه من أهل الشدة وساروا أول الليل ومعهم رجل من المعاهدين يدلهم إلى أن قربوا من قرية هناك بسفح الجبل فكمنوا هناك إلى أن جن الليل إذا سمعوا حوافر الخيل فتواثبوا إلى خيولهم فركبوها وإذا بالروم أقبلوا عليهم والأسارى معهم موثقون بالحبال على ظهور خيولهم وكانت ليلة مقمرة فصاحت المسلمون بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وحمل القوم واقتتلوا قتالًا شديدًا فعندها صاح عبد الله بن جعفر رضي الله عنه: يا قوم أيعجز أحدكم عن خصمه قال: فتواثب الأمراء والسادات رضي الله عنهم يقتلون ويأسرون وبادر عبد الله بن جعفر إلى مقدم الجيش لعنه الله وكان عليه درع مصفح فطعنه في صدره طعنة قرشية هاشمية فأطلع السنان يلمع من ظهره وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار فلما رأى الروم ذلك انهزموا وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون وينهبون فما أصبح الصباح حتى قتل منهم نحو خمسمائة وأسروا الباقين وخلصوا المسلمين من الأسر وغنموا سلاح الروم وأموالهم وخيولهم وترك عبد الله بن جعفر الأسارى وخمسمائة من المسلمين عند القرية وأمرهم أن لا يبرحوا حتى يأتيهم وأقر عليهم عبد الله بن معقل وساروا حتى أتوا إلى محل المعركة ووجدوا القتلى وعندهم نصارى من المعاهدين يبكون وحلفوا لهم أن لا علم لهم بذلك فنزلوا عن خيولهم وأخرجوا لهم زادًا فأكلوا وواروا شهدائهم وكر عبد الله راجعًا إلى أصحابه وحملوا رؤوس القتلى ورأس عدو الله ميخائيل أمامهم وجلبوا خيولهم وأخرجوا لهم زادًا فأكلوا وساقوا الأسارى حتى وصلوا إلى العسكر بالميرة والعلوفة ومعهم من العسل والسليط.
قال: وأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وأجابتهم المسلمون إلى مثل ذلك وانقلب العسكر والروم على الأسوار ينظرون ما الخبر فرأوا تلك الرؤوس على رؤوس عدو الله ميخائيل أمامهم فصعب عليهم وكبر لديهم ولطموا على وجوههم وذهبوا إلى البطليوس وأعلموه بذلك فصعب عليه واستدعى بجواده فركبه وصعد على السور حتى أشرف على المسلمين فلما رأى ذلك عظم عليه وقال: ما هؤلاء إنس وإنما هم جن فلما رأى المسلمون البطليوس أتوا إلى الأمير فأعلموه بذلك فركب الأمراء معه حتى أتى إلى تل هناك عال مقابل باب قندوس واستدعى بالأسارى وعرض عليهم الإسلام فأبوا فضربوا رقابهم والروم ينظرون إلى ذلك فغضب عند ذلك البطليوس غضبًا شديدًا وحمل همًا عظيمًا.
قال الراوي: ثم إن عدو الله استشار أصحابه فيما يفعل وأنه يريد الخروج بنفسه والكبسة عليهم.
قال فنهض إليه بطريق اسمه كراكر وكان فارسًا شديدًا وقال: أنا أيها الملك أكفيك هذا المهم وأكبس عليهم لعلي أن أنال منهم منالًا وأريد معي جماعة شدادًا فقال الملك: خذ من شئت فانتدب معه عشرة بطارقة تحت يد كل بطريق ألف وجاؤوا إلى كنيستهم وفتحوا الإنجيل في وجوههم وساروا إلى أن وصلوا إلى الأبواب والبطليوس يحرضهم ويوصيهم بالهجمة عليهم ما داموا على غفلة.
ثم أمر الحراس بفتح الباب لهم وهو باب قندوس وكانوا ألف فارس بوابين على الباب وكان للباب ثلاثة أبراج بين كل برجين باب وشراريف وخرجوا وهم مستعدون لذلك والمسلمون على غفلة مما دبر القوم لا يدرون ما يراد بهم وكان على حرس المسلمين تلك الليلة من جهة باب قندوس زائد بن ثابت وعبيد الله بن عباس وعبد الله بن معقل والبراء بن عازب ومالك الأشتر وذو الكلاع الحميري.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق