434
فتوح الشام ( للواقدي )
واعلم أنك لا ترسل لي إلا بالفتح والغنائم وإن احتاج خالد إلى نجدة فأرسل إلى أبي عبيدة فقد كاتبته بأن يرسل له جنودًا من الشام والسلام فلما وصل الكتاب إلى عمرو أرسله إلى خالد.
فقال خالد: لا نطلب النجدة والمعونة إلا من الله تعالى ثم إن خالدًا عظم عليه الأمر واشتد الحصار وكان كل يوم يرجع إلى المدينة ويقاتل قتالًا شديدًا وفقد من المسلمين جماعة كثيرة قتلوا بالحجارة والنشاب وهجم عدو الله على المسلمين وكادهم مرارًا وقال خالد للأمير عياض وللمسلمين: لا شك أن لأصحابنا عيونًا وجواسيس ثم إن خالدًا ركب ومعه الفضل بن العباس والمقداد وزياد بن أبي سفيان وعياض وطافوا حول العسكر وإذا برجل من العرب المنتصرة جالس على قطيفة خارج العسكر فأنكر أمره خالد وقال له: من أي العرب أنت.
فسكت.
فقال له الأمير عياض: انطق بالحق من لك من الأهل ههنا.
فسكت.
فقال له خالد: خذ الماء وتوضأ فلم يحسن ذلك.
فقال له: صل فلم يحسن ذلك فضربوه فأقر بأنهم خرجوا ثلثمائة من باب السر وردوا وبقي هو فضرب عنقه وانقطعت الجواسيس فكانوا يقاتلون قتالًا شديدًا وكان لخالد عبد في خيمته اسمه فلاح يصنع له كل يوم قرصين من شعير واحد له وواحد للعبد فقعد خالد ثلاثة أيام يأتي السفرة فلا يجد فيها شيء ولم يكلم العبد وكان عنده بعض تمر يتقوت به حتى فرغ فعندها قال خالد للعبد: يا ولدي قال الله تعالى: {وما جعلناهم جسدًا لا يأكلون الطعام} [الأنبياء: 8]. ولك ثلاثة أيام لم تصنع فيها قرص شعير.
قال: يا سيدي ما قطعت عنك ذلك ولكن أصنع لك كل يوم وأعلقه في طبق الخيمة فلم أجده.
قال خالد: إن لهذا شأنًا عظيمًا ثم قال للعبد: قف خلف الخيمة واخف نفسك وانظر من يفعل هذا.
فلما كان الغد ركب خالد للقتال وصنع العبد القرصين وأكل قرصًا ووضع قرص سيده فكان معتادًا أن يشيله له فجاء كلب أسود عظيم من جهة البلد ودخل الخيمة وأخذ القرص في فمه ومضى فتبعه العبد حتى أتى إلى سرب يخرج منه الماء يجري من البحر تحت الأرض إلى تحت سور المدينة من جهة القبلة ويدخل المدينة ويظهر من الجهة البحرية من خارج البلد فلما رآه العبد رجع وأعلم الأمير خالدًا فمضى معه ورأى ذلك ففرح بذلك فرحًا شديدًا ثم أتى إلى الأمراء وأعلمهم بذلك وقال لهم: أريد منكم مائة رجل قد باعوا أنفسهم لله عز وجل فيمضون معي وجماعة شداد يكونون مقابل الباب.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق