395
فتوح الشام ( للواقدي )
فتح البهنسا وما فيه من الفضائل
وما وقع فيه للصحابة رضي الله عنهم قالت الرواة بأسانيد صحيحة عمن حضر الفتح من أصحاب السير والتواريخ مثل الواقدي وأبي جعفر الطبراني وابن خلكان في تاريخ البداية والنهاية ومحمد بن إسحق وابن هشام وكل منهم دخل حديثه الآخر لما في ذلك من اختلاف الرواة ممن حضر الفتوحات وشاهد الوقعات من الصحابة رضي الله عنهم.
قالوا: وحضر ذلك معظم الصحابة وكبراؤهم مثل عبد الله بن عمرو بن العاص أمير الجيوش على مصر وأخيه محمد وخالد بن الوليد وابنه سليمان وقيس بن هبيرة المرادي والمقداد بن الأسود الكندي وميسرة بن مسروق العبسي والزبير بن العوام الأسدي وابنه عبد الله وضرار بن الأزور ومن بني عم النبي صلى الله عليه وسلم مثل الفضل بن العباس وجعفر بن عقيل ومسلم بن عقيل وعبد الله بن جعفر ومن أبناء الخلفاء مثل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عمر بن الخطاب وأبان بن عثمان رضي الله عنهم وقد اختصرنا في أسمائهم خوف الإطالة وكلهم حدثوا بما عاينوا من الفتوح وما شاهدوا من الوقعات وحدثوا بذلك أبناءهم رضي الله عنهم وقد أخذنا هذه الفتوح على قاعدة الصدق لإثبات فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم إذ لولاهم ما كانت البلاد للمسلمين ولا انتشر علم هذا الدين ولقد نفذت سراياهم في الأرض شرقًا وغربًا حتى ولت الأعداء منهم هربًا وسكبوا دماءهم في الأرض سكبًا واستباحوا أموال الكفار نهبًا وسلبًا والله قد جعل منهم في قلوب أعدائه خوفًا ورعبًا فهم نجوم الهداية وأهل الولاية قد شرعوا الشرائع ورتلوا القرآن ترتيلا.
قال الله في حقهم تعظيمًا وتبجيلًا: {فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 23].
قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحدث المصري غفر الله له: اطلعت على فتوحات كثيرة فوجدت فيها زيادة ونقصانًا وكذلك تواريخ منقولة وكنت قدمت المدينة - يعني البهنسا - لزيارة جبانتها لما رأيت في ذلك من الفضائل والفضل والأجر والخير والحبور.
فإن زيارتها تمحص الذنوب وتكشف الكروب وتحسن الأخلاق وتدر الأرزاق وتورث النصر على الأعداء وتكفي البأس والردى لما فيها من السادات الشهداء ممن باع نفسه لله وقتل في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله ممن قال في حقهم من له الفضل والمنة: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} [التوبة: 111] فهم {أحياء عند ربهم يرزقون} [آل عمران: 169] فزرنا الجبانة في ساعة الأسحار.
ورأينا ما فيها من الأنوار وبزيارة قبور السادة والأخيار نرجو من الله أن يحط عنا الذنوب والأوزار فلما قضينا الزيارة ولاحت لنا تلك الإشارة أخبرنا عن تلك السادة الأمجاد وما كان لهم من الصبر على الغزو والجهاد فسألني بعض الأصحاب عن سبب فتح مدينة البهنسا ليدفع البأس والردى فحرك لذلك خاطري حتى أسهرت لذلك ناظري وطالعت التواريخ والفتوحات وتجنبت المزاحات حتى انتخبت هذا الكتاب فهو كالدرة اليتيمة التي لا يعرف لها قيمة ترتاح عند سماعه النفوس ويزول لهم البؤس ويشجع على الجهاد ويعين على إقامة العدل في البلاد ابتغاء لوجه الله الكريم راغبًا في ثواب الله العميم وذلك بعد الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين ونحن نبتدئ.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق