416
فتوح الشام ( للواقدي )
ذكر فتوح البهنسا ونزول الصحابة
قتل البطريق قال الراوي: ولما أصبح المسلمون صلوا صلاة الصبح ثم تبادروا إلى خيولهم فركبوها فلم يجدوا لأعداء الله خبرًا ولا أثرًا وتيقنوا أنهم انهزموا ومضوا إلى مدينتهم فسارت المسلمون إلى أن قربوا من البهنسا فلاحت لهم المضارب والخيام والسرادقات والأعلام.
قال الراوي: حدثنا قيس بن منهال عن عامر بن هلال عن ابن زيد الخيل.
قال: لما أشرفنا على مدينة البهنسا ورأينا تلك المضارب.
قال عياض رضي الله عنه: اللهم اخذلهم وانصرنا عليهم.
اللهم احصهم عددًا واقتلهم بددًا ولا تبق منهم أحدًا واخزهم {إنك على كل شيء قدير} [آل عمران: 26]. وأمن المسلمون على دعائه.
قال: فلما أقبلنا على مدينة البهنسا كبرنا وهللنا فخرجوا إلى ظاهر الخيام وبأيديهم السيوف والدرق والقسي والنبال ورأينا خلقًا كثيرة على الأبراج وأراد جماعة من العرب الحملة عليهم فمنعهم الأمير وبقية الأمراء من ذلك وقالوا: لا حملة إلا بعد إنذار ثم إنهم لم يأتوا إلينا ولا ناوشونا بقتال واستقلونا في أعينهم.
قال الواقدي: ونزل المسلمون بجانب الجبل عند الكثيب الأصفر قريبًا من البياض الذي على المغارة نحو المدينة هنا ما جرى لهؤلاء وأما أبو ذر الغفاري وأبو هريرة الدوسي ومعاذ بن جبل ومسلمة بن هاشم ومالك الأشتر وذو الكلاع الحميري فإنهم ساروا حتى نزلوا قريبًا من القوم وباتوا تلك الليلة فلما أصبحوا خرج أعداء الله للقائهم.
فقال مالك الأشتر: يا قوم إن أعداء الله خرجوا للقائكم فأشغلوهم بالقتال وأرسلوا جماعة منكم يملكون الجسر واستعينوا بالله فعندها خرج المرزبان ومعه ثلثمائة فارس حتى وصلوا إلى الجسر والحجارة تتساقط عليهم من أعلى السور حتى ملكوا الجسر وجعلوا في أماكن المخاضات حراسًا بسيوف محدودة واقتتل المسلمون وأعداء الله قتالًا شديدًا وثبتوا في القتال سبعة أيام وكلما أتوا إلى مكان المخاضة وجدوه مربوطًا بالرجال وصار كل ليلة تهرب منهم جماعة من الروم ويهيمون على وجوههم يريدون الصعيد فتلقاهم رافع بن عميرة الطائي ومعه سرية من أصحاب قيس بن الحرث عند البلد المعروف بادقار وكانوا حوالي البحر اليوسفي يشنون الغارات على تلك السواحل فبينما هم كذلك يسيرون إذ سمعوا دوي حوافر الخيل فظنوا أنهم مسلمون فكلموهم فلم يرد عليهم أحد فلحقوهم وحملوا عليهم وكانوا ستمائة فارس ففروا من بين أيديهم فقتلوا منهم نحو مائتين وهرب الباقون وقتل من المسلمين ثلاثة وهرب الروم نحو المخاضة فغرق منهم مائة وأسروا منهم مائتين وهرب الباقون وسألوهم عن سبب خروجهم فأخبروهم أنهم يرودون فعند ذلك أوثقوهم كتافًا وأتوا بهم مكتفين مع نفر من المسلمين إلى أن أوصلوهم إلى عياض بن غانم الأشعري فأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وأقبلوا نحوهم ففرحوا بالأسارى ثم عرضوهم على الأمراء المتقدم ذكرهم فعرضوا عليهم الإسلام فأبوا فضربت أعناقهم والروم ينظرون إلى ذلك ثم زحفت عليهم الصلبان واقتتلوا قتالًا شديدًا وحمي الحرب وكثر الطعن والضرب من ارتفاع الشمس إلى وقت العصر وفشا القتل في الروم فلما رأوا ذلك ولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار وصعدوا على القلعة وغلقوا الأبواب واستعدوا للحصار ونصبوا آلات القتال.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق