421
فتوح الشام ( للواقدي )
قال الراوي: وكان على الرجالة معاذ بن جبل وعلى الساقة والنسوان والصبيان سعد بن عبد القادر والضحاك بن قيس.
قال: وصار الأمير عياض يتخلل الصفوف ويقول: الله الله الجنة تحت ظلال السيوف: يا أهل الإسلام اعلموا أن الصبر مقرون بالفرج وأن الله مع الصابرين والصابرون هم الغالبون وأن الفشل سبب من أسباب الخذلان فمن صبر على حد السيف فإذا قدم على الله أكرم منزلته وشكر سعيه والله يحب الصابرين وصار يقول ذلك لأصحاب الرايات.
قال: وما فرغ الأمير عياض من تعبية الصفوف إلا وعساكر البطليوس والروم قد أقبلت ومعهم النصارى والفلاحون والعرب المتنصرة وأمامهم صليب من الذهب الأحمر زنته خمسة أرطال وفي أربعة جوانبه أربع جواهر كالكواكب.
قال: حدثني سنان بن الحرث الهمداني عن شداد بن أوس وكان ممن حضر الفتوح إلى آخرها قال وأقبلت الصلبان وأنا أعدها صليبًا بعد صليب حتى عددت ثمانين صليبًا تحت كل صليب ألف ومعهم القسوس والرهبان وهم يتلون الإنجيل وأكثر أعداء الله في عسكرهم من الرايات والأعلام فبينما الناس كذلك إذ أقبل بطريق وعليه درع مذهب ولامة حرب وهو يرطن بلغته وطلبا البراز فبرز إليه القعقاع وتعاركا وتجاولا ثم طعنه القعقاع في صدره فأطلع السنان يلمع من ظهره فخرج علج آخر وقد غضب لقتل صاحبه وكان من أصحاب الجلوس على السرير مع الملك وطلب البراز فبرز إليه رجل من الأزد فمنعه الأمير عياض من ذلك وقال: اذهب فلست كفؤًا له.
قال فبرز إليه المسيب بن نجيبة الفزاري وضربه فتلقاها العلج بحجفته فطار السيف من يده وضرب العلج المسيب فضيعها ونظر أن أحدًا يناوله سيفًا فلم يجد فأراد الرجوع وإذا بالقعقاع بن عمرو أقبل وبيده سيف فناوله إياه فكر راجعًا وضرب البطريق على عاتقه الأيمن فأطلع السنان من عاتقه الأيسر فانجدل صريعًا يخور في دمه وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار فلما رأت الروم ذلك حملوا على المسلمين حملة واحدة واشتد القتال وعظم النزال وعدو الله البطليوس راكب على جواد أهداه له صاحب صقلية والبربر يساوي خمسمائة دينار وكان أيام الحصار يصعد به ويرمح على أسوار المدينة وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى في موضعه وعلى بدنه درع مذهب وفي وسطه منطقة من الجوهر وعلى رأسه تاج تلمع جواهره كالكواكب والصلبان والأعلام مشتبكة على رأسه وقد حمل كردوس من الروم على ميمنة المسلمين فصبروا لهم صبر الكرام ثم حمل كردوس آخر فلله در الفضل بن العباس وأخيه عبيد الله وأولاد عقيل وعبد الله بن جعفر وسادات بني هاشم لقد قاتلوا قتالًا شديدًا وأبلوا بلاء حسنًا وتقدم الفضل إلى حامل الصليب وطعنه في صدره فأطلع السنان يلمع من ظهره وسقط الصليب منكسًا إلى الأرض فنظر إليه البطليوس فأيقن بالهلاك وهم أن يأخذه فلم يجد لذلك من سبيل.
قال: فأحاط به المسلمون وصار الفضل وسادات بني هاشم يذبون ويرجعون الروم عن الصليب ولما رأى الفضل ازدحام النصارى والروم حمل عليهم حملة منكرة وأسعفه بنو عمه بالحملة والأمراء فقهروا الروم وقتلوا منهم جماعة وازدحم المسلمون على الصليب يريدون أخذه.
فقال لهم الفضل: إنه لي دونكم ثم عطف عليه ومال في ركابه وأخذ الصليب وكر راجعًا إلى المسلمين وسلمه لعبد الله يسلمه لعبده مقبل وكان راكبًا مع المسلمين فأخذه ومضى إلى خيمته.
قال وحمل الفضل بن العباس ثانيًا وحملت الأمراء واشتد القتال وعظم النزال وسالت الدماء وكثر العرق وازورت الحدق.
قال ولما رأى عدو الله البطليوس ذلك حمل على المسلمين ومعه طائفة من البطارقة نحو خمسة آلاف وكانوا على جناح الميسرة فقتلوا من المسلمين جماعة وجرحوا جماعة وصبروا لهم صبر الكرام.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق