430
فتوح الشام ( للواقدي )
قال فعندها ضجت الأمراء أصحاب الرايات وأقبل علج عظيم من البطارقة وطلب البراز فبرز إليه المغيرة بن شعبة فحمل عليه البطريق واقتتلا قتالًا شديدًا فضربه المغيرة بالسيف فطاح من يده وبادر عدو الله إلى المغيرة ليضربه وإذا بفارس قد أقبل بيده سيف مجذوب فلوح به إلى المغيرة وإذا هو عبد الرحمن بن أبي بكر فأخذه المغيرة وضرب به البطريق فحاد عنها وقرب من المغيرة وتجاذبا وكلما أراد المغيرة أن يسطو على العلج يمانع عن نفسه ونظر ضرار بن الأزور إلى ذلك فترجل عن جواده وسعى بين الصفوف حتى قرب من البطريق وضربه في حزامه فقطعه فسقط عدو الله وهو جاذب المغيرة إلى الأرض فعندها تكاثرت الروم على ضرار والمغيرة فأرادوا قتلهما وإذا بثلاثة فوارس قد أقبلوا واخترقوا الصفوف أحدهم عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والثاني عبد الله بن عمر بن الخطاب والثالث المقداد بن الأسود الكندي رضي الله عنهم فأزالوهم عن مراكزهم وقتلوا ثلاثة من الروم وفرقوا الكتائب عنهم وضرب ضرار البطريق فقتله.
قال: ومال عبد الرحمن بن أبي بكر وركب ضرار جوادًا من خيل المقتولين وأخذوا الأسلاب هذا وعدو الله البطليوس لعنه الله تارة يكر في الميمنة وتارة يكر في الميسرة وطلب البراز.
فبرز إليه المقداد بن الأسود الكندي رضي الله عنه وتعاركا وتجاولا وتطاعنا.
قال المقداد بن الأسود: قاتلت ملوكًا وفتحت قلاعًا ولاقيت حروبًا في الجاهلية والإسلام فلم أر أخدع من البطليوس ولا أشد بأسًا ولا أصعب مراسًا منه فتقاتلا حتى كل الجوادان والتفت إلي وقال: ما أجرأ فرسك كيف تقاتل عليه وهو بثلاث أرجل.
قال المقداد: فمن شفقتي على جوادي طأطأت رأسي لأنظر إلى قوائمه فضربني بالسيف ضربة قوية فقطعت الخوذة والرفادة وأثرت قليلًا في رأسي فظن الملعون أن خصمه قد قتل فلوى عنان فرسه فاستيقظ المقداد وتبعه قال: فبينما الناس في أشد القتال إذ أقبل الأمير خالد بن الوليد رضي الله عنه ومعه الأمراء المتقدم ذكرهم وأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وفي أوائل القوم خالد وهو ينشد ويقول: رعى الله صبا للقا جاء يسرع وصبا على الفرسان بالرمح يقرع ومن باع لله المهيمن نفسه وكان إلى الهيجا بالأمر أطوع فويلك يا بطلوس من سيف خالد إذا اشتدت الهيجاء والحرب يرفع فلا رحم الرحمن بطلوس كافرًا ويلعنه كل الملائك أجمع فإن قدر المولى سأخرب داره وأتركها من بعده وهي بلقع بحد يماني إذا ما جذبته تذل له كل العداة وتخضع
قال الراوي
: ثم إن خالدًا رضي الله عنه حمل بمن معه واقتتلوا قتالًا شديدًا وقاتل البطليوس لعنه الله قتالًا شديدًا وقتل رجالًا وجندل أبطالًا فعندها حملت الأمراء وأصحاب الرايات وذو المروءات واقتتلوا بين الجبل والباب قريب التل الأحمر قتالًا شديدًا وعطف خالد على البطليوس وصال عليه وكلما مر إلى ميسرة يراوغه إلى الميمنة ومن الميمنة إلى الميسرة فعندها عطف خالد عليه وحازه بين الصفوف وحمل عليه فعندها فر إلى القلب وأحاط به أصحابه وقومه ووضعت الأمراء السيوف فيهم وتبعه الأمير خالد وساق جواده إلى الباب واقتحمه وتبعه قومه وانهزموا إلى الباب ودخلوه وتبعهم المسلمون واقتتلوا عند الباب وقتل من الروم نحو أربعة آلاف ودخلوا الباب وأغلقوه وأوثقوه بالأقفال وعلوا على الأسوار وأسر المسلمون نحو ألف وخمسمائة فعرضوهم على الأمير خالد وكان فيهم من كبار البطارقة فعرض عليهم الإسلام فامتنعوا فأمر بضرب رقابهم وافتقد المسلمون أصحابهم فإذا قد قتل منهم مائتان وثمانون رجلًا ختم الله لهم بالشهادة.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق