إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

87 فتوح الشام ( للواقدي )


87

فتوح الشام ( للواقدي )


فقال عبد الرحمن‏:‏ فأخرج بإزاء من خرج معي فارسًا من قومك إن كنت صادقًا في مقالتك واحمل على علي فإني كفء كريم‏.‏

قال الواقدي‏:‏ فلما نظر جبلة بن الأيهم إلى عبد الرحمن وأنه لا يؤتى من قبل الخداع والحيل‏.‏

قال‏:‏ هل لك يا غلام أن تلقي بيدك إلينا وأغمسك في ماء المعمودية غمسة تخرج منها نقيًا من الذنوب كما خرجت من بطن أمك وتكون من حزب الصليب والإنجيل وتأكل القربان وتأخذ الجائزة العظيمة من الملك هرقل وأزوجك ابنتي وأقاسمك نعمتي وأتفضل عليك بإكرامي وإنعامي وأنا الذي مدحني شاعر نبيكم حيث يقول‏:‏ إن ابن جفنة من بقية معشر لم تغذهم آباؤهم باللوم يعطي الجزيل ولا يراه بأنه إلا كبعض عطية المذموم لم ينسني بالشام إذ هو بارح يومًا ولا متنصرًا بالروم إن جئته يومًا تقر بمنزل تسقي براحته من الخرطوم فأسرع إلى ما عرضته عليك لتنجو من المهالك وتكون في النعم والعيش السليم‏.‏

فقال عبد الرحمن‏:‏ لا إله إلا الله وحده لا شريك له يا ويلك يا ابن اللئام أتدعوني من الهدى إلى الضلال ومن الإيمان إلى الكفر والجهالة وأنا ممن وقر الإيمان في قلبه وعرف رشده من غيه وصدق نبي الله وأبغض من كفر بالله فدونك والقتال ودع عنك الخديعة والمحال وتقدم إلى ما عزمت عليه حتى أضربك ضربة أعجل بها حمامك وأرغم بها أنفك وتستريح العرب من أن تنسب إليك لأنك كافر بالرحمن وعابد للصلبان‏.‏

قال‏:‏ فغضب جبلة من كلام عبد الرحمن وحمل عليه وهم به ورفع رمحه يريد أن يطعنه فزاغ عبد الرحمن من الطعنة وحمل على جبلة حملة عظيمة وتطاعنا بالرماح حتى كل عبد الرحمن من حمل قناته فرماها من يده وانتضى سيفه وتعاركا في الحرب فهجم عبد الرحمن على جبلة وضرب رمحه فبراء فرمى جبلة باقي الرمح من يده وانتضى سيفه من غمده وكان من سيوف كندة من بقايا عاد كأنه صاعقة بارقة ما ضرب منها شيئًا إلا براه وحمل على عبد الرحمن رضي الله عنه حملة عظيمة‏.‏

قال رافع بن عميرة الطائي‏:‏ فعجبنا والله من عبد الرحمن وصبره على قتال جبلة ومنازلته على صغر سنه وقلة أعوانه ثم التقيا بضربتين واصلتين فسبقه عبد الرحمن بالضربة فأخذها جبلة في حجفته فقطع الدرق ونزل السيف إلى البيضة فأثنى سيف عبد الرحمن عنها لأنها ذات سقاية عظيمة فجرحه جرحًا واضخًا أسال دمه وضربه جبلة ضربة واصلة فقطع ما كان عليه من الزرد والدروع والثياب ووصلت الضربة إلى منكبه فجرحته فلما أحس عبد الرحمن رضي الله عنه الضر قد وصلت إليه ثبت نفسه وأرى قرينه كأن الضربة لم تصل وحرك جواده وأطلق عنان فرسه حتى لحق بخالد بن الوليد رضي الله عنه وأصحابه فلما وصل إليهم قال له خالد‏:‏ قد وصل إليك عدو الله بضربته فقال‏:‏ نعم وأظهر له ضربته وما لحقه فأخذوه عن فرسه وسدوا جراحه‏.‏

فقال‏:‏ يا ابن الصديق إن كان جبلة قد وصل إليك بضربته فوحق بيعة أبيك لأفجعنهم في أسيرهم كما فجعوني بك ثم صاح خالد بعبده همام وقال‏:‏ قدم هذا العلج فقدمه بين يديه فضربه بسيفه فأطاح رأسه عن جسده فلما نظرت الروم إلى صاحبهم وقد قتله خالد فجعهم ذلك وغضب جبلة وقال‏:‏ أبيتم إلا القدر وقتلتم صاحبنا ثم صاح في الروم والعرب المتنصرة وهموا بالحملة ونظر خالد إليهم وقد حملوا على المسلمين فقال لعبده همام قف أنت عند عبد الرحمن فامنع عنه من أراده بسوء ثم قال لأصحابه‏:‏

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج أحد منكم عن صاحبه وكونوا حولي فما أسرع الفرج والنصر من الله عز وجل فوقف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حول خالد بن الوليد رضي الله عنه كما أمرهم وما قصدهم إلا من آيس من نفسه وحملت الروم والعرب المتنصرة بأجمعهم وثبت لهم المسلمون الأخيار وعظم بينهم القتال ودارت بهم الأهوال‏.‏
قال ربيعة بن عامر‏:‏ والله لقد كان خالد بن الوليد كلما كثرت الخيل حولنا وازدحمت علينا يتقيها بنفسه ويفرقها بسيفه ولم نزل كذلك حتى أخذنا العطش والظمأ‏.‏

قال رافع بن عميرة الطائي‏:‏ فلما رأيت ذلك قلت لخالد بن الوليد‏:‏ يا أبا سليمان لقد نزل بنا القضاء‏.‏

فقال‏:‏ والله لقد صدقت يا أبا عميرة لأني نسيت القلنسوة المباركة ولم أصحبها معي‏.‏

يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق