82
فتوح الشام ( للواقدي )
فقلت: ما القوم الذين صنعوا بك ما أرى فقال: خرجت يا مولاي أنا وجماعة من الموالي لنحتطب حطبًا فتباعدنا كثيرًا في البر وإذا نحن بكتيبة من الخيل زهاء عن ألف فارس كلهم عرب وفي أعناقهم صلبان الذهب والفضة وهم معتقلون بالذهب والفضة والرماح فلما نظروا إلينا أسرعوا نحونا وداروا بنا وعزموا على قتلنا.
فقلت لأصحابي: دونكم وإياهم! فقالوا: ويحك ومن يقاتل وليس لنا طاقة بقتال هذه الكتيبة والخيل وما لنا إلا أن نلقي بأيدينا إلى الأسر فهو أهون من القتال.
فقلت: لا والله ما سلمت نفسي إليهم دون أن أقاتل قتالًا شديدًا فلما رأوا مني الجد فعلوا مثل فعلي فقاتلنا القوم وقاتلونا فقتلوا منا عشرة وأسروا عشرة وأما أنا فأثخنت بالجراح حتى سقطت على وجهي فرجعوا عني وبقيت كما ترى.
قال سعيد بن عامر الأنصاري: فغمني والله ما نزل بالعبيد فأردفته ورائي ورجعت على أثري وإذا بالخيل قد طلعت من ورائي كأنها الريح الهبوب أو الماء إذا اندفق من ضيق الأنبوب وإذا بخيل غسان أحدقت بالرماح الطوال وهم يقولون: نحن بنو غسان من حزب الصليب والرهبان.
قال سعيد بن عامر: فناديتهم أنا من أصحاب محمد المختار صلى الله عليه وسلم فأسرع بعضهم إلي وهم أن يعلوني بالسيف فناديته: يا ويلك أتقتل رجلًا من قومك.
فقال: من أي الناس أنت.
قلت: أنا من الخزرج الكرام فرد السيف وقال: أنت طلبة سيدنا جبلة بن الأيهم وحق المسيح فقلت: ومن أين يعرفني جبلة حتى يطلبني فقال: إنه يطلب رجلًا من أهل اليمن من أنصار محمد بن عبد الله ثم قال: سر بنا طائعًا وإلا سرت كرهًا.
قال سعيد بن عامر: فسرت والجيش معي حتى أشرفنا على جيش عرمرم وعنده أعلام وصلبان قد رفعت فلم أزل مع القوم حتى أتوا بي إلى مضرب جبلة بن الأيهم وإذا به جالس على كرسي من ذهب أحمر وعليه ثياب الديباج الرومي وعلى رأسه شبكة من اللؤلؤ وفي عنقه صليب من الياقوت.
فلما وقفت بين يديه رفع رأسه إلي وقال: من أي عرب أنت.
قلت: أنا من اليمن قال: أكرمت من أيها.
فقلت: أنا من ولد حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عبد الله بن الأزور بن عوف بن مالك بن كهلان بن سبأ.
فقال جبلة: من أي الملأ أنت نسبًا.
فقلت: أنا من ولد الخزرج بن حارثة من أنصار محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.
فقال جبلة: وأنا من قومك من بني غسان.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق