81
فتوح الشام ( للواقدي )
قال الواقدي: مصالحهم أبو عبيدة وكتب لهم حلب الصلح والذمام وخلف رجلًا من المؤمنين وسار حتى نزل إلى شيزر فاستقبلوه فصالحهم وقال لهم: أسمعتم للطاغية هرقل خبرًا فقالوا: ما سمعنا له خبرًا غير أنه اتصل بنا الخبر أن بطريق قنسرين قد كتب إلى الملك هرقل يستنجده عليكم وقد بعث بجبلة بن الأيهم الغساني من بني غسان والعرب المتنصرة ومعه بطريق عمورية في عشرة آلاف فارس وقد نزلوا على جسر الحديد فكن منهم على حذر أيها الأمير
.
فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: حسبنا الله ونعم الوكيل.
قال الواقدي: وأقام الأمير أبو عبيدة على شيزر وبقي مرة يقول: أسير إلى حلب ومرة يقول أسير إلى أنطاكية فجمع أمراء المسلمين إليه.
وقال: أيها الناس قد بلغني أن بطريق قنسرين قد نقض العهد وأرسل للملك هرقل والخبر كذا وكذا فما أنتم قائلون فقالوا: أيها الأمير ادع أهل قنسرين والعواصم وسر بنا إلى حلب وأنطاكية.
فقال: خذوا أهبتكم رحمكم الله.
قال الواقدي: وكان بقي من الصلح والعهد الذي بينهم وبين أهل قنسرين شهر أو أقل من ذلك فأقام أبو عبيدة رضي الله عنه ينتظر انفصال العهد.
قال وكانت عبيد العرب يأتون بجراثيم الشجر من الزيتون والرمان وغير ذلك من الأشجار التي تطعم الثمار فعظم ذلك على الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه فدعا العبيد إليه وقال: ما هذا الفساد.
فقالوا: أيها الأمير إن الأحطاب متباعدة منا وهذه الأشجار قريبة.
فقال الأمير أبو عبيدة: عزيمة مني على كل حر وعبد قطع شجرة لها طعم وثمر لأجازينه ولأنكلن به فلما سمع العبيد ذلك النكال جعلوا يأتون بالأحطاب من أقصى الديار.
قال سعيد بن عامر وكان معي عبد نجيب وكان اسمه مهجعًا وقد شهد معي الوقائع والحروب كان جريء القلب في القتال وكان إذا خرج في غارة أو في طلب حطب يتوغل ويبعد فخرج هو وجماعة من العبيد ممن شهد الوقائع في طلب الحطب فأبطأ خبره على سيده سعيد بن عامر فركب جواده وخرج في طلبه وجعل يقفو أثره وإذا لاح له شخص وقد سال دمه على وجهه وصبغ سائر جسده وما كاد يمشي خطوة واحدة إلا ويهوي على وجهه.
قال سعيد بن عامر: فنزلت إليه وقلت له: ما وراءك من الأخبار.
فقال: هلكة ودمار يا مولاي فقلت: عليك يا ابن الأسود حدثني بخبرك.
قال سعيد: فلم يكد يقف حتى سقط على وجهه فنضجت على وجهه ماء فسكن ما به.
فقال: يا مولاي انج بنفسك وإلا أدركك القوم يصنعون بك مثل ما صنعوا بي.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق