74
فتوح الشام ( للواقدي )
قال الواقدي: فنسبت تلك السرية لثلاث
: عبد الله بن جعفر صاحبها وعبد الله بن أنيس مدركها وخالد بن الوليد منجدها ولقي خالد فيها مشقة وجراحًا مؤلمة فلما ساروا أقبل خالد إلى الدير فصاح بصاحبه يا راهب فلم يكلمه فهتف به مرة أخرى وهدده فاطلع عليه وقال: ما تشاء وحق المسيح ليطالبنك صاحب هذه الخضراء بدماء من قتلت.
فقال خالد: كيف يطالبنا وقد أمرنا أن نقاتلكم ونجاهدكم ووعدنا على ذلك الثواب ووالله لولا رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نتعرض لكم لا تركتك في صومعتك بل كنت قتلتك أشر قتلة فسكت الراهب عنه ولم يجبه وانقلب خالد والمسلمون بالغنائم إلى دمشق.
وأبو عبيدة رضي الله عنه فيها فشكر لهم وسلم على خالد وعلى عبد الله بن جعفر رضي الله عنهم ورجع إلى مكانه فخمس الغنيمة وقسمها على الناس فدفع لضرار بن الأزور فرس البطريق وسرجه وما عليه من حلي الذهب والفضة والجواهر والفصوص فأتى به ضرار إلى أخته الست خولة رضي الله عنه قال فرأيتها تنزع فصوص الجوهر فتفرقها على نساء المسلمين وإن الفص منها ليساوي الثمن الكثير قال وعرض السبي على أبي عبيدة رضي الله عنه وفي الجملة ابنة البطريق فقال عبد الله بن جعفر: أريدها.
قال أبو عبيدة: حتى استأذن أمير المؤمنين في ذلك فكتب إليه يعلمه بها وبمسألة عبد الله بن جعفر فكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: هي له فأخذها عبد الله وأقامت زمانًا عنده وعلمها الطبخ وكانت من قبل تعرف طبخ الفرس والروم وأقامت عنده إلى أيام يزيد فأخبر بها فاستهداها منه فأهداها له وكانت عنده وقال عامر بن ربيعة: أصابني من غنيمة سوق الدير أثواب ديباج حرير فيها صور الروم وكان في كل ثوب منها صورة حسنة وهي صورة مريم وعيسى عليهما السلام فحملت الثياب إلى اليمن فبيعت بثمن كثير وكتب إلى عمي وأنا مع أبي عبيدة: يا ابنأخي ابعث لي من هذه الثياب وأكثر منها فإنها تنفق.
قال الواقدي: فلما رجع جيش المسلمين غانمًا كتب أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتابًا يخبره بما فتح الله على يديه وما غنم المسلمون من دير أبي القدس وبمدح خالدًا ويشكره ويثني عليه ويخبره بما قال فيه وما تحلم به وسأله في كتابه أن يكتب إلى خالد يستشيره في المسير إلى هرقل أو إلى بيت المقدس وكتب إليه أيضًا أن بعض المسلمين يشربون الخمر قال عاصم بن ذؤيب العامري وكان ممن شهد قتال الروم بالشام وفتح دمشق العرب الوافدين من اليمن فأخذوا في الشرب واستطابوا ذلك فأنكر ذلك الأمير أبو عبيدة.
فقال رجل من العرب أظنه سراقة بن عامر: يا معاشر المسلمين خلوا شرب الخمور فإنها تزيل العقول وتكسب الإثم وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن شارب الخمر حتى لعن حاملها والمحمولة إليه.
وحدثني أسامة بن زيد الليثي عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الغفاري قال: كنت مع أبي عبيدة بالشام فكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخبره بفتح الشام وفي الكتاب: أن المسلمين يشربون الخمر واستقلوا الحد فقدمت المدينة فوجدت عمر رضي الله عنه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا وعنده نفر في الصحابة وهم عثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف يتحدثون فدفعت الكتاب إليه فلما قرأه جعل يفكر في ذلك ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد من شربها ثم سأل عمر عليًا رضي الله عنه في ذلك وقال: ما ترى في هذا فقال علي رضي الله عنه: إن السكران إذا سكر هذي وإذا هذي افترى فكتب إليه عمر أن من شرب الخمر فعليه ثمانون جلدة ولعمري ما يصلح لهم إلا الشدة والفقر ولقد كان حقهم يراقبوا ربهم عز وجل ويعبدوه ويؤمنوا به ويشكروه فمن عاد فأقم عليه الحد.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق