إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

69 فتوح الشام ( للواقدي )


69

فتوح الشام ( للواقدي )


قال واثلة بن الأسقع‏:‏ فرأيت الدليل قد اصفر وجهه وتغير لونه وقالوا‏:‏ سيروا أنتم برأيكم وما علي من أمركم وخرج قال أبو ذر الغفاري فرأيت عبد الله بن جعفر يتلطف به حتى سار بين يديه يدله على القوم ساعة ثم وقف وقال‏:‏ أمسكوا عليكم فإنكم قد قربتم من القوم فكونوا في مواضعكم كامنين إلى وقت السحر ثم أغيروا على القوم‏.‏

قال واثلة بن الأسقع‏:‏ فبتنا ليلتنا حيث أمرنا ونحن نطلب النصر من الله تعالى على الأعداء فلما أصبح النهار صلى بهم عبد الله بن جعفر صلاة الصبح فلما فرغوا من صلاتهم قال‏:‏ ما ترون في الغارة فقال عامر بن عميرة بن ربيعة‏:‏ أدلكم على أمر تصنعونه قالوا‏:‏ قل‏.‏

قال‏:‏ اتركوا القوم في بيعهم وشرائهم وإظهار أمتعتهم ثم اكبسوا عليهم على حين غفلة وغزة من أمرهم فصوب الناس رأيه وصبروا إلى وقت قيام السوق ثم أظهروا السيوف من أغمادها وأوتروا القسي وشرعوا لاماتهم وعبد الله بن جعفر أمامهم والراية بيده فلما طلعت الشمس عمد عبد الله إلى المسلمين فجعلهم خمسة كراديس كل كردوس مائة فارس وجعل على كل مائة نقيبًا وقال‏:‏ تأخذ كل مائة منكم قطرًا من أقطار سوقهم ولا تشغلوا بنهب ولا غارة ولكن ضعوا السيوف في المفارق والعواتق وتقدم عبد الله بن جعفر بالراية وطلع على القوم فنظر إلى الروم متفرقين في الأرض كالنمل لكثرتهم وقد أحدق منهم بدير الراهب خلق كثير والراهب قد أخرج رأسه من الدير وهو يعظ الناس ويوصيهم ويعلمهم معالم ملتهم وهم إليه شخوص بأبصارهم وابنة البطريق عنده في الدير والبطارقة وأبناؤهم عليهم الديباج المثقل بالذهب ومن فوقهم دروع وجواشن تلمع وبيض وهم ينظرون صيحة بين أيديهم أو طارقًا يطرقهم من خلفهم ونظر عبد الله إلى الدير وإلى ما أحدق به وإلى الراهب وما حول صومعته فهاله ذلك من أمرهم وصاح فيهم قبل الحملة‏.‏

وقال‏:‏ يا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم احملوا بارك الله فيكم فإن كانت غنيمة وسرور فالفتح والسلامة ويكون الاجتماع تحت صومعة الراهب وإن كان غير ذلك فهو وعدنا الجنة وتلتقي عند حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصحابة‏.‏

قال وطلب عبد الله الجم العظيم فغاص فيهم وجعل يضرب بسيفه ويطعن يرمحه ويحمل المسلمون من ورائه وسمع الروم أصوات المسلمين مرتفعة بالتهليل والتكبير فتيقنوا أن جيوش المسلمين قد أدركتهم وكانوا لذلك منتظرين وعلى يقظة من أمرهم فأما السوقة فإنهم تبادروا إلى أسلحتهم والمنع عن أنفسهم وأموالهم وأخرجوا السيوف من الأغمدة وانعطفوا على قتال المسلمين عطفة الأسد الضاري وطلبوا صاحب الراية ولم يكن في المسلمين راية غيرها فأحدقوا بالراية من كل جانب ومكان وقامت الحرب على ساق وثار الغبار وانعقد وأحدق الروم بالمسلمين فما كان المسلمون فيهم إلا كشامة بيضاء في جلد بعير أسود وما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف بعضهم بعضًا إلا بالتهليل والتكبير وكل واحد مشتغل بنفسه عن غيره وقال أبو سبرة إبراهيم بن عبد العزيز بن أبي قيس وكان من السابقين والمتقدمين بإيمانهم في الإسلام وصاحب الهجرتين جميعًا قال‏:‏ شهدت قتال الحبشة مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وشهدت المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر وفي أحد وفي حنين وقلت إني لا أشهد مثلها فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنت عليه ولم أستطع أن أقيم بالمدينة بعد فقده فقدمت مكة فأقصت بها فعوتبت في منامي من التخلف عن الجهاد فخرجت إلى الشام وشهدت أجنادين والشام وسرية خالد خلف توما وهربيس وشهدت سرية عبد الله بن جعفر وكنت معه على دير أبي القدس فأنستني وقعتها ما شهدت قبلها من الوقائع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أني نظرت إلى الروم حين حملنا عليهم في كثرتهم وعمدهم وقلنا ما ثم غيرهم وليس لهم كمين عظيم‏.‏

قال فرأينا أجسادهم هائلة وعليهم الدروع وما يبين منهم إلا حماليق الحدق لهم طقطقة وزمجرة عندما يحملون حتى نظرت إلى المسلمين قد غابوا في أوساطهم ولا أسمع منهم إلا الأصوات تارة يجهرون بها وتارة أقول هلكوا‏.‏

ثم أنظر إلى الراية بيد عبد الله بن جعفر رضي الله عنه مرفوعة بذلك وعبد الله يقاتل بالراية ويكر على المشركين ولا ينثني‏.‏
‏.‏
‏.‏
يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق