إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

70 فتوح الشام ( للواقدي )


70

فتوح الشام ( للواقدي )


ويجاهد على صغر سنه ولم تزل الحرب بيننا كلما طال مكثها اشتد ضرامها وعلا قتامها والتهب نارها وصار عبد الله في وسط القوم وهم حوله كالحلقة الدائرة والروم يحدقون به فجعل كلما حمل يمينًا حملت يمينًا وإن حمل شمالًا حملت شمالًا ولم نزل في الحرب والقتال حتى كلت منا السواعد وخدرت المناكب‏.‏

قال‏:‏ وعظم الأمر علينا وهالنا الصبر وتثلم سيف عبد الله في يده وكادت تقع فرسه من تحته فالتجأ بأصحابه في موضع فاجتمع أصحابه إليه فنظر المسلمون إلى رايته فقصدوها وما منهم إلا مكلوم من المشركين فضاق لذلك ذرعه وما نزل به في نفسه مثل ما نزل بالمسلمين فألجأ إلى الله تعالى أمره وفوض إلى صاحب السماء شأنه ورفع يده إلى السماء وقال في دعائه‏:‏ يا من خلق خلقه وأبلى بعضهم ببعض وجعل ذلك محنة لهم أسألك بجاه محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما جعلت لنا من أمرنا فرجًا ومخرجًا ثم عاد إلى القتال وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتلون معه تحت رايته فلله در أبي ذر الغفاري رضي الله عنه فإنه نصر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهد بين يديه‏.‏

قال عمرو بن ساعدة‏:‏ فلقد رأيته مع كبر سنه يضرب بسيفه ضربًا شديدًا في الروم وينتمي إلى قومه ويذكر عند حملاته اسمه ويقول‏:‏ أنا أبو ذر والمسلمون يفعلون كفعله إلى أن بلغت القلوب الحناجر وظنوا أن في ذلك الموضع قبورهم‏.‏

قال الواقدي رحمه الله تعالى‏:‏ حدثني عبد الله بن أنيس الجهني‏.‏

قال‏:‏ كنت أحب جعفرًا وأحب من أولاده عبد الله فلما قبض أبو بكر رضي الله عنه وكان قائمًا مقام أبيه نظرت إلى أمه أسماء بنت عميس حزينة فكرهت أن أنظر إليها في ذلك الحزن وأيضًا أن أبا بكر رضي الله عنه كان يحب عبد الله حبًا شديدًا فاستأذن عبد الله بن جعفر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في المسير إلى الشام وقال لي‏:‏ يا ابن أنيس الجهني أشتهي أن ألحق بالشام ومعنا عشرون فارسًا أكون مجاهدًا أفتصحبني فقلت‏:‏ نعم فودع عمه عليًا رضي الله عنه وودع عمر رضي الله عنه وسار يريد الشام ومعنا عشرون فارسًا حتى أتينا تبوك‏.‏

فقال‏:‏ يا ابن أنيس أتدري موضع قبو أبي فقلت‏:‏ نعم فقال‏:‏ أشتهي أن أرى الموضع‏.‏

قال فما زلنا حتى أتينا الموضع فأريته موضع مصرع أبيه وموضع الوقعة وقبر أبيه جعفر رحمه الله تعالى وعليه حجارة فلما نظر إليه نزل ونزلنا معه وبكى وترحم فأقمنا عنده إلى صبيحة اليوم الثاني فلما رحلنا رأيت عبد الله يبكي ووجهه مثل الزعفران فسألته عن ذلك‏.‏

فقال‏:‏ رأيت أبي البارحة في النوم وعليه حلتان خضراوتان وتاج وله جناحان وبيده سيف مسلول أخضر فسلمه إلي وقال‏:‏ يا بني قاتل به أعداءك فما وصلت إلى ما ترى إلا بالجهاد وكأني أقاتل بالسيف حتى تثلم‏.‏

قال عبد الله بن أنيس وسرنا حتى أتينا عسكر أبي عبيدة رضي الله عنه بدمشق فبعثه أمير تلك السرية إلى دير أبي القدس‏.‏
قال عبد الله بن أنيس‏:‏ فلما رأيت بينه وبين الروم قلت يوشك أن يذهب عبد الله فسرت كالبرق ورجعت إلى أبي عبيدة رضي الله عنه فلما رآني قال‏:‏ أبشارة يا ابن أنيس أم لا فقلت‏:‏ أنفذ المسلمين إلى نصرة عبد الله بن جعفر ومن معه ثم حدثته بالقصة فقال أبو عبيدة رضي الله عنه‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون أيصاب عبد الله بن جعفر ومن معه تحت رايتك يا أبا عبيدة وهي أول إمارتك‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق