إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

65 فتوح الشام ( للواقدي )


65

فتوح الشام ( للواقدي )


وما كرهت ولاية خالد على المسلمين إلا لأن خالدًا فيه تبذير المال يعطي الشاعر إذا مدحه ويعطي للمجاهد والفارس بين يديه فوق ما يستحقه من حقه ولا يبقي لفقراء المسلمين ولا لضعفائهم شيئًا وإني أريد عزله وولاية أبي عبيدة مكانه والله يعلم أني ما وليته إلا أمينًا فلا يقول قائلكم‏:‏ عزل الرجل الشديد وولى الأمين اللين للمسلمين فإن الله معه يسدده ويعينه ثم نزل عن المنبر وأخذ جلد أدم منشور وكتب إلى أبي عبيدة كتابًا فيه‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله بن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح سلام عليك فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبعد فقد وليتك أمور المسلمين فلا تستحي فإن الله لا يستحي من الحق وإني أوصيك بتقوى الله الذي يبقى ويفنى ما سواه والذي استخرجك من الكفر إلى الإيمان ومن الضلال إلى الهدى وقد استعملتك على جند ما هنالك مع خالد فاقبض جنده واعزله عن إمارته ولا تنفذ المسلمين إلى هلكة رجاء غنيمة ولا تنفذ سرية إلى جمع كثير ولا تقل إني أرجو لكم النصر فإن النصر إنما يكون مع اليقين والثقة بالله وإياك والتغرير بإلقاء المسلمين إلى الهلكة وغض عن الدنيا عينيك وإله عنها قلبك وإياك أن تهلك كما هلك من كان قبلك فقد رأيت مصارعهم وخبرت سرائرهم وإنما بينك وبين الآخرة ستر الخمار وقد تقدم فيها سلفك وأنت كأنك منتظر سفرًا ورحيلًا من دار قد مضت نضرتها وذهبت زهرتها فأحزم الناس فيها الراحل منها إلى غيرها ويكون زاده التقوى وراع المسلمين ما استطعت وأما الحنطة والشعير الذي وجدت بدمشق وكثرت في ذلك مشاجرتكم فهو للمسلمين وأما الذهب والفضة ففيهما الخمس والسهام وأما اختصامك أنت وخالد في الصلح أو القتال فأنت الولي وصاحب الأمر وإن صلحك جرى على الحقيقة أنها للروم فسلم إليهم ذلك والسلام ورحمة الله وبركاته عليك وعلى جميع المسلمين‏.‏

وأما هديتك ابنة الملك هرقل فهديتها إلى أبيها بعد أسرها تفريط وقد كان يأخذ في فديتها مالًا كثيرًا يرجع به على الضعفاء من المسلمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وطوى الكتاب وختمه بخاتمه ثم دعا بعامر بن أبي وقاص أخي سعد ودفع الكتاب إليه وقال له‏:‏ انطلق إلى دمشق وسلم كتابي هذا إلى أبي عبيدة وأمره أن يجمع الناس إليه واقرأه أنت على الناس يا عامر وأخبره بموت أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم دعا عمر رضي الله عنه بشداد بن أوس فصافحه وقال له‏:‏ امض أنت وعامر إلى الشام فإذا قرأ أبو عبيدة الكتاب فأمر الناس يبايعونك لتكون بيعتك بيعتي‏.‏

قال الواقدي‏:‏ فانطلقا يجدان في السير إلى أن وصلا إلى دمشق والناس مقيمون بها ينتظرون ما يأتيهم من خبر أبي بكر الصديق رضي الله عنه وما يأمرهم به فأشرف صاحبا عمر رضي الله عنه على المسلمين وقد طالت أعناقهم إليهما وفرحوا بقدومهما فأقبلا حتى نزلا في خيمة عمر رضي الله عنه وقال له عامر بن أبي وقاص‏:‏ تركته يعني عمر بخير ومعي كتاب وإنه أمرني أن أقرأه على الناس بالاجتماع فاستنكر خالد ذلك واستراب الأمر وجمع المسلمين إليه فقام عامر بن أبي وقاص فقرأ الكتاب فلما انتهى إلى وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ارتفع للناس ضجة عظيمة بالبكاء والنحيب وبكى خالد رضي الله عنه وقال‏:‏ إن كان أبو بكر قد قبض وقد استخلف عمر فالسمع والطاعة لعمر وما أمر به وقرأ عامر الكتاب إلى آخره فلما سمع الناس بما فيه من أمر المبايعة لشداد بن أوس بايعوه وكانت المبايعة بدمشق لثلاث خلت من شهر شعبان سنة ثلاث عشر من الهجرة‏.‏

يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق