66
فتوح الشام ( للواقدي )
قال الواقدي رحمه الله تعالى: قد بلغني أنه كان على العدو بعد عزله أشد فظاعة وأصعب جهادًا لا سيما في حصن أبي القدس.
ذكر حديث وقعة أبي القدس
قال الواقدي رحمه الله تعالى: سألت من حدث بهذا الحديث عن حصن أبي القدس.
قال: ما بين عرقا وطرابلس مرج يقال له مرج السلسلة وكان بإزائه دير وفيه صوامع وفيه صومعة راهب عالم بدين النصرانية وقد قرأ الكتب السالفة وأخبار الأمم الماضية المتقدمة وكانت تقصده الروم وتقتبس من علمه وله من العمر ما ينوف عن مائة سنة وكان في كل سنة يقوم عند ديره عيد آخر صيام الروم وهو عيد الشعانين فتجتمع الروم والنصارى وغيرهم من جميع النواحي والسواحل ومن قبط مصر ويحدقون به فيطلع عليهم من ذروة له فيعلمهم ويوصيهم بوصايا الإنجيل وكان يقوم في ذلك العيد سوق عظيم من السنة إلى السنة وكان يحمل له الأمتعة والذهب والفضة ويبيعون ويشترون ثلاثة أيام وما كان المسلمون يعلمون بذلك ولا يعرفونه حتى دلهم عليه رجل نصراني من المعاهدين وقد اصطفاه وأمنه وأهله فلما ولي أبو عبيدة أمر المسلمين أراد ذلك المعاهد أن يتقرب إلى أبي عبيدة رضي الله عنه فعسى أن يكون فتح الدير والسوق على يديه فأقبل إليه وأبو عبيدة قد أطال الفكر فيما يصنع وأي بلد من بلاد الروم يقصد فمرة يقول: أسير إلى بيت المقدس بالجيش فإنها أشرف بلدهم وكرسي مملكة الروم بها قيام دينهم ووقتا يقول: أسير إلى أنطاكية وأقصد هرقل وأفرغ منه وبينما هو يفكر في أمره وقد جمع المسلمين إذ أقبل ذلك المعاهد وكان من نصارى الشام.
فقال: أيها الأمير إنك قد أحسنت إلي وأمنتني ووهبتني أهلي ومالي ولدي وقد أتيتك ببشارة وغنيمة تغنمها المسلمون ساقها الله إليهم فإن أظفرهم الله بها استغنوا غنى ولا فقر بعده.
فقال أبو عبيدة: أخبرنا ما هذه الغنيمة وأين تكون.
فما علمتك إلا ناصحًا.
فقال: أيها الأمير إنها بإزائك على دير الساحل وهو حصن يعرف بأبي القدس وبإزائه دير فيه راهب تعظمه النصرانية ويتبركون بدعائه ويقتبسون من علمه وله في كل سنة عيد يجتمعون إليه من كل النواحي والقرى والأمصار والضياع والأديرة ويقوم عنده سوق عظيم يظهرون فيه فاخر ثيابهم من الديباج والذهب والفضة يقيمون عنده ثلاثة أيام أو سبعة وقد قرب وقت قيام السوق فتأخذون جميع ما فيه وتقتلون الرجال وتسبون النساء والذراري وهذه غنيمة يفرح بها المسلمون ويوهن لها عدوكم.
قال الواقدي: فلما سمع أبو عبيدة ما قاله المعاهد فرح رجاء أن يكون ما قاله المعاهد غنيمة للمسلمين.
فقال للمعاهد: كم بيننا وبين هذا الدير.
قال: عشرة فراسخ للمجد السائر.
قال أبو عبيدة: وكم بقي إلى قيام السوق.
قال: أيام قلائل قال أبو عبيدة: فهل يكون لهم حامية يلي أمرهم ويصد عنهم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق