إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

62 فتوح الشام ( للواقدي )


62

فتوح الشام ( للواقدي )

 
ثم نزل عن جواده وكان بجريه يسبق الفرس الجواد لقوة عزمه فورد الغبرة واختبرها ورجع على عقبه وهو ينادي‏:‏ أيها الأمير أدركنا الصلبان من ورائنا وهم مصفدون في الحديد لم يبن منهم غير حماليق الحدق فدعا خالد بيونس الدليل عندما قاربته الخيل وقال‏:‏ يا يونس اقصد نحو الخيل وانظر ما يريدون‏.‏ 

فقال‏:‏ السمع والطاعة‏.‏ 

ثم دنا من الخيل وقاربهم ثم رجع إلى خالد وقال له‏:‏ ألم أقل لك أيها الأمير إن هرقل لا يغفل عن طلب ابنته وقد أنفذ هذه الخيل يريدون أن يأخذوا الغنيمة من أيدي المسلمين فلما لحقوك ههنا قريبًا من دمشق بعثوا رسولًا يسألك في الجارية إما بيعها وإما هدية فبينما خالد يتحدث إذ أقبل إليه شيخ عليه لبس المسوح فأقبل حتى دنا من المسلمين فأوقفوه أمام خالد وقال له‏:‏ قل ما تشاء‏.‏

فقال الشيخ‏:‏ أنا رسول الملك هرقل وإنه يقول لك بلغني ما فعلت برجالي وقتلت توما زوج ابنتي وهتكت حرمتي وقد ظفرت وسلمت فلا تفرط بمن معك والآن إما أن تبيع ابنتي أو تهديها إلي فالكرم شيمتكم وطبعكم ولا يرحم من لا يرحم وإني أرجو أن يقع بيننا الصلح فلما سمع خالد ذلك‏.‏

قال للشيخ‏:‏ قل لصاحبك والله لا رجعت عنه وعن أهل ملته حتى أملك سريره وما تحت قدميه كما في علمك وأما إبقاؤك علينا فلو وجدت إلى ذلك من سبيل فما قصرت وأما ابنتك فهي لك هدية منا ثم إن خالدًا أطلق ابنة الملك هرقل وسلمها للشيخ ولم يأخذ في فدائها شيئًا فلما بلغ ذلك الرسول إلى الملك هرقل قال لعظماء الروم‏:‏ هذا الذي أشرت عليكم فلم قال الواقدي‏:‏ فبكت الروم بكاء شديدًا وسار خالد حتى أتى دمشق وكان المسلمون وأبو عبيدة قد أيسوا من خالد ومن معه فهم في أعظم القلق والإياس إذ قدم عليهم خالد رضي الله عنه والمسلمون فخرجوا إلى لقائه وهنئوه بالسلامة وسلم المسلمون بعضهم على بعض ووجد خالد في دمشق عمرو بن معد يكرب الزبيدي ومالك بن الأشتر النخعي ومن كان معهما وأقبل خالد إلى جانب أبي عبيدة وهو يحدثه بما لاقى في غزوته وأبو عبيدة يتعجب من شجاعته وجسارته فلما استقر بخالد مكانه أخذ الخصر من الغنائم وفرق الباقي على المسلمين ثم إن خالدًا أعطى من ماله ليونس وقال‏:‏ خذ هذا فتزوج به أو اشتر به جارية لك من بنات الروم‏.‏

قال يونس‏:‏ والله لا أتزوج في هذه الدار الدنيا زوجة أبدًا وما أريد إلا أن أتزوج في الآخرة بعيناء من الحور العين‏.‏

قال رافع بن عميرة الطائي‏:‏ فشهد معنا القتال إلى يوم اليرموك فما كنت أراه في حرب إلا ويجاهد جهادًا عظيمًا وقد أبلى في الروم بلاء حسنا فأتاه سهم في لبته فخز ميتًا رحمه الله تعالى‏.‏

قال رافع‏:‏ فحزنت عليه وأكثرت من الترحم عليه فرأيته في النوم وعليه حلل تلمع وفي رجليه نعلان من ذهب وهو يجول في روضة خضراء فقلت له‏:‏ ما فعل الله بك‏.‏

قال‏:‏ غفر لي وأعطاني بدلًا من زوجتي سبعين حوراء لو بدت واحدة منهن في الدنيا لكف ضوء وجهها نور الشمس والقمر فجزاكم الله خيرًا فقصصت الرؤيا على خالد فقال‏:‏ ليس كتب خالد بالفتح قال الواقدي‏:‏ ولقد بلغني أن خالدًا رضي الله عنه لما رجع من غزوته ومسيره غانمًا ظن أن الخليفة أبا بكر الصديق رضي الله عنه حي لم يقبض فهم أن يكتب له كتابًا بالفتح والبشارة وما غنم من الروم وأبو عبيدة لا يخبره بذلك ولا يعلمه أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فدعا خالد بدواة وبياض وكتب‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من عامله على الشام خالد بن الوليد‏.‏

أما بعد سلام عليك فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ثم إنا لم نزل في مكابدة العدو على حرب دمشق حتى أنزل الله علينا نصره وقهر عدوه وفتحت دمشق عنوة بالسيف من باب شرقي وكان أبو عبيدة على باب الجابية فخدعته الروم فصالحوه على الباب الآخر ومنعني أن أسبي وأقتل ولقيناه على كنيسة يقال لها كنيسة مريم وأمامه القسس والرهبان ومعهم كتاب الصلح وإن صهر الملك توما وآخر يقال له هربيس خرجا من المدينة بمال عظيم وأحمال جسيمة فسرت خلفها في عساكر الزحف وانتزعت الغنيمة من أيديهما وقتلت الملعونين وأسرت ابنة الملك هرقل ثم أهديتها إليه ورجعت سالمًا وأنا منتظر أمرك والسلام عليك وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وطوى الكتاب وختمه بخاتمه ودعا برجل من العرب يقال له عبد الله بن قرط فدفع إليه الكتاب وسار إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوردها والخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقرأ عنوان الكتاب وإذا هو‏:‏ من خالد إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر‏:‏ أما عرف المسلمون وفاة أبي بكر رضي الله عنه فقال‏:‏ لا يا أمير المؤمنين فقال‏:‏ قد وجهت بذلك كتابًا إلى أبي عبيدة وأمرته على المسلمين وعزلت خالدًا وما أظن أبا عبيدة يريد الخلافة لنفسه فسكت وقرأ الكتاب‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق