54
فتوح الشام ( للواقدي )
وإن نفسي تحدثني أن القوم ما تركوا في دمشق متاعًا ولا ثوبًا حسنًا إلا وقد أخذوه معهم.
فقالوا: افعل ما تريد فما نخالف لك أمرًا ثم أخذوا في إصلاح شأنهم وتوما وهربيس قد جمعوا مال الرساتيق وجميع المال فلما جمعوه جاءوا به إلى أبي عبيدة.
فقال لهم: وفيتم بما عليكم فسيروا حيث شئتم فلكم الأمان منا ثلاثة أيام.
قال يزيد بن ظريف: فلما سلموا المال لأبي عبيدة ارتحلوا سائرين كأنهم سواد مظلم وكان قد خر من القوم خلق كثير من أهل دمشق بأولادهم وكرهوا أن يكونوا في جوار المسلمين.
قال واشتغل خالد عن اتباعهم بخلاف وقع بينهم وبين أهل دمشق في حنطة وشعير وجدوا في المدينة منه شيئًا كثيرًا.
فقال أبو عبيدة: هو للقوم دخل في صلحهم فكادت الفتنة أن تثور بين أصحاب خالد وبين أصحاب أبي عبيدة واتفق رأيهم أن يكتبوا كتابًا إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه في ذلك وليس عندهم خبر أنه مات يوم دخولهم دمشق.
قال عطية بن عامر: كنت واقفًا على باب دمشق في اليوم الذي سارت فيه الروم مع توما وهربيس ومعهم ابنة الملك هرقل.
قال فنظرت إلى ضرار بن الأزور وهو ينظر إلى القوم شزرًا ويتحسر على ما فاته منهم فقلت له: يا ابن الأزور ما لي أراك كالمتحسر أما عند الله أكثر من ذلك فقال: والله ما أعني مالًا وإنما أنا متأسف على بقائهم وانفلاتهم منا ولقد أساء أبو عبيدة فيما فعل بالمسلمين.
فقلت: يا ابن الأزور ما أراد أمين الأمة إلا خيرًا للمسلمين أن يحقن دمائهم وأزواجهم من تعب القتال فإن حرمة رجل واحد خير مما طلعت عليه الشمس وإن الله سبحانه وتعالى اسكن الرحمة في قلوب المؤمنين وإن الرب يقول في بعض الكتب المنزلة إن الرب لا يرحم من لا يرم.
وقال تعالى: {والصلح خير} [النساء: 128].
فقال ضرار: لعمري إنك لصادق ولكن اشهدوا علي أني لا أرحم من يجعل له زوجة وولدًا.
قال: حدثني عمر بن عيسى عن عبد الواحد بن عبد الله البصري عن واثلة بن الأسقع.
قال: كنت مع خالد بن الوليد في جيش دمشق وكان قد جعلني مع ضرار بن الأزور في الخيل التي تجوب من باب شرقي إلى باب توما إلى باب السلامة إلى باب الجابية إلى باب الصغير إلى باب قيان إذ سمعنا صرير الباب وذلك قبل فتوح الشام وإذا به قد خرج منه فارس فتركناه حتى قرب منا فأخذناه قبضًا بالكف وقلنا: إن تكلمت قتلناك فسكت وإذا قد خرج فارس آخر قام على الباب وجعل ينادي بالذي قد أخذناه فقلنا له: كلمه حتى يأتي.
قال فرطن له بالرومية إن الطير في الشبكة فعلم أنه قد أسر فرجع وأغلق الباب.
قال فأردنا قتله فقال بعضنا: لا تقتلوه حتى نمضي به إلى خالد الأمير.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق