52
فتوح الشام ( للواقدي )
فقال أبو عبيدة: والله ما ظننت أنك تخالفني إذا عقدت عقدًا ورأيت رأيا فالله الله في أمري فوالله لقد حقنت دماء القوم عن آخرهم وأعطيتهم الأمان من الله جل جلاله وأمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رضي من معي من المسلمين والغدر ليس من شيمنا.
قال وارتفع الصياح بينهما وقد شخص الناس إليهما وخالد مع ذلك لا يرجع عن مراده ونظر أبو عبيدة إلى ذلك فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد وهم جيش البوادي من العرب مشتبكون على قتال الروم ونهب أموالهم.
قال فنادى أبو عبيدة واثكلاه خفرت والله ونقض عهدي وجعل يدرك جواده ويشير إلى العرب مرة يمينًا ومرة شمالًا وينادي: معاشر المسلمين أقسمت عليكم برسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تمد أيديكم نحو الطريق الذي جئت منه حتى نرى ما نتفق أنا وخالد عليه فلما دعاهم بذلك سكتوا عن القتل والنهب واجتمع إليهما فرسان المسلمين والأمراء وأصحاب الرايات مثل معاذ بن جبل رضي الله عنه ويزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه وعمرو بن العاص رضي الله عنه وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنه وربيعة بن عامر رضي الله عنه وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين ونظرائهم والتقوا عند الكنائس واجتمع هناك فرسان للمشورة والمناظرة.
فقالت طائفة من المسلمين منهم معاذ بن جبل ويزيد بن أبي سفيان: الرأي أن تمشي إلى ما أمضاه أبو عبيدة بن الجراح وتكفوا عن القتال للقوم.
فإن مدن الشام لم تفتح أبدًا وهرقل في أنطاكية كما تعلمون وإن عد أهل المدن صالحتم وغدرتم لم تفتح لكم مدينة صلحًا ولأن تجعلوا هؤلاء الروم في صلحكم خير من قتلهم ثم قالوا لخالد: أمسك عليك ما فتحت بالسيف ويعينك أبو عبيدة بجانبه واكتبا إلى الخليفة وتحاكما إليه فكل ما أمر به فعلناه فقال لهم خالد بن الوليد: قد أجبت إلى ذلك وقبلت مشورتكم فأما أهل دمشق فقد أمنتهم إلا هذين اللعينين توما وهربيس وكان هربيس هو المؤمر على نصف البلدة ولاه توما حين رحمك الأمر إليه.
فقال أبو عبيدة: إن هذين أول من دخل في صلحي فلا تخفر ذمتي رحمك الله تعالى.
فقال خالد: والله لولا ذمامك لقتلتهما جميعًا ولكن يخرجان من المدينة فلعنهما الله حيث سارا.
قال أبو عبيدة: وعلى هنا صالحتهما.
قال ونظر توما وهربيس إلى خالد وهو يتنازع مع أبي عبيدة فخافا الهلاك فأقبلا على أبي عبيدة ومعهما من يترجم عنهما وقالا له: ما يقول هذا يعني خالدًا.
قال الترجمان لأبي عبيدة: ما تقول أنت وصاحبك فيه من المشاورة: إن صاحبك هنا يريد غدرنا فنحن وأهل المدينة دخلنا في عهدكم ونقض العهد ما هو من شيمكم وإني أسألكم أن تدعوني أن أخرج أنا وأصحابي وأسلك أي طريق أردت.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق