51
فتوح الشام ( للواقدي )
قال الواقدي: وقد بلغني أن أبا عبيدة لما دخل دمشق بأصحابه سارت القسس والرهبان بين يديه على مسرح الشعر وقد رفعوا الإنجيل والمباخر بالند والعود ودخل أبو عبيدة من باب الجابية ولم يعلم خالد بن الوليد بذلك لأنه شد عليهم بالقتال.
قال وكان هناك قسيس من قسس الروم اسمه يونس بن مرقص وكانت داره ملاصقة للسور مما يلي باب شرقي الذي عنده خالد وكان عنده ملاحم دانيال عليه السلام وكان فيها: إن الله تعالى يفتح البلاد على يد الصحابة ويعلو دينهم على كل دين فلما كانت تلك الليلة نقب يونس من داره وحفر موضعًا وخرج على حين غفلة من أهله وأولاده وقصد خالدًا وحدثه أنه خرج من داره وحفر موضعًا والآن أريد أمانًا لي ولأهلي ولأولادي قال فأخذ خالد عهده على ذلك وأنفذ معه مائة رجل من المسلمين أكثرهم من حمير وقال لهم: إذا وصلتم المدينة فارفعوا أصواتكم بأجمعكم واقصدوا الباب واكسروا الأقفال وأزيلوا السلاسل حتى تدخلوا إن شاء الله تعالى.
قال ففعل القوم ما أمرهم به خالد رضي الله عنه وساروا ومضى أمامهم يونس بن مرقص حتى دخل بهم من حيث خرج.
فلما حطوا في داره تدرعوا واحترسوا ثم خرجوا وقصدوا الباب وأعلنوا بالتكبير.
قال فلما سمع المشركون التكبير ذهلوا وعلموا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حطوا معهم في المدينة وان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدوا الباب وكسروا الأقفال وقطعوا السلاسل ودخل خالد بن الوليد ومن معه من المسلمين ووضعوا السيف في الروم وهم مختلفون بين يديه إلى أن وصل إلى كنيسة مريم وخالد بن الوليد يأسر ويقتل.
قال الواقدي: والتقى الجمعان عند الكنيسة جيش خالد وجيش أبي عبيدة وأصحابه سائرون والرهبان سائرون بين أيديهم وما أحد من أصحاب أبي عبيدة جرد سيفه فلما نظر خالد إليهم ورأى أن لا أحد منهم جرد سيفه بهت وجعل ينظر إليهم متعجبًا.
قال فنظر إليه أبو عبيدة وعرف في وجهه الإنكار.
فقال: أبا سليمان قد فتح الله على يدي المدينة صلخًا وكفى الله المؤمنين القتال.
قال الواقدي: ما خاطب أبو عبيدة خالدًا يوم الفتح دمشق إلا بالإمارة.
فقال: أيها الأمير قد تم الصلح.
فقال خالد: وما الصلح.
لا أصلح الله بالهم وأنى لهم الصلح وقد فتحتها بالسيف وقد خضبت سيوف المسلمين من دمائهم وأخذت الأولاد عبيدًا وقد نهبت الأموال.
فقال أبو عبيدة: أيها الأمير اعلم أني ما دخلتها إلا بالصلح.
فقال له خالد بن الوليد: إنك لم تزل مغفلًا وأنا ما دخلتها إلا بالسيف عنوة وما بقي لهم حماية فكيف صالحتهم.
قال أبو عبيدة: اتق الله أيها الأمير والله لقد صالحت القوم ونفذ السهم بما هو فيه وكتبت لهم الكتاب وهو مع القوم.
فقال خالد: وكيف صالحتهم من غير أمري وأنا صاحب رايتك والأمير عليك ولا أرفع السيف عنهم حتى أفنيهم عن آخرهم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق