إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

98 فتوح الشام ( للواقدي )



98


فتوح الشام ( للواقدي )


قال الواقدي‏:‏ فلما علم أبو عبيدة أن نيران الحرب قد أضرمت على المدينة أرسل إلى سعيد بن زيد يقول له أسرع بالبطريق إلينا وله الأمان الذي أمنت أنت فنحن لا ننقض لك عهدًا فلما ورد رسول أبي عبيدة على سعيد بن زيد استخلف على الضيعة رجلًا من أصحابه وسار سعيد مع البطريق حتى وردا على الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه فلما وقف البطريق بين يديه ونظر إلى زيه وزي من معه وشهد قتالهم وعظم ما تلقى المدينة من حربهم ووقتالهم حرك البطريق رأسه وعض على أنامله‏.‏ 

فقال أبو عبيدة رضي الله عنه لترجمانه‏:‏ ما لهذا يحرك رأسه ويعض أنامله كأنه يتأسف على شيء فاته قال فأعلمه الترجمان بذلك فأقبل على الترجمان وقال له‏:‏ وحق المسيح وما مسح وحق البيعة والمذبح لقد ظننت أنكم أكثر عددًا من الحصى وأكثر مددًا ولقد كان يخيل لنا عند حربكم وشدة ما نلقى منكم أنكم على عدد الحصى والرمل من كثرتكم ولقد كنا نرى خيلًا شهبًا وعليها رجال وبأيديهما رايات صفر وعليهم ثياب خضر فلما صرت بينكم لم أر من ذلك شيئًا وما أراكم إلا في قلة عدد وما أدري ما فعل جمعكم أبعثتموه إلى عين الجوز أو إلى جوسية أو مكان آخر فأخبر الأمير الترجمان بذلك‏.‏

فقال أبو عبيدة للترجمان‏:‏ قل له يا ويلك نحن معاشر المسلمين يكثرنا الله تعالى في أعين المشركين ويمدنا بالملائكة كما فعل بنا يوم بدر وبذلك فتح الله تعالى بلادكم وحصونكم علينا وأذل ملوككم فلما سمع البطريق كلام أبي عبيدة رضي الله عنه على لسان الترجمان قال‏:‏ لقد وطئتم الشام الذي عجزت عنه ملوك الفرس والترك والجرامقة وما ظننا أن يكون ذلك أبدًا وأما مدينتنا فهي حصينة لا تعبأ بالحصار لأنها مدينة ليس بالشام مثلها بناها سليمان بن داود عليهما السلام لنفسه وعملها دار مقامه وخزانة لملكه ولولا ما سبق من تفريطنا وخروجنا عنها إليكم وانحرافنا عنها ما صالحناكم أبدًا ولا هالنا حربكم ولو أقمتم علينا مائة سنة والآن فقد كان ذلك فهل لكم أن تصالحونا حتى نصالحكم فتعدل فينا فهو أقرب رشدًا لنا ولكم فوحق المسيح والإنجيل الصحيح لئن فتحنا لكم هذه المدينة لا يصعب عليكم في الشام حصن ولا مدينة قال فلما أخبر الترجمان الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه بما قاله قال أبو عبيدة للترجمان‏:‏ قل له الحمد لله تعالى الذي ملكنا أرضكم ودياركم فلا بد أن تؤدوا الجزية وقد ظننت لنفسك أمانًا كاذبًا حتى أراك الله الذل والصغار بعد العز والاقتدار ولا بد لنا أن نملك مدينتكم إن شاء الله تعالى ونقتل الرجال ونأسر الأبطال فمن أراد حربنا وقتالنا فلا يدخل في صلحنا أبدًا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏

فقال البطريق لما سمع ذلك على لسان الترجمان‏:‏ لقد تيقنت أن المسيح قد غضب على أهل هذه المدينة إذ بعث بكم إليها وملككم عليها وقد اجتهدت في حربكم ومكرت بكم وما نفع مكري واجتهادي لأنكم قوم مسلطون إنما طلبت منكم السلم وألقيت يدي في أيديكم بعد جهد مني لا شفقة مني على نفسي ولا بقاء مني على ملكي ولكن أردت صلاح البلاد لأن الله تعالى لا يحب الفساد والآن فهل لكم أن تصالحوا على المدينة وما فيها وعلى أصحابي هؤلاء‏.‏

فقاد له الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه‏:‏ فما الذي تبذل لنا في صلحك‏.‏

قال له البطريق‏:‏ أيها الأمير انظر ما الذي تريده فقال أبو عبيدة‏:‏ لو أن الله فتح على المسلمين من الصلح على هذه المدينة بملئها ذهبًا وفضة ما كان أحب إلي من سفك دم رجل واحد لكن الله تعالى أعطى الشهداء في الآخرة أكثر من ذلك‏.‏

فقال البطريق‏:‏ أنا أصالحكم على ألف أوقية من الفضة البيضاء وألف ثوب من الديباج‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق