إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

90 فتوح الشام ( للواقدي )


90

فتوح الشام ( للواقدي )


  قال الواقدي

‏:‏ وكان على بعلبك بطريق عظيم يقال له هربيس وكان شديد البأس شجاع القلب فلما أتاه الخبر بقدوم عساكر المسلمين جمع رجاله وأهل الحرب وأمرهم بلبس السلاح والعدد وخرج بعسكره وجعل يسير وهو يعلم أن الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه سائر إليهم بجيوش المسلمين فلما انتصف النهار وتراءا الجمعان وكان هربيس معه سبعة آلاف فارس سوى من اتبعه من سواد بلده فلما نظر طوالع جيش أبي عبيدة رضي الله عنه ونظر المسلمون إلى ذلك نادوا النفير النفير فعندما تبادرت الفرسان وتقدمت الشجعان وشرعوا رماحهم وجردوا سيوفهم وصف هربيس رجاله وعباهم تعبئة الحرب فقال له بعض بطارقته‏:‏ ما الذي تريد أن تصنع مع العرب فقال‏:‏ أقاتلهم لئلا يطمعوا فينا فينزلوا على مدينتنا فقالوا له‏:‏ الرأي عندي أن لا تقاتل العرب وارجع سالمًا أنت ورجالك‏.‏

فإن أهل دمشق الشام ما قدروا عليهم ولا ردهم عساكر أجنادين ولا جيوش فلسطين وقد بلغك ما فيه كفاية مما جرى لهم بالأمس مع صاحب قنسرين وصاحب عموربة والعرب المتنصرة وكيف ردهم هؤلاء العرب على أعقابهم منهزمين والصواب أنك تفوز بنفسك وبمن معك وارجع‏.‏

فقال هربيس‏:‏ لست أفعل ذلك ولا أنهزم أمام العرب وقد بلغني أن عسكرهم الكبير على حمص مع الأمير أبي عبيدة الذي كان فيها خالد بن الوليد وهذه غنيمة ساقها المسيح لنا فقال ذلك البطريق الناصح‏:‏ أما أنا فلست أتبع رأيك ولا أقاتل العرب‏.‏
ثم لوى عنان فرسه راجعًا إلى بعلبك واتبعه خلق كثير من القوم وأما هربيس فإنه صف رجاله وزحف يريد القتال فلما نظر أبو عبيدة رضي الله عنه ذلك وأنهم قد عولوا على الحرب صف رجاله وعساكره وقال‏:‏ أيها الناس اعلموا رحمكم الله تعالى أن الله قد وعدكم وأيدكم بالنصر حتى هزم أكثر هؤلاء القوم وهذه المدينة التي أنتم قاصدون إليها وسط ما فتحتموه من البلاد وأهلها قد أكثروا من الزاد والعلا والقوة فإياكم والعجب وانتصروا واغزوا أعداء الدين وانصروا الله ينصركم واعلموا أن الله معكم‏.‏

ثم حمل الأمير أبو عبيدة وحمل المسلمون قال عامر بن ربيعة‏:‏ وعيش عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين ما كان بيننا وبينهم إلا جولة الجائل حتى ولوا الأدبار وطلبوا الأسوار ودخل هربيس المدينة مع أصحابه وفيه سبع جراحات فتلقاه الذي أشار عليه لا تقاتل العرب وقال له‏:‏ وأين غنائم العرب التي غنمتموها فقال هربيس‏:‏ قبحك المسيح أتهزأ بي وقد قتلت العرب رجالي وقد جرحت هذه الجراحات فقال له البطريق‏:‏ ألم أقل لك إنك مهلك نفسك ورجالك‏.‏

قال الواقدي‏:‏ ثم إن الأمير أبا عبيدة سار حتى نزل على بعلبك فنظر إلى مدينة هائلة وحصن حصين والقوم قد أغلقوا الأبواب وقد أحرزوا أموالهم ومواشيهم في جوفها واطلع المسلمون على الأموال كأنها الجراد المنتشر‏.‏

قال فلما نظر الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه إلى البلد وتحصينه وامتناعه وكثرة رجاله وشدة برده وذلك أنه بلد لا يزايله البرد في الشتاء والصيف‏.‏

فقال الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه لخواص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما الرأي في ذلك‏.‏

فاجتمع رأيهم على شورى واحدة وهو أن يحاصروا القوم ويضيقوا عليهم فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه‏:‏ أصلح الله الأمير إني أعلم أن الروم ازدحم بعضهم ببعض من كثرتهم وأظن أن المدينة لا تسعهم وإن طاولناهم رجونا من الله النصر وأن يفتحها الله على أيدينا فقال الأمير‏:‏ يا ابن جبل من أين علمت أن القوم يتضايقون في مدينتهم فقال أيها الأمير إني كنت أول من أسرع بجواده قبل وأشرفت على هذه المدينة والقلعة البيضاء ورجوت أن نلحق سوابق الخيل فرأيت القوم يدخلون المدينة من جميع الأبواب مثل السيل المنحدر والمدينة مشحونة بأهل السواد والقرى والمواشي ودوابهم فيها وقد ضاقت بهم وهذه أصوات القوم في المدينة كأنهم النحل من كثرتهم فقال أبو عبيدة‏:‏ صدقت يا معاذ ونصحت وايم الله ما عرفتك إلا مبارك الرأي سديد المشورة‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق