إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 13 يوليو 2014

361 فتوح الشام ( للواقدي )


361

فتوح الشام ( للواقدي )


قال‏:‏ إن طاريون لما ولاها أبوها الملك وجعل العهد لها ظفرت بأبيها فقتلته وبعثت وراء الملوك على لسان أبيها فلما جاؤوا إليها قتلتهم وإن بعض غلمانها اطلع على سرها فمضى إلى بقية البطارقة والولاة فأخبرهم بما صنعت فلبسوا السلاح وقعدوا على أهبة فلما كان بالأمس ركبت هي في جيش أبيها إلى الميدان وركبنا نحن لركوبها فما علمنا إلا والقوم قد أطبقوا علينا وقالوا لنا‏:‏ أظننتم أن المسيح غفل عن أمركم وأنه لا يؤاخذكم بذنوبكم وقد أمكن الصليب منكم وهموا بأخذنا فقاتلناهم قتالًا شديدًا ما سمع أحد بمثله وملأنا الأرض من قتلاهم فلما جن الليل وضعت الحرب أوزارها وانفصل الجيش مع صاحب أرزن الروم وبقي مع الجارية نفر يسير من غلمانها وغلمان أبيها فأفاضت عليهم الخلع والنعم وبعثت إلى الأرمن تقول لهم‏:‏ إنما فعلت ذلك شفقة عليكم وصونًا لحريمكم لأنهم أرادوا أن يقبضوا على هؤلاء العرب ويقتلوهم فكان أصحابهم لا يتركون منكم مخبرًا فلما بلغهم ذلك قال العقلاء منهم‏:‏ والله لقد فعلت معنا كل خير وأجابها من القوم خمسة آلاف رجل وإني تركت المصف وجئت إليكم مستنفرًا فلما سمع عياض كلام سعيد أمر الناس بالرحيل وسار سيرًا خفيفًا وخببًا إلى أن أشرفوا عليهم وإذا بالحرب قد قامت على ساقها فكبر عياض ومن معه فارتخت منهم تلك الأرض والجبال وحملوا وكان خالد وأصحابه قد أرضوا الله بقتالهم فقاتلوا قتالًا ما سمع على وجه الأرض بمثله ولم يزالوا كذلك حتى انقشع الغبار وانفصل القتال وافتقدوا من قتل فوجدوا من قتل من بادية الأعراب مائة وعشرين رجلًا وافتقد معاذ بن جبل ولده فلم يجده فلما جن الليل دخل ومعه رجال من المسلمين إلى المعمعة فوجدوه يجود بنفسه وقد ناله جراحات فحملوه إلى رحله وجلس أبوه عند رأسه‏.‏

فقال عبد الرحمن بن غنم أخو عياض‏:‏ لما رأيته يجود بنفسه بكيت وانتحبت‏.‏

فقال له‏:‏ مه وهذه الغزوة أحب إلي من كل غزوة غزوتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

ثم قال له‏:‏ يا بني ستلقى ربك وكان لما أذن المؤذن للظهر فما انصرف العسكر من صلاتهم إلا وقد كفنه في دراعته وهو متضمخ بدمائه فجاءه الناس فوجدوه قد دفنه فقالوا له‏:‏ يرحمك الله هلا كنت انتظرتنا حتى نحضر جنازته‏.‏

قال‏:‏ ليس ذلك من السنة فإن ذلك في الجاهلية وقد كنا نشتهي أن نبطئ بموتانا ولكنا أمرنا بإنجاز موتانا فلما دفنه في القبر ورجع إلى رحله غسل رأسه ولحيته واكتحل ولبس برديه وأتى إلى خيمة عياض وهو يكثر من الابتسام والتكبير وليس به إلا ما يسليه عن ذلك وقال‏:‏ هنيئًا لك يا ولدي‏.‏

فقال له عبد الرحمن‏:‏ وماذا قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏من مات له ابن وكان به ضنينا وكان عليه عزيزًا فحسن عليه عزاؤه ولم ير منه شيء في قضاء الله إلا غفر له وللميت وأبدله دارًا خيرًا من داره وأهلًا خيرًا من أهله وزوجه الله من الحور العين‏)‏‏.‏

ولما طلع النهار ركب المسلمون وطلبوا الجهاد وإذا بخيل قد أتت وعليها فرسان بغير سلاح فلما قربوا منهم ترتجلوا وقصدوا الأمير فابتدر إليهم يوقنا وقال لهم‏:‏ من أنتم قالوا‏:‏ نحن أصحاب أرزن الروم وهذا مقدمنا وأشاروا إلى شيخ منهم حسن الشيبة فراطنه يوقنا‏.‏

فقال‏:‏ إن الله دلني عليكم ربت الليلة على نية القتال فرأيت المسيح ابن مريم في النوم وهو يأمرني باتباع محمد وقال لي‏:‏ إن نبي هؤلاء العرب هو الذي بشرت به فمن عدل عنه فليس مني فلما سمع يوقنا قوله ترتجل هو وجميع من كان معه ومشوا معه إلى عياض وحدثه بجميع ما جرى فقام له وصافحه هو والمسلمون وحدث عياضًا بما حدث يوقنا ثم أسلم هو ومن معه ففرحت بذلك الجارية طاريون وسلمت إليه أختها وسار بها إلى أرزن الروم وأرسلوا معه عشرة من المسلمين ليدعوا أرزن الروم إلى الإسلام ويعلموهم شرائع الدين‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق